آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 05:48 م

قضايا


عدن تايم في منزل الشهيد جعفر.. الراحل الخالد في ذاكرة عدن ( ملف خاص)

الخميس - 08 ديسمبر 2016 - 05:29 م بتوقيت عدن

عدن تايم في منزل الشهيد جعفر.. الراحل الخالد في ذاكرة عدن ( ملف خاص)

ملف أعده/ فتاح المحرمي

اليوم بعد مرور عاما كامل على الجريمة الإرهابية القاسمة، التي استهدفت حلم الدولة المدنية ممثلا بمحافظ عدن السابق الشهيد اللواء جعفر محمد سعد، بات سكان مدينة عدن، يدركون جيدا لماذا لم تدم فرحتهم طويلاً بتولي الرجل قيادة المحافظة؟، بعدما تطاولت أيادي الغدر والإجرام والإرهاب، وأقدمت على اغتياله بعد مرور نحو 58 يوماً فقط على تعيينه، وذلك في صبيحة الـ 6 من شهر ديسمبر من العام الفائت 2015م من خلال استهداف موكبه بسيارة مفخخة بمدينة التواهي في وضح النهار لتستفيق عدن على هول الفاجعة المؤلمة التي ستظل تراودهم ذكراها مدى الزمن.
جمع الفقيد جعفر محمد سعد الهامة الوطنية الكبيرة وأحد أبرز قادة تحرير عدن من الميليشيات الانقلابية التابعة لجماعة الحوثي والمخلوع علي عبدالله صالح، إلى جانب صفاته الشخصية المدنية والعسكرية، جمع حب السكان ومدينة عدن الذين أحبوه وهو بالمقابل أحبهم ولم يبخل عليهم بروحه مقابل تأمين حياة كريمة وآمنة ومستقرة لهم، وبالفعل كلفته جهوده وحبه لأبناء ومدينة عدن روحه الطاهرة التي لم ولن ينسوها كونها تميزت بالبساطة والعفوية ورؤية الجميع أمامه بعين واحدة.
إلى مزبلة التاريخ، كان مصير منفذي اغتيال الشهيد جعفر الذين لا يعرفهم أحد وأصبحوا أثراً بعد عين، فيما لا يزال محب عدن وسكانها خالداً في ذاكرة المدينة وقلوب كل من أرقت وانهمرت دموع عينيه لأجلهم.
وزارت عن تايم المنزل المتواضع الذي ولد وعاش فيه الشهيد والواقع في حي الهاشمي بالشيخ عثمان، كانت روح الشهيد جعفر حاضرة بيننا.. وفي صورة أخيه الأكبر خلال زيارتنا ارتسمت لنا صورته التي صادفناها في تغطيات إعلامية، حيث غلبت فيه تعابير الفخر والاعتزاز بمقام الشهيد على تلك الدموع التي سآلت من عيون شقيقاته أثناء حديثهن وحديث شقيقهن الأكبر.

عدن تايم في منزل الشهيد جعفر..

فلم تكن مغادرة الشهيد اللواء جعفر محمد سعد لعدن باختياره، عقب أحداث يناير المشؤومة مضطراً، ويؤكد إخوانه وأفراد أسرته أنه لم ينقطع عن التواصل معهم والسؤال على عدن وعن الأوضاع فيها فهو - أي الشهيد جعفر - كان يعتبر مدينة البحر والجبل أمه الثانية ودوماً يُحدث أهله بأن عودته إلى مدينته يعتبر حلماً يسعى لتحقيقه، والحديث لشقيقته الصغرى "منى" التي كانت تتحدث إلينا وهي تذرف الدمع من عيونها.
وتضيف "منى" بأن قرار عودة الشهيد جعفر كان دون علم مسبق للأسرة في الداخل حيث زف إليهم بشرى عودته إلى عدن بعد أن وصل المدينة، وحين أبلغها بعودته لم تكن مصدقة فقال لها حينها إن لم تكوني مصدقة انظري إلى الرقم الذي هاتفتك منه، فحلت الفرحة لدى أفراد أسرته جميعاً، واشارت "منى" إلى أن زوجة الشهيد لم تستطع أن تغير موقفه من العودة وأصر على العودة إلى عدن وحقق حلمه الذي طالما كان يسعى لتحقيقه.

إصابته خلال اعتقال الصبيحي ورجب ومنصور وتحرير عدن

وتوثق صورة لقائد معركة تحرير عدن وكاتب خطة النصر الشهيد اللواء جعفر محمد سعد وهو يجلس أمام نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء السابق المهندس خالد محفوظ بحاح وإطلاعه على تفاصيل خطة التحرير والنصر، صورة تحكي فصلاً من فصول تاريخ عدن الحديث.
وبدوره يقول "صالح" شقيق الشهيد إن شقيقه عاد إلى عدن عقب استكمال علاجه وتحديداً قبل أسبوع من رمضان لينضم عقب عدوان صالح والحوثي على عدن وسيطرتهم على أربع مديريات فيها إلى قيادة معركة تحرير عدن برفقة قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء أحمد سيف اليافعي وقيادة التحالف العربي وكان يعمل ليل نهار ولا ينام إلا جزءً يسيراً حتى تمكنوا من تحرير عدن.
وتكشف شقيقة الشهيد "فريدة" أن الشهيد جعفر قد أصيب بطلقتين تحت الكلى حين كان برفقة وزير الدفاع محمود الصبيحي واللواء فيصل رجب ووكيل جهاز الأمن السياسي ناصر منصور شقيق الرئيس هادي في زيارته للعند، حيث اعتقل الثلاثة فيما أصيب اللواء جعفر ولم يعرف يومها الحوثيين وقوات صالح الرجل حينما ضنوا انه احد الجنود المشاركين في المعركة، وتم إسعافه من قبل الأهالي، إلى أطباء بلا حدود ومن ثم تم نقله إلى أحد منازل إخوانه ليستكمل العلاج بصورة سرية قبل أن يتم نقله للعلاج في المملكة العربية السعودية، وأكمل عملية علاجه ليعود بعدها بأشهر قائداً لتحرير مدينة عدن ومحيطها وفقاً لخطة ناجحة قدمها لدول التحالف العربي.

المحافظ الذي لم يمنح نفسه أو أحد مقربيه قطعة ارض

في الثامن من أكتوبر صدر قرار تعيين الشهيد جعفر محافظاً لعدن فعاد إلى عدن قادماً من السعودية في 15 أكتوبر لممارسة مهامه وتواصل مع مختلف الشخصيات في عدن ليكونوا عوناً له في مهامه، حد قول شقيقه صالح.
وعقب شهر من تولي الشهيد جعفر قيادة محافظة عدن دعا أفراد عائلته إلى لقاء في منزلهم بحي الهاشمي، ويقول شقيقه "صالح" إنه وحين قدم إلى البيت رفض أن يرافقه الحراسة الخاصة فدخل المنزل بمفرده بعد أن دعا جميع إخوانه وإخواته وأحفادهم جميعاً، فقال لجميع أفراد عائلته بلغة المحب والعاشق لمدينته والساعي لخدمتها: دعونا نخدم عدن كل من مكانه ومركزه ومجاله فصحيح أنني الآن محافظاً لعدن، ولكن هذا تكليف وليس تشريف ولن أقبل أن يتردد أحدكم على باب مكتبي، فأنتم استمروا وعيشوا حياتكم الطبيعية كل في مجال عمله، فمنصبي لن يكون إلا من أجل خدمة عدن وأبناء عدن ولن اسمح لأحد منكم بأن يستغل منصبي من أجل توظيفه أو منحه قطعة أرض.
وتكمل"فريدة" حديث أخيها "صالح" بقولها لقد قال الشهيد جعفر وبكل صراحة انا جيت وعدن في وضع لا تحسد عليه وأريد من الكل الوقوف إلى جانبي من أجل انتشال عدن من الوضع المتدهور الذي تعيشه فمن يريد أن يخدم عدن وأهلها فأهلاً وسهلاً فيه ومن يبحث عن مناصب أو مكاسب فيجب أن لا يكون على حساب دماء الشهداء وتضحياتهم، ومن بين الخطوات التي باشر بها الشهيد هي تشكيل مجلس حكماء عدن.
وحين تم سؤال أفراد أسرته ان كان قد وظف أحد منهم أو منحه قطعة أرض، كانت اجابتهم بالنفي الشديد بل انهم أكدوا انه لم يمنح نفسه حتى قطعة أرض.
وعن ما تطلبه أسرة الشهيد من السلطة المحلية والحكومة والرئيس تكريماً وتخليداً للتضحية التي قدمها الشهيد جعفر قالوا: إن مطلبنا هو المضي على درب الشهيد واستكمال دوره الرامي إلى النهوض بعدن واستعادة أمجادها، ومطلبنا الآخر هو الكشف عن الجُناة ومعاقبتهم على فعلتهم النكراء، أما التكريم المادي أو العيني فنحن لا نريده ولسنا ممن يبحث عنه فيكفينا شرفاً وفخراً بشهيدنا.
وفي حديثه معنا لفت"صالح" شقيق الشهيد جعفر إلى أن الشهيد وإبان معركة عدن وحين تولى قيادة محافظة عدن كان يجهد نفسه كثير حيث يصحو مبكراً لمباشرة عمله ويطيل السهر ولا ينام إلا قليلاً ولهذا فتجد أغلب الصور التي يظهر فيها كان يضع اصبعيه اعلى أنفه (بين عينيه) وهذا نتيجة قلة النوم.
ويتذكر "صالح" حادث إطلاق حراسة المأمور السابق للشيخ عثمان النار على موكبه، وحين همّ الحراسة بالرد منعهم وتم احتواء الموقف بحنكة القيادة التي كان يمتلكها الشهيد جعفر.