آخر تحديث :الأربعاء - 24 أبريل 2024 - 09:31 م

ثقافة وأدب


مرثية : حسامي الحبيب .. حسامي الشهيد "صورة"

الإثنين - 06 فبراير 2017 - 01:33 م بتوقيت عدن

 مرثية : حسامي الحبيب .. حسامي الشهيد "صورة"

كتب / محمد كليب أحمد

 أطبقَ الهدوء على أوردتي الواهنة بعد أن بدأ يحلّقُ فكري بعيداً في فضاءات اللاشعور أبحث عن لاشيء ، وتركتُ لشرايين مخيلتي خيارات التداخل والاندماج في نسيجِ منظومةِ الغياب والعَدَم .. هكذا أحسستُ ، وربما استمتعتُ بهذا الإحساس حينما بدأ طيف نوركَ الخافت يتسللُ من غياهبِ الدّجى البعيد قادماً ليلفّني برداءٍ حريري غاية في الشفافية ويأخذني إليك لأعانق روحك الطاهرة التي لا تفارقني ، فتسللَتْ أنامي تتحسسُ ذلك المجلّد المحفوظ في أعماق أعماق قلبي وتفكيري ، أستعرضُ صور جسدك الغائب – الحاضر – الذي رحل عني في طرفةِ عين فرحلَ معك النور ، ورحلَ عني الوجود وكل الكون .. وسبقَ السيف العدل !

حين أختطفك غول البحر الظالم وتشبثَ بك ليأخذك مني ، ويأخذ معك آمالي وأحزاني وأحلامي وكل عواطفي التي كانت تملأ الدنيا أبوّة ورحابة صدر حين كنت أعايشك لحظة بلحظة وكنت القريب الحبيب والإبن الصديق ، حين كانت حيطان البيت تضحك بضحكتك وتشرق أضواءه كلما أشرقتَ قادماً إلينا في خرجاتك القريبة المتكررة ، فكنتَ تعطينا معنى الحياة لشابٍ في مقتبل العمر يتقدّ أملاً ويرسم الطموح والسفر ، فأزدادُ شباباً وعنفواناً بك .

هاهي صور ذكرياتك تتوالى أمامي كالحلم وأنت فيها ذلك الشاب المنشرح الذي لا تملّ البسمة من التعلقِ بشفتيك .. وهل لي أن أنسى أنك كنتَ كالماء والثلج على قلب ِأبويك لتصلح بيننا كلما شبَّ خلاف أو احتدمتْ معركة ؟ وكنت الوحيد القادر على ذلك وكأننا كنا ننتظرك فقط لتفتح للود أبواب جديدة لحياة هذه الأسرة المنهزمة اليوم !

حســـامي الحبـيـب :

اعذرني إذا همستُ لكَ باكياً أنني حتى اليوم لم أصدّق أو تدخل القناعة في ذاتي أن هذا الحسام الساحر النادر سيكون غمده الأرض ! فيداي اليوم عاجزة عن خوض النزال ، ولم أعد أملك من حطام هذه الفانية سوى أملاً في بارئها أن يجمعني بك في جنانهِ الفسيح الذي تسامت روحك الطاهرة إليه ..

أمك الحزينة وأخويك وأختيك لا ينفكّون عن ذكرك والتأسي لهذه الفاجعة ، ويغدقونك بالدعوات والابتهال ، ولعلكَ تحسّ بالرطوبة والندى لثراكَ الأخضر الطاهر الذي يسقونه بدموعهم الدافئة كلما تضاعفَ الحزن وأحرق قلوبهم سعير الشوق والحنين المتزايد إليك ..

جفَّ الحبر في يراعي ، وتحجرتْ كل الكلمات ، فغدوت بعد فراقك منهزماً مسافراً دون هدى في صحارى الحياة لا زاد لي سوى الصبر ، وطيف نورك الذي أتخيله وأتحسسُ به مسيارِ عُمْرٍ أوشكَ على نهايتهِ أو كاد .

( التوقيع / والدك الحبيب )