آخر تحديث :الأربعاء - 24 أبريل 2024 - 01:50 م

اخبار عدن


متغيرات الساحة اليمنية

الجمعة - 04 ديسمبر 2015 - 10:50 ص بتوقيت عدن

متغيرات الساحة اليمنية

كتب/ عمر عبدالعزيز

من المؤكد أن الحراك الأفقي والرأسي في الساحة اليمنية أمر مشهود، قياساً بحالة الاحتدام الكبير القائم بين الشرعية من جهة، وتحالف الحوثي وصالح من جهة أخرى. غير أن هذه الثنائية تخفي في طياتها بروز قوى جديدة وأخرى قديمة، وباستمرار الحال على ما هي عليه؛ من دون حسم واضح، ستصبح هذه القوى مشاريع يقودها أمراء حرب جدد، وميليشيات عملياتية فوضوية، وقد تشهد الساحة اليمنية ما هو أسوأ من الماثل اليوم، الأمر الذي يقتضي من فرقاء الشرعية اليمنية الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الجسيمة الملقاة عليهم، طالما ظلوا في سدة الحكم والحكومة، وأول الطريق في هذا الدرب يتمثل في الشفافية الداخلية المطلوبة، ما يؤدي إلى التماسك ووحدة الرؤية، والتنفيذ الرشيق للأهداف الرئيسية المطلوب إنجازها فوراً، في المناطق المحررة من الميليشيات، وفي مقدمتها مدينة عدن.

كما أن ضم المقاومة الجنوبية للمؤسسات العسكرية النظامية خطوة ملحة لاستباق تحولها إلى ميليشيات مسلحة فوضوية يقودها أمراء حرب جدد، وعلى أن تستمر المتوالية حالما تنعتق تعز الكبرى من محنة الهجمات الهمجية (الحوثصالحية)..
وهنا لابد من الإشارة إلى أن تحرير تعز يتسم بطابع مركزي في الصراع الراهن، ذلك أن المدينة تمثل صمام الأمان الاستراتيجي لعدن ولحج، كما تمثل درب الانتقال السالك صوب المناطق الوسطى والتهائم اليمنية، ومن هنا وجب التفريق بين قراءة التعددية القائمة في تعز من الناحيتين التكتيكية والاستراتيجية، ما يقتضي تلاحم روافد المقاومة وتكاملها الفعلي مع الدعم الجنوبي والحضور الفاعل لقوات التحالف العربي. تعز تمثل التحدي الأكبر بعد عدن، ومن دونها يستحيل دحر الحوثيين ومناصري صالح.
هذا المشهد الملحمي يتطلب قدراً كبيراً من استبصار الأوليات، وتأجيل الخصومات الصغيرة من أجل الهدف الكبير، وعلى أن تمثل الشرعية اليمنية المثال الأكثر نصوعاً في ثقافة الحوار والتوافق والصبر على المكاره. وقبل هذا وذاك تحقيق إنجازات واضحة على الأرض.
على مصفوفة الشرعية الجديدة القيام بكل ما يلزم لتدوير الخدمات الرئيسية، وإعادة الإعلام الحكومي للعمل، وتحرير تعز، وضم المقاومة للجيش والشرطة الوطنية، وتعزيز إيرادات الدولة في المناطق المحررة، والتصدي العملي لإجراءات الحوثيين المالية والإدارية ضد عموم المنتسبين للوظيفة العامة، وتشديد الحصار على منابع السلاح والتجارة غير المشروعة بكل ألوانها، فالشرعية اليمنية تفقد أي بريق، إذا لم تتخل منهجياً وتتنازل إجرائياً عن كامل المنظومة السابقة في الإدارة والتسيير، ذلك أنها لا تنطلق من فراغ كما يريد البعض تسويقه، بل من بقايا دولة ومؤسسات حقيقية، يمكنها استكمال قواعدها وأركانها بالإرادة والعمل الصبور المثابر على مختلف الجبهات.
قلنا إن ثنائية الشرعية والحوثية لا تلغي الحقيقة الموضوعية الماثلة، والتي تشكل التحدي الأكبر للشرعية اليمنية، ففي المدن خلايا التطرف المدمر، وجماعات الفوضى الاستيهامية، ودراجات القتل الناري، وملايين لصوص المال العام التي ينتهبها المتفرغون للصعلكة والبلطجة، والمحفزات المناطقية الصغيرة الواعدة بأمراء حرب ميدانيين قبائليين على الأرض، ومافيات المال والسلاح التي تجد في الفوضى فرصة سانحة لمزاولة عملها التخريبي ضد مشروع الدولة والنظام والقانون.
لقد عرف الصومال الشقيق مثل هذه الحالة، وقبلها لبنان الشقيق الذي ما زال يدفع حتى يومنا هذا ثمن الحرب الأهلية الطائفية، كما يدفع الصوماليون حتى يومنا هذا ثمن الحرب الأهلية المديدة.
تتغير المعادلات الميدانية اليومية بوتائر سرطانية، وتتحرك العوامل الإقليمية والدولية نحو متاهة متجددة بقدر تنامي أجندات ما قبل الحرب وبعدها، واليمنيون هم المعنيون أولاً وثانياً وثالثاً بالفعل الأكثر جوهرية في تقديم الحول السياسية والميدانية العاقلة.

الخليج