آخر تحديث :الثلاثاء - 16 أبريل 2024 - 05:37 م

تحقيقات وحوارات


تحقيق: تهريب وفساد بالمليارات.. مملكة الأحمر في منفذ الوديعة (فيديو + صور)

الخميس - 25 مايو 2017 - 05:12 م بتوقيت عدن

تحقيق: تهريب وفساد بالمليارات.. مملكة الأحمر في منفذ الوديعة (فيديو + صور)

تحقيق: ماهر الشعبي

على الساحل الشرقي كانت تمضي بنا الحافلة، والمسافة بين عدن ومنفذ الوديعة الحدودي مع السعودية، في وادي حضرموت لا تقل عن 16 ساعة، توقفنا في المكلا عقب اقتراح أحد الزملا أقترح بأن نقضي ليلتنا في قلب مدينة المكلا وفي الصباح نواصل المسير إلى الوديعة ومن ثم العودة  إلى المكلا وهو ما حدث فعلاً تم ترتيب الحجز لنا وقضينا ليلتنا في كورنيش المكلا.
وفي الظهيرة انتظرنا لساعات حتى انتهاء أبناء حضرموت من مؤتمرهم الجامع, ومن ثم تحركنا لتناول وجبة الغداء في مطعم الطويل وسط العاصمة المكلا، ثم انطلقنا صوب سوق القات ورغم بعد الطريق إليه حيث تم إخراجة إلى أطراف المدينة لكننا تناولنا قرونا من القات القيفي ذي الجودة العالية .
غادرنا المكلا، وفي الطريق كنا نتمتع بمناظر الوادي الخلاب وعبق التاريخ والسحر يشدانا إلى أمجاد حضرموت ،وكيف شيد الأجداد منازلهم من التبن ، مناظر وادي دوعن الخلابة, يا لروعة بنائها وجمالها واخضرارها!.

تفاصيل 30 ساعة في الوديعة

عند التاسعة والنصف وصلنا المنفذ، حيث أوقفتنا نقطة رئيسة تابعة لهاشم الأحمر لتفتيشنا تدعى نقطة السلاح الرئيسة في المنفذ، وبعد طول تفتيش دلفنا إلى المنفذ، وأكملنا ليلتنا فيه, وفي الصباح الباكر ها أنا ذا استيقظ لتأدية الصلاة ومن ثم أغير ملابسي وكان الجو بارداً في الوديعة .
بعد وجبة الإفطار انطلقت في جولة صحفية حول المنفذ وكيف يجري العبث بأحد أهم مرافئ وموانئ حضرموت من قبل مليشيات آل الأحمر التي تبسط سيطرتهما على المنفذ الجديد وتبتزان الداخل والخارج بدفع رسوم خيالية .
قضيت النهار وأنا أوثق كل صغيرة وكبيرة, حتى مبنى المنفذ الرئيس المشيد حديثا حوله الأحمر إلى قصر ضخم وسكن له بعد أن بسط عليه.
تتواصل معاناة آلاف اليمنيين الواصلين والمغادرين براً عبر منفذ الوديعة الحدودي، بين المملكة العربية السعودية واليمن،ومنها إلى دول عدة، لكن المعانات الأكبر يرزح تحت وطأتها أولئك المغادرون صوب المملكة العربية السعودية عقب معاناة طويلة لا تنتهي إلا بعد اجتياز منفذ اليمن، حيث بدأت معاناة اليمنيين منذ آواخر مارس العام 2015 عقب الحرب التي شنتها مليشيا الانقلاب ما دفع بالمملكة ودول التحالف  إلى التدخل ، وأدت الحرب إلى إغلاق جميع المنافذ الحدودية بين البلدين ليبقى منفذ الوديعة هو المنفذ الوحيد والشريان الرئيس الذي يربط اليمن بالمملكة.
وعند الثالثة عصرا من يومنا الثاني في الوديعة انطلقنا عائدين صوب مدينة الحب والسلام واللؤلؤ (المكلا) ، بعدما جمعنا كافة التفاصيل وما  أتينا من أجله.
 
 
 
كعكة تقاسمها الاحمر والغليسي
 
هناك منفذان في الوديعة احدهم قديم والآخر حديث أنشئ منتصف الألفية الثانية, وهو منفذ حديث وضخم جدا قامت بتشيده المساحة العسكرية، ولا يبتعد عن المنفذ القديم سوى بـ 200 مترا فقط, ويقع في الجهة الجنوبية من المنفذ القديم ، وكان يفترض أن تنتقل إليه  الجهات والمكاتب الحكومية كافة في المنفذ قريبا ،لكن سرعان ماحدثت التطورات وجرت الأحداث على غير العادة واندلعت الحرب الأخيرة في مارس 2015 م .
عندها سارع اللواء علي محسن بالإيعاز لهاشم الأحمر بالتوجه إلى المنفذ بقوة ضخمة والتمركز فيه وعقب ذلك جاء اللواء الأحمر واستولى على المبنى الإداري الحديث والأضخم للمنفذ، حيث قام الأحمر بنصب وتشييد سور ضخم وعملاق يتعدى الكيلو متر حول المبنى الحكومي الذي كان ينتظر افتتاحة قريبا وتم تحويله إلى سكن شخصي له كما تظهر الصور المرفقة.
بعدما أشرنا إلى سيطرة الأحمر على مبنى المجمع الإداري للمنفذ نشير إلى أن الكتيبة المتواجدة في المنفذ والتي يقودها مجاهد الغليسي بسطت سيطرتها على باقي المباني الجديدة للمنفذ الجديد بجوار قصر الأحمر وأفرادها يتولون تحصيل الرسوم غير القانونية بدءا من المدخل الرئيس للمنفذ الجديد من اتجاه المدخل السعودي الذي يحادد المنفذ الحكومي  السابق لمسافة 2 كيلو لحين يجتمعان في مخرج واحد للمنفذين على تلك المسافة ويلتقيان في نقطة واحدة تتبع الغليسي نفسه الذي يتلقى أوامره من اللواء الأحمر وهاشم الأحمر.


* مبنى المنفذ الجديد الذي استولى عليه الأحمر وحوله الى سكن



 * باقي المباني في قبضة هاشم الاحمر ومجاهد الغليسي قائد كتيبة المنفذ

منفذ الجيش يهرب الشاحنات التجارية

 
ويؤكد مسئولون في منفذ الوديعة بأن المنفذ الجديد كان مغلقا وبانتظار افتتاحه رسميا, لكن بفعل الحرب وسيطرة قوات الجيش عليه ومقراته كاملة قامت بافتتاحه بالتنسيق مع الجانب السعودي ليكون مخصصا فقط لعبور العتاد العسكري الذي تقدمه المملكة العربية السعودية لجبهات القتال وعبور شاحنات السلاح والعتاد الحربي والأليات العسكرية فقط .
فيما المنفذ القديم والمجاور له يظل كما كان تعبر منه جميع الشاحنات التجارية وباصات النقل والمسافرون, وكل قادم و آت من وإلى المملكة عبر المنفذ القديم بطريقة رسمية وقانونية لتدفع ماعليها من رسوم للجانب الحكومي في المنفذ القديم .
لكنه وبحسب عدد من المسؤولين نتحفظ عن ذكر أسمائهم خشية على حياتهم لخطورة الوضع هناك ومخاوفهم مما أبلغونا به فإن قوات الجيش تقوم بتمرير العديد من الشاحنات التجارية القادمة من المملكة عبر منفذ الجيش وتتحصل مبالغ منها وتعفيها من رسوم الجمارك التي يفترض أن تدفع للجانب الحكومي في المنفذ المجاور الذي يتواجد فيه مكتب الجمارك .
وتنبه القائمون على المنفذ إلى عملية التهريب غير القانونية التي يمارسها أفراد الجيش في المنفذ المجاور والذي قيل أنه مخصص لعبور العتاد الحربي فقط عقب (انقلاب شاحنة تجارية) تحمل مشروب الطاقة "شارك " في منفذ الجيش بعد تهريبها .
ومن يومها بدأ المسؤولون في المنفذ مراقبة مايجري واكتشفوا الكثير والكثير من عمليات التهريب لكنهم وقفوا عاجزين عما يتوجب القيام به لعدم استماع أي جهة إليهم ولن تستطيع الجهات الحكومية فعل شيء كذلك تجاه تلك العصابات ، مفضلين الصمت والخشية على حياتهم .
 



تراجع إيراد الجمارك 70 مليون ريال يوميا
 

سألنا المختصين في دائرة الجمارك حول الإيراد اليومي في المنفذ وقال أ.س " في السابق كانت الإيرادت تصل إلى 100 مليون يوميا وتتعدى هذا الرقم, أما اليوم فالإيراد بالكاد يصل إلى 30 مليون .
وحينما سألناه لماذا هذا التراجع الكبير? وما هي الأسباب? أخذني بيدي ومشينا عدة خطوات إلى الجهة المقابلة وأشار إلي نحو المنفذ الجديد ، قائلا هذا السبب ، من هنا يتم تهريب العديد من الشاحنات التجارية ، فقبل وجود هؤلاء كان وضع المنفذ في أحسن ما يكون أما اليوم فعلى الدنيا السلام .
 
  زريبة هاشم الأحمر في المنفذ
 

خلال زيارتنا للمنفذ كان لابد لنا من اللقاء بعشرات السائقين لشاحنات النقل التي تصطف في طوابير طويلة جدا قبل وصولها إلى المدخل الرئيس للمنفذ الذي أقام فيه هاشم الأحمر وقائد الكتيبة مجاهد الغليسي "زريبة " خاصة بهم يتم إدخال جميع الشاحنات إلى هذه الزريبة (حوش ضخم) بحجة التنظيم ويتم تدفيع كل سائق مبلغ وقدرة 5000 خمسة ألف ريال في بوابة الزريبة من دون اي سند رسمي بذريعة التنظيم ، ويستمر بقاؤهم في الزريبة بين يوم وأسبوع وربما أكثر دون السماح لعبورهم الحدود .
والحال ذاته مع الخارجين من المملكة صوب اليمن صحيح أنهم لا يدخلون إلى الزريبة لكن النقاط المنتشرة من البوابة الرسمية وحتى ما بعد العبر تجاه مأرب تمارس الابتزاز نفسه وتفرض رسوما على كل شاحنه نقل مابين 1000 ريال و5000 ريال عن كل شاحنة نقل وحال الرفض يتم حجز الشاحنة بحمولتها بأي ذريعة، وجميع المبالغ تورد إلى قيادة الكتيبة في المنفذ .
 



سائقون: دفع 300 سعودي او انتظار اسبوع
 
وخلال الاستماع إلى شكاوي السائقين اطلعونا على العديد منها، والتي قالوا أنهم وجهوا العشرات منها إلى الرئيس هادي ورئيس حكومته لرفع الظلم والابتزاز عنهم وإيقاف ما تمارسه عصابات الفساد في المنفذ من دون جدوى- مرفق نسخ منها.
وقال السائقون: بأن من يريد ان يعبر المنفذ اليمني الى الجانب السعودي فانه يتوجب عليه دفع مبلغ 300 ريال سعودي حتى يسمح له بالخروج من الزريبة وعبور المنفذ، ومن لا يدفع المبلغ المذكور فإن مدة مكوثه في الزريبة ستطول لأكثر من أسبوع مهما كانت البضاعة المحملة على شاحنته ولا يعول القائمون على الزريبة بهذه المسألة أبدا بقدر اهتمامهم بدفع المبلغ المقدر بــ 300سعودي لكي يسمح لك بالعبور سريعا وإلا فعليك الانتظار .
 


باصات هاشم تحل محل سيارت الأجرة
 

أثناء تجولنا في المنفذ شاهدنا باصات صغيرة وجديدة من نوع نهى وفوكسي تنقل المسافرين والمتنقلين بين المنفذ اليمني إلى قرب المنفذ السعودي .
وقيل لنا أنها باصات جديدة أتى بها هاشم الأحمر وجماعته منذ مدة بعد قيامهم بطرد تاكسي الاجرة التي كان أصحابها يقتاتون منها لنقل وايصال المسافرين بين المنفذين .
 


* باصات هاشم تحل محل سيارت الأجرة

10 ريال سعودي عن كل مسافر
 

أكد لنا عدد من العاملين في المنفذ بأنه تم فرض مبلغ 10 ريال سعودي عن كل مسافر تذهب لصالح القوات العسكرية .
وبدورنا سألنا المختصين في المنفذ عن حجم المسافرين يوميا فقالوا لنا بأن المغادرين من اليمن نحو المملكة لايقل عن 3000 مسافر يوميا في الأيام العادية ويتضاعف الرقم خاصة مع المواسم مثل موسم الحج والعمرة .
وتظل معاناة وانين  اليمنيين في صحراء الوديعة وصمة عار في بلاد وحكومة اليمن ويظل أولئك الناس يهانون يوميا ولا منصف لهم من بطش العصابات, لكن يراودهم  امل وحيد بالاقتصاص لهم ورفع الظلم عنهم من جبار السماء والأرض .