آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 01:21 ص

تحقيقات وحوارات


قيادي إشتراكي : الانقلاب بدأ أواخر 2011 ومجرمي الحرب لن يفلتوا ( حوار)

الأحد - 16 أبريل 2017 - 11:18 م بتوقيت عدن

قيادي إشتراكي : الانقلاب بدأ أواخر 2011 ومجرمي الحرب لن يفلتوا ( حوار)

حاوره/ عرفات الأهدل

أكد الدكتور محمد المخلافي٬ نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني٬ ضرورة أن يساق من ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إلى المحاكم٬ لافتا إلى أهمية التفريق بين المجرمين بصفتهم أفرادا٬ وبين القوى الاجتماعية التي قادوها إلى الحرب.
وقال المخلافي في حوار مع صحيفة الشرق الاوسط ان الانقلاب طبق استراتيجية الفشل من أول يوم من تشكيل حكومة الوفاق الوطني٬ بدءا بضرب المنشآت الحيوية في البلاد كتفجير أنابيب النفط وأبراج الكهرباء وإعاقة نقل السلطة وإعاقة تطبيع الحياة العامة واستتباب الأمن. وكانت مؤشرات إعداد تحالف الثورة المضادة وحلفائها الإقليميين للانقلاب والحرب الأهلية ليست خفية٬ وساعد في ذلك٬ إبقاء مؤسسات الدولة بيد المخلوع صالح� زعيم الانقلاب.
وفيما يلي نص الحوار..


* ما مخاطر الاتجاه إلى إعلان حالة الطوارئ في المحافظات الخاضعة لسلطة الانقلابيين؟
إعلان حالة الطوارئ من قبل جماعة متمردة وخارجة عن القانون ليس له من دلالة سوى الإعلان عن المزيد من أعمال التعدي على الحقوق والحريات٬ واستباحة الدماء والأموال٬ وبالتالي٬ يكون المواطنون اليمنيون الخاضعون لسلطة الانقلاب قد وضعوا في طابور الموت؛ الأمر الذي يستوجب من قوى السلام والمدافعين عن حقوق الإنسان في كل العالم السعي لرفع هذا الخطر عن كاهل اليمنيين بإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة.
* هناك تحذيرات بأن اليمن مقِدم على أكبر كارثة إنسانية في العالم... فهل ممكن منع حدوثها في ظل استمرار الحرب؟
� مؤشرات هذه الكارثة ماثلة أمامنا٬ فهناك أكثر من 3 ملايين مشرد في الداخل والخارج٬ وهناك أكثر من 7 ملايين يمني يعانون المجاعة٬ ولا سيما في محافظات الحديدة وتعز وصنعاء. نحو 19 مليون مواطن يمني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة٬ والسبب الرئيسي بالتأكيد هو الحرب٬ ومن غير المتصور إيقاف حدوث الكارثة الإنسانية في ظل الحرب٬ وهناك عوامل إضافية زادت الأزمة استفحالاً تتمثل في وقف دفع رواتب موظفي الدولة٬ وتح ّكم الميليشيات في المساعدات الإنسانية٬ والحصار المضروب على المحافظات٬ مثل محافظة تعز٬ وبيع السلع التي تمثل احتياجات أساسية للمواطنين في السوق السوداء من قبل الميليشيات وتجار الحروب٬ وفرض إتاوات على السلع التجارية عند دخولها محافظات صنعاء وذمار وعمران٬ وقلة الاهتمام العالمي بهذه الكارثة٬ وبالتالي٬ ضعف المساعدات الأممية بالضحايا.
* إلى أي مدى أثر تعطيل إصدار قانون العدالة الانتقالية على مجريات الأحداث بالاتجاه السلبي؟ وهل الوقت متاح لإصدار قانون في الظروف الراهنة؟
� العدالة الانتقالية كانت وما زالت ضرورة لتجاوز آثار صراعات الماضي وانتهاكات حقوق الإنسان وزادت اليوم إلحاحاً؛ لأن الحرب قد جعلت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أكثر حجماً واتساعا٬ واليوم٬ الحاجة ليس إلى جبر ضرر مئات الآلاف من ضحايا الصراعات السياسية السابقة٬ بل نحن في حاجة إلى العدالة الانتقالية لعودة الملايين من المشردين إلى ديارهم٬ واستعادة مساكنهم وأراضيهم وممتلكاتهم. والعدالة الانتقالية هي من الآليات الرئيسية لفترة ما بعد الصراعات٬ لكي يتم الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية ومن الحرب إلى السلام٬ وكانت من الأسباب التي مّكنت الثورة المضادة من الانقلاب٬ هي عدم تحقيق العدالة الانتقالية وعدم هيكلة مؤسسات الجيش والأمن٬ إضافة إلى التعثر في نقل السلطة.
* ما الذي أعاق إصدار قانون استرداد أموال الشعب المنهوبة حتى الآن؟ وهل يشترط لإصداره الآن إجراءات محددة؟
� في فترة التوافق الوطني أعيق مشروع إصدار قانون استرداد الأموال المنهوبة في الحكومة من ِقبل وزراء النظام القديم٬ ومع ذلك اتخذ قرار من مجلس الوزراء بموافقة الكتلتين: اللقاء المشترك وشركاؤه٬ والمؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه على تكليف رئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة بطلب الاستشارة من الأمانة العامة للأمم المتحدة بشأن مدى صلاحية مشروع القانون المقدم من وزارة الشؤون القانونية على ضوء التجارب العالمية في هذا الشأن٬ ولكن الانقلاب سبق مسعى رئيس الوزراء آنذاك٬ وأطاح بالحكومة قبل أن تُ نجز هذه المهمة٬ لكن هناك خيارات تتمثل بإصدار مرسوم رئاسي ُيعمل به حتى تتوافر الظروف لإصداره قانونا.

* كيف تقّيمون ما آلت إليه أوضاع البلد اليوم٬ وهل لا يزال للسلام موقع في الأفق برأيكم؟
� اليمن اليوم وصل إلى مآلات كارثية اقتصادية واجتماعية وسياسية٬ وهو يواجه اليوم تحدي الوجود من الداخل والخارج٬ وإطالة مدى الحرب تزيد من عقبات تحقيق السلام وصعوبة إعادة البناء والإعمار٬ والأمر الأكثر خطورة هو أن العالم بدأ يصرف النظر عن الاهتمام بحرب اليمن؛ الأمر الذي يتطلب منا � الداعيين للسلام والمتمسكين بشرعية الدولة ومن العالم العربي٬ وفي مقدمتها دول الجوار المتمثلة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية � أن يستعيد الاهتمام الدولي بالقضية اليمنية ومسار السلام.
* هل تعتقدون أن الانقلاب جاء على عجل وعلى خلفية مخرجات الحوار الوطني... أم دّبر خلال سنوات طوال من التآمر على اليمن؟
� الانقلاب جاء نتيجة لاستراتيجية الفشل التي اعتمدها النظام القديم من أول يوم من تشكيل حكومة الوفاق الوطني٬ والبدء بمرحلة الانتقال الديمقراطي٬ بدءا بضرب المنشآت الحيوية في البلاد كتفجير أنابيب النفط وأبراج الكهرباء وإعاقة نقل السلطة وإعاقة تطبيع الحياة العامة واستتباب الأمن. وكانت مؤشرات إعداد تحالف الثورة المضادة وحلفائها الإقليميين للانقلاب والحرب الأهلية ليست خفية٬ وساعد في ذلك تجاهل القوى الداعمة إلى التغيير المشاركة في السلطة لمتطلبات منع الانقلاب٬ ومن ذلك٬ إبقاء مؤسسات الدولة بيد الرئيس السابق � زعيم الانقلاب٬ ومنها٬ مؤسسات الجيش والأمن٬ رئاسة مجلس النواب٬ مجلس الشورى٬ المجالس المحلية بعد انتهاء ولايتها القانونية ومؤسسات الرقابة القضائية وغير القضائية٬ ومرد ذلك هو توقف الأحزاب الداعمة للتغيير الممثلة باللقاء المشترك وشركاؤه عن مؤازرة التغيير وممارسة موقف الخذلان لبعضها٬ وللطرف الممثل لها في الحكومة وانصرافها لاهتمام كل حزب بشؤونه الخاصة٬ ولم تستيقظ من سباتها لا السلطة ولا الأحزاب السياسية الداعمة التغيير حتى بعد صدور قرارات مجلس الأمن القاضي بفرض عقوبات على معرقلي العملية السياسية الذين كانوا يعدون للانقلاب٬ وعلى رأسهم علي عبد الله صالح وعائلته وعبد الملك الحوثي وعائلته٬ ومن ثَّم٬ كانت ثلاث سنوات كافية للإعداد للثورة المضادة والانقلاب وعلى مهل وترو٬ علاوة على ما عانته الحكومة من خذلان دولي بعدم الدعم الاقتصادي للبلاد٬ الذي كان سيلعب دوراً مهماً في تحقيق انتقال ديمقراطي آمن.
* هل اليمن مرشح لأن يكون ساحة لصراعات دولية مستقبلية؟
� مع الأسف الشديد٬ اليمن من البلدان التي تُستغل فيه النزعات الطائفية ووهم السلالة لجعلها ساحة للصراع بين العروبة ومستهدفيها٬ والحرب الدائرة اليوم كان مصدرها استهداف العروبة من قبل أطراف إقليمية طامحة لإعادة العرب إلى حظيرة سيطرة قديمة صارت في ذمة التاريخ٬ وهي أحلام لن تتحقق٬ لكنها قادرة على تدمير العالم العربي بسلاح الطائفية والإرهاب٬ وهذا هو السبب الأول لما يجري في كل من اليمن وسوريا والعراق وليبيا٬ واستهداف مصر وتونس عبر الإرهاب.
* أين موقع الحزب الاشتراكي في الجنوب اليوم؟ وما دوره الفعلي؟
� اليمن شماله وجنوبه يعاني من تغييب الفضاء السياسي وملء الفراغ العام بمراكز النفوذ والقوة وحملة السلاح والمتمترسين وراءه٬ ودعوات الكراهية والتشظي. أدى ذلك إلى تهميش الأحزاب السياسية كما سبق وأن أشرت في كل اليمن٬ وجعل أصحاب المشروعات الخاصة يدعون إلى العودة إلى ما قبل الدولة٬ وإلى ما قبل تشكل نواة المجتمع المدني في اليمن٬ ويدعون إلى الكراهية ضد الأحزاب السياسية٬ ولا سيما الحزب الاشتراكي اليمني الذين يدركون أنه في طليعة الأحزاب السياسية المدنية الذي يعمل من أجل تحقيق تحول ديمقراطي في اليمن وإقامة الدولة المدنية الحديثة٬ دولة المواطنة والحقوق المتساوية٬ والعدالة الاجتماعية٬ والتحديث والتقدم.
من هنا٬ فإن مهمتنا الأولى هي استعادة الدولة لكي تستطيع الأحزاب السياسية٬ ومنها الحزب الاشتراكي اليمني استعادة فاعليتها الجماهيرية في الجنوب والشمال؛ وهو أمر ملح لاستعادة الاندماج الاجتماعي واستعادة الرابطة السياسية بين اليمنيين٬ ولا بد من إزالة العوائق أمام هذا الدور بتوفير الشروط الأمنية والقانونية من قبل السلطة للعمل الآمن.
* أين يقف الحزب الاشتراكي اليمني من مسألة الإرهاب٬ من زاوية أنه اكتوى بناره مطلع تسعينات القرن الماضي؟
للتطرف والإرهاب٬ وكان٬ ولا يزال٬ يدعو إلى ضرورة إيجاد استراتيجية وطنية وقومية وعالمية متكاملة لمكافحة
� الحزب الاشتراكي اليمني كان٬ ولا يزال٬ خصماً التطرف والإرهاب٬ ويرى أن خطة السلام في اليمن المأمولة يجب أن تشمل أسس استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب تكون كل الأطراف والأحزاب السياسية المناهضة للتطرف والإرهاب شريكة في وضع هذه الاستراتيجية وتنفيذها٬ والحزب الاشتراكي اليمني يرى أن إطالة أمد الانقلاب والحرب يخلق بيئة حاضنة ومواتية للتطرف والإرهاب بشكل أكبر٬ وبالتالي٬ يدعو الجميع إلى العمل من أجل استعادة الدولة واحتكارها للسلاح واستعادة التنمية فيها لكي تتمكن هذه الدولة من القضاء على الإرهاب.
* في رأيكم٬ هل يمكن أن يكون للحوثيين وصالح موقع في المستقبل بعد انتهاء الانقلاب... بأي صورة؟
� السلام الذي سيخرج اليمن من أزمنته الراهنة وينهي الحرب فيه بإنهاء الانقلاب٬ لا بد أن يكون نتيجة مساومة تاريخية بين الأطراف المتصارعة٬ وفي إطار وفاق وطني ثانياً٬ وهذا يقتضي عدم استبعاد أي طرف وطني٬ ولكن لا يعني بالضرورة إفلات الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة من العقاب٬ ويجب التفريق بينهم بصفتهم أفرادا وبين القوى الاجتماعية التي قادوها إلى الحرب٬ فعدم إفلات هؤلاء من العقاب لا يحول دون اشتراك الأطراف السياسية والاجتماعية التي قادوها في أي تسوية سياسية٬ والتعامل معهم ليس كقوى عسكرية٬ وإنما كقوى سياسي بعد تسليم السلاح للدولة؛ ومن أجل تحقيق السلام نحن في حاجة إلى شجاعة عالية للسمو فوق الجراح٬ والتحلي بأخلاقيات وقيم التسامح والقبول بالآخر المختلف.