آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 04:28 م

اخبار وتقارير


كيف عاش سكان عدن اللحظات الاخيرة قبل انطلاق عاصفة الحزم ؟ .. ( تقرير خاص )

السبت - 25 مارس 2017 - 08:17 م بتوقيت عدن

 كيف عاش سكان عدن اللحظات الاخيرة قبل انطلاق عاصفة الحزم ؟ .. ( تقرير خاص )

تقرير / عبدالرحمن أنيس :


كانت لحظات صعبة تلك التي عاشها سكان مدينة عدن قبيل اعلان تشكيل التحالف العربي وانطلاق عمليات عاصفة الحزم فجر يوم السادس والعشرين من مارس 2015م .
صبيحة يوم الخامس والعشرين من مارس 2015 ، كانت الانباء تفيد بتقدم المليشيات صوب مدينة عدن واختطافها لوزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي ولوكيل الامن السياسي اللواء ناصر منصور هادي وللقائد العسكري العميد فيصل رجب .
فشل انعقاد اللجنة الامنية في عدن او تم افشاله والذي كان مقررا ان يراسه محافظ المحافظة المتحوث سرا آنذاك عبدالعزيز بن حبتور في صبيحة ذلك اليوم ، ومع الظهيرة كان عددا كبيرا من الشباب قد اقتحموا مخازن معسكر جبل حديد ، كان منظر العشرات يصطفون على طول الطريق المحاذي لجبل حديد في انتظار اشارة من زملاءهم الذين صعدوا الجبل لاستكشاف امكانية الوصول الى السلاح المخزن هناك .
عصر يوم 25 فبراير جرى الاعلان عن تحرك اللواء المتواجد في معسكر بدر الى مطار عدن وسيطرته على المطار واعلان ولاء للقوات الغازية من شمال الشمال ، ومع المغرب كان المنظر في الشوارع اشبه بحالة حظر تجوال غير معلن الا من المسلحين المقاومين الذين توزعوا في عدد من المداخل والمخارج لمقاومة الغازي القادم .
حالات ياس واحباط اصابت السكان ، لم يتوقع اكثر المتفاءلين يومها ما تم اعلانه بعد ساعات ، لم يدر بخلد احد ان تحالفا عربيا من عشر دول سيعلن تدخله لردع المليشيات الباغية واستعادة السلطة الشرعية ، كان الخبر الذي اعلن في ساعات الفجر الاولى من يوم 26 مارس خبرا باعثا للامل من جديد ، وكان الحدث كبيرا لدرجة غيرت كل موازين المعادلة التي كانت جارية .
 
لحظة ميلاد جديد
يتذكر القيادي البارز في الحراك الجنوبي المحامي يحيى غالب الشعيبي تلك اللحظات بالقول : (( مهما حاولت استجمع المفردات للتعبير عن فيض الشعور الوجداني لتوصيف لحظات اعلان انطلاق عاصفة الحزم عشية 26 مارس2015م لا استطيع مطلقا لأن الحدث المفاجئ الايجابي كان يضاهي لحظة ميلاد جديد ولم استوعب الخبر الذي يفوق قدرة الدماغ والذاكرة على استيعابه .. كانت لحظة فارقه بحياتنا وكانت كأنها حلم بالمنام ان تشاهد طيران دول التحالف العربي يدك قاعدة الديلمي الجوية وقصور علي عبد الله صالح والسنة اللهب والدخان المتصاعد يغطي شاشات التلفزة )) .
يضيف المحامي يحيى غالب بالقول : (( كانت ليلة مباركة وبقدرة من الخالق عز وجل سخر قلوب أشقائنا لتسخير امكاناتهم المادية والبشرية لرفع القهر والظلم ودك معاقله .. كان جبروت عفاش وغطرسته لايردعها رادع وكان لديه ثقة 100% باجتياح الجنوب من اقصاه الى اقصاه بأيام قليلة بحكم سيطرة نفوذه على الجنوب خلال 20عام تقريبا ولم يتوقع عفاش والحوثي مطلقا الهزيمة والانكسار ولم يضعوه بحساباتهم )) .
ويتابع : (( كان عنصر المفاجأة هو العنصر الحاسم في انطلاقة عاصفة الحزم ولازال عنصر المفاجأة والغموض ايضا يرافقان سير عمليات العاصفة واحد مقومات نجاحها )) .
 
طوق النجاة
المحلل السياسي الجنوبي منصور صالح قال : (( مثلت انطلاقة عاصفة الحزم في توقيتها وقوتها  علامة تاريخية وفارقة  في تاريخ الجنوب .. قبل ساعات من هذه العاصفة  كنت شخصيا وكانت عدن وكل الجنوب تعيش حالة ذهول وصدمة  وانكسار بعد ان تمكنت المليشيات  من الوصول في يومين اثنين من تعز الى عدن دون ان تجابه بمقاومة حقيقية وغادر الرئيس ومعاونوه عدن  كما هاجرت  الحكومة واختفى القادة العسكريون ونهب السلاح واختفى المقاومون من الشوارع وانهارت بشكل مريع  مؤسسات الدولة ونهبت مخازن الغذاء والسلاح معا )) .
ويضيف : (( امام هذه اللحظات الكئيبة التي عشناها وعاشتها عدن شعرنا فعلا  اننا مقبلون على  زمن اسود ووضع كارثي بكل ماتحمله الكلمة و ان مشروعنا التحرري قد سقط وان رهاناتنا  على الجميع  قادة ومسؤولون ومناضلو ساحات  كانت  رهانات على  احصنة مريضة .. وفي عمق الشعور بالماساة الفاجعة  والهزيمة غير المتوقعة جاءت  انطلاقة  عاصفة الحزم والتي مثلت نموذجا غير مسبوق في وحدة القرار العربي كطوق نجاة لتحيي الآمال في النفوس بأنه مازال لدينا فرصة للمقاومة واملا في الخلاص ودحر هذا الكابوس المرعب الذي خيم على حياة الناس )) .
ويتابع منصور صالح : (( اننا مدينون لعاصفة الحزم بانها جاءت في لحظة تاريخية وحققت انتصارات تاريخية وبها تغير مجرى التاريخ الجنوبي اذ ان الجنوبيين لم يكونوا يحلموا بمثل هذا الموقف العربي الاخوي المساند لهم  بقوة وحماس وبدعم وعطاء سخيين .. من عاش اللحظات الفاصلة بين  احتلال عدن وحتى انطلاق عاصفة الحزم وماحفلت به من مشاعر  عاصفة باليأس والقنوط  والرعب من المستقبل القاتم الذي ينتظر الجنوب هو وحده من يستطيع تقدير قيمة تلك اللحظات التاريخية التي احيت الامال في النفوس مع اول طلعة جوية استهدفت قاعدة الديلمي الجوية التابعة للمليشيات )) .
ويختتم بالقول : (( من تلك اللحظات فكر الاحرار وانطلقوا للمقاومة في باقي  مناطق عدن التي لم تكن قد سقطت بعد وحتى بعد سقوطها كانت العزائم مرتفعة والثقة بالنفس في اعلى مستوياتها مع تنامي القدرات العسكرية وتعزيز جبهات المقاومة بالدعم اللازم الذي مكنها من الصمود والانتصار )) .
 
ساعات عصيبة
الصحفي غازي العلوي ، مدير تحرير صحيفة الأمناء يروي تلك اللحظات : (( لا شك وانها كانت ساعات ولحظات عصيبة تلك التي عشتها قبل الإعلان التاريخي الهام الذي أعلنته دول التحالف العربي بانطلاق عمليات عاصفة الحزم والتدخل لإيقاف زحف مليشيا الانقلاب واجتياحها لمدينة عدن وباقي المدن والبلدات اليمنية , ولعل من الأهمية بمكان أن أشير إلى أن ذلك الشعور بالغبن والألم والحسرة من تعقيدات المشهد وقتامته وازدياد الأوضاع سوءا جراء تنامي جرائم القتل والتنكيل والبطش الذي تمارسه تلك المليشيات لم يكن ينتابني لوحدي بل أجزم بأنه شعور لدى كافة أبناء الجنوب الذين كانوا يشعرون بأن لا مخرج ولا سبيل لإيقاف ذلك الزحف البربري وتطهير مدينة عدن والجنوب من تلك المليشيات الانقلابية إلا بتدخل دول الجوار إلى جانب قوات المقاومة الجنوبية التي كانت تقاتل بإمكانياتها التقليدية وبشجاعة منقطعة النظير )) ..
ويتابع قائلا : (( لقد أكدت دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بذلك القرار التاريخي الذي تم إعلانه في 26 مارس 2015م بإطلاق عمليات عاصفة الحزم مدى العلاقات والمواقف الأخوية المتينة بين دول الخليج والشعب اليمني وأكدت إجماع دول الجوار على الوقوف أمام التمدد الإيراني الذي بات يهدد أمن واستقرار المنطقة , فكان شعب الجنوب عبر مقاومته الباسلة خير معين وحليف لقوات التحالف العربي في إيقاف تمدد المليشيات وتطهير معظم المناطق والبلدات الجنوبية من تلك المليشيات وخلال فترة وجيزة خلافا للمحافظات الشمالية التي خذلها أبناءها وماتزال ترزح تحت وطأة وسيطرة المليشيات )) .

حياة بعد الموت
الصحفي ياسر اليافعي رئيس تحرير موقع يافع نيوز ، قال : (( كان يوما صعبا للغاية، وانا ارى جحافل المليشيات تتقدم صوب عدن، في ظل انهيار قوات الجيش الموالي للرئيس هادي واللجان الشعبية، شعرت بأن مستقبل أجيال كاملها بل مستقبل امة في مهب الضياع، اصابتني حالة من اليأس والإحباط .. لكن تدخل عاصفة الحزم أعاد لنا الأمل، ورفع معنوياتنا في الجنوب، وجعلنا ننهض من جديد، وهو ما حدث بالفعل نهض الجميع من كبوتهم وتوحدوا لمواجهة المليشيات الغازية للجنوب حتى تحقق النصر بفضل تدخل ودعم دول التحالف العربي )) .
ويختتم حديثه قائلا : (( ما بين العاصفة وما قبلها كالموت والحياة باختصار )) .