آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 04:40 ص

ثقافة وأدب


اليونيسكو تدرس طلباً لإدراج الدان الحضرمي في قائمة التراث الثقافي العالمي

الخميس - 26 مارس 2020 - 01:00 م بتوقيت عدن

اليونيسكو تدرس طلباً  لإدراج الدان الحضرمي في قائمة التراث الثقافي العالمي

عدن تايم - وكالات :

تدرس منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، حالياً، طلباً رسمياً قدمته وزارة الثقافة اليمنية، اليوم الأربعاء، لإدراج فن الدان الحضرمي في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.



وأرفقت الحكومة اليمنية طلبها بملف متكامل عن فن الدان الحضرمي، أعدته لجنة متخصصة من وزارة الثقافة، بحسب شروط واتفاقية اليونسكو 2003م.



ويعدّ الدان الحضرمي من أهم مفردات الموروث الشعبي الغنائي في اليمن.



وليس معلوما على وجه الدقة تاريخ نشأة الدان وإن كانت بحوث واستدلالات بنصوص شعرية قديمة تشير إلى ظھوره في القرن العاشر الميلادي.



وترجع كثير من المصادر التي أرّخت للدان ظهوره في حضرموت إلى القرن العاشر الميلادي، ويستشهدون على ذلك بأبيات عامية للشاعر عمر عبد الله بامخرمة (توفي عام 1545) أشار فيها إلى جلسات الدان، وأكثر فيها من مفردة "الدان" ومشتقاتها.



ويعدّ الفنان الراحل محمد جمعة خان (توفي عام 1963) أول من طوع هذا الفن للموسيقى، غير أن الدان اكتسب شهرته في الجزيرة العربية على يد الفنان الراحل أبوبكر سالم بلفقيه، الذي سجل كثيرا من أغاني الدان في بيروت والقاهرة منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى ألبوماته الأخيرة قبل وفاته.



والدان فن غنائي جماعي يلبي بطريقة أدائه رغبات كل الحاضرين في جلساته، ويتيح لهم المشاركة شعرا أو غناء.



وقد عرف بهذا الاسم لاعتماده على كلمة "دانْ" وتشكيلاتها كلازمة صوتية في كل مقاطعه.



وتبدأ جلساته بحضور شعراء متخصصين في شعر الدان، وبحضور منشدين يُشترط فيهم عذوبة الصوت والقدرة على تتبع ألفاظ الأبيات لفظا بعد آخر.



ومع اكتمال المجلس يبدأ أحد المنشدين بغناء بيت من الشعر يصاغ كلّه من كلمة "دان" وتشكيلاتها على نمط معروف مسبقا، وبطريقة أشبه بالموال، ثم يرتجل أحد الشعراء الحاضرين بيتا باللهجة العامية على وزن هذا القالب، فيؤديه المنشد بالطريقة اللحنية التي أدى بها بيت "الدان" الأول، ثم يرتجل شاعر آخر بيتا ثانيا على نفس الوزن والقافية، ليأتي بعد ذلك دور المنشد.



وهكذا تدار بقية جلسة الدان، وكلما كثر عدد الشعراء ازدادت الإثارة، ويُشترط أن لا تتكرر القوافي، فإذا ما وقع شاعر في هذا الخطأ نُبه إلى ذلك، وإذا ما شعر الحاضرون بنفاد القوافي انتقلوا إلى قافية أخرى، وهنا يبدأ الشاعر بيته بعبارة "خرجْ ذا فصل والثاني"، أو ما في معناها.



هذا هو الأصل في جلسات الدان، وقد تخرج عن ذلك باستدعاء أغان قديمة للدان يؤديها فنان، كنماذج رائعة أصبحت حاضرة في هذا الفن في معظم المدن الحضرمية كتريم وسيئون والشحر والمكلا.



وتعقد جلسات الدان في المقايل والأسمار تحت ظلال النخيل، في الساحات العامة أو المجالس العربية وسط روائح البخور الآسرة، ورنين فناجين الشاي الحضرمي الأصيل.



حينها يحضر الشعر ويحلو الغناء، ويرحل الحاضرون إلى عوالم ممتعة من السحر، ترسم ملامحَها الكلمات الجميلة والأصوات العذبة التي اشتهرت بها حضرموت الفن على مدى عقود متتابعة.



وللدان الحضرمي ألوان عدة أشھرھا (الدان الغياضي) نسبة إلى (وادي غياض) المتصل ب(وادي دوعن) الشھير ويشيع أداؤه في وديان (حضرموت) وصولاً إلى ساحلھا الغربي و(دان الھبيش) الذي يؤدى في المناطق الساحلية الواقعة بين مدينتي (الشحر) و(المصينعة).



وھناك أيضا (الدان الشبواني) وھو دان يؤدى في سواحل (حضرموت) انطلاقاً من مدينة (الشحر) التي يرجح أنھا موطن نشأته. أما (دان الريض) الذي اتخذ اسمه من الطريقة التي يؤدى بھا فھو يؤدى بإيقاعات وألحان بطيئة مقارنة بغيره من الدانات وينتشر في مدينتي (سيئون) و(تريم) لكنه يشذ عن غيره من الدانات في أنه يؤدى دون أن يصاحبه الرقص.



وفي ورقة بحثية بعنوان (التقنيات الموسيقية في ألحان الدان) يصنف الباحث طارق باحشوان "الدان ضمن مصنف الغناء التقليدي تمييزا له عن الغناء البدائي والشعبي".



ويعرف باحشوان الدان بأنه "قالب موسيقي محكم يتكون من عبارات وجمل لحنية على شكل مقاطع يساوي فيھا كل مقطع لحني مقطعا شعريا مع استخدام لفظة (دان) قبل أن تدخل الكلمة حتى يتمكن الشعراء من استيعاب الوزن الشعري (البحر) فيقومون بتعبئة ھذه المقاطع شعرا من خلال المساجلات الارتجالية الشعرية التي تتناول العديد من الموضوعات السياسية والعاطفية والاجتماعية في جلسات خاصة بذلك".



أما الأصل اللغوي للدان فيسود الاختلاف بشأنه إذ تذھب الآراء حوله مذاھب شتى يبرز من بينھا رأيان مختلفان يقول بھما فريقان من دارسي الدان وخبرائه.



ففي حين يعيد الفريق الأول أصل كلمة الدان إلى الدندنة التي تعني الكلام الخفيض الذي يسمع ولا يفھم يرى الفريق الثاني أن الدان مشتق من الدنو الذي يعني الاقتراب.



ويستحسن الباحث الراحل في الدان علي أحمد بارجاء الرأي القائل باشتقاق الدان من (الدنو) وذلك في ورقة بحثية بعنوان (الدان الحضرمي.. بحث في المصطلح اللغوي- محاولة للتأصيل) قدمھا إلى ندوة ثقافية اقيظت مؤخرا في سيئون ضمن أنشطة وزارة الثقافة التحضيرية لإعداد الملف الذي سيقدم لليونسكو.



واشتھر من بين شعرائه عمر عبدالله بامخرمة وحداد بن حسن الكاف وحسين المحضار.



أما مطربو الدان فاشتھر منھم كثيرون أبرزھم سعيد عوض وحداد الكاف وكرامة مرسال وأبوبكر سالم بلفقيه والأخير شكل مع الشاعر الغنائي حسين المحضار أشھر ثنائي غنائي في التاريخ الحديث للدان الحضرمي.



كما يعود الى ھذا الثنائي الفضل في ذيوع الدان خارج (حضرموت) واليمن بواسطة أغانيه التي اشتهرت في بلدان الجزيرة العربية والوطن العربي بشكل عام.