آخر تحديث :السبت - 23 نوفمبر 2024 - 05:03 م

تحقيقات وحوارات


وزير في حكومة الشرعية: هذه حقيقة قتل صالح وسبب بقاء الصبيحي على قيد الحياة

الإثنين - 18 ديسمبر 2017 - 06:38 م بتوقيت عدن

وزير في حكومة الشرعية: هذه حقيقة قتل صالح وسبب بقاء الصبيحي على قيد الحياة

  حاوره/ محمد زكى

كما يقولون "غلطة الشاطر بمليون" هكذا تحدث الدكتور محمد عبد المجيد قباطى وزير السياحة اليمنى عن مقتل الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، معتبرا أن الخطأ الكبير الذى وقع فيه صالح هو التحالف مع الحوثيين، وذلك بعد استبعاده من الحكم، حتى يؤلم الرئيس عبد ربه منصور هادي، فقام بتسليم الحوثيين كل مقدرات الدولة. واعتبر الوزير اليمنى فى حواره مع "الأهرام العربي" أن الخطأ الآخر لصالح هو أنه أعلن انقلابه على الحوثيين من داخل صنعاء، في الوقت الذي كانوا يسيطرون فيه على الأوضاع في العاصمة، الأمر الذى جعله صيدا سهلا لهم. 

> كيف ترى اغتيال على عبد الله صالح؟

 

فى البداية على عبد الله صالح لاحظ إلى حد كبير تمكن الحوثيين وعصابات إيران من الاستيلاء والسيطرة على اليمن، ولم يكن هذا ليتم لولا أنه فتح لهم الأبواب، أتذكر المبعوث الأممى جمال بن عمر، وقال لى "هذا لغز غريب.. فكيف للحوثيين الذين لم يستطيعوا أن يهزموا جماعات سلفية فى الضواحى اليمنية تسمى "دماج" أن يكتسحوا كل هذه المحافظات من صعدة إلى عمران إلى صنعاء"؟، فقلت له "هذا ليس لغزا.. فلو تخيلت أن الحرس الجمهورى خلع ملابسه ولبس ملابس الحوثيين لاستطعت تفسير الأحداث، وهذا ما حدث بالضبط فعلى عبد الله صالح نكاية فيمن أبعدوه عن السلطة دخل فى مغامرة خطيرة جدا ومكّن الحوثيين".

 

ومن هنا يمكننا القول إن مقتل على عبد الله صالح كان نتيجة "خطأ مركب"، فكما يقولون "غلطة الشاطر بمليون"، فحتى يؤلم عبد ربه منصور والآخرين الذين انقلبوا عليه سلم الحوثيين كل مقدرات الدولة بما فى ذلك الأمن القومى والأمن السياسى وكل المؤسسات الرئيسية داخل العاصمة، الخطأ الآخر عندما أعلن انقلابه عليهم من داخل صنعاء فى الوقت الذى كانوا يسيطرون فيه على الأوضاع فى العاصمة، نعم كان لديه عدد كبير من القوات ولكن كانوا يسيطرون على العاصمة، ويصعب الاشتباك معهم، واستمروا فى القصف المستمر على منزله ليلاً حتى تمكنوا من قتله.

 

> هل تعتقد أنه كانت هناك خيانة فى مقتل على عبد الله صالح؟

لم تكن خيانة بقدر ما مكن إيران وعناصر حزب الله من قيادات الدولة لتعيد تشكيلها بوسيلة أو بأخرى، ولكن فى النهاية كانت طريقة مقتله وطريقة التعامل معه سيئة للغاية وبدم بارد، تحمل فى طياتها البصمات الفارسية الإيرانية.

> وهل تتوقع لوزير الدفاع اليمنى محمود الصبيحى نفس مصير صالح؟

محمود الصبيحى شخص مهم جداً، وهناك قرار للأمم المتحدة رقم 2140 وكذلك القرار 2216 يتحدث عن الصبيحى بالاسم ويطالبون بإطلاق سراحه، وبالتالى إيران تعلم أن هذه لعبة خطيرة ولا يمكن أن يعبثوا بحياته، لأنهم سيتحملون المسئولية عن ذلك.

> فى معرض حديثك عن مقتل على عبد الله صالح ذكرت أن مقتله كان داخل منزله على عكس بعض الروايات الأخرى، فما حقيقة ذلك؟

على عبد الله صالح أغتيل فى بيته، والحديث عن أن مكانه كان غير معلوم هذا أمر غير صحيح، فهم قتلوه فى المنزل وقاموا بعمل مسرحية، فبعد محاولة استفزازه فى الرابع والعشرين من أغسطس الماضى فى أعقاب المظاهرة التى خرج بها صالح من ميدان السبعين بعشرات الآلاف من المواطنين، وقال للحوثيين لا يوجد هروب، فقاموا بعمل هذه المسرحية من أجل إظهاره هارب وجبان لتشويه صورته، لكنهم لم يستطيعوا إتمام هذه المسرحية بشكل متكامل.

 

> هل ترى أن مقتل صالح يوحد الجبهات ضد الحوثيين أم يخيفهم من التعامل معهم؟

 

على المدى القصير كان الحوثيون يستهدفون إرهاب الناس، أما على المدى البعيد فهذه الرؤية تتسم بقصر النظر، فالوضع فى السابق كان ملتبساً، والمتابع للموقف كان يشعر أن هناك ثلاثة أطراف فى المشهد، إيران والحوثيون من جهة، والشرعية والتحالف من جهة أخرى، وعلى عبد الله صالح بين هذا وذاك، أما الآن فالموقف أصبح أقل تعقيداً وأبسط فى الرؤية، فهناك مشروعان الآن؛ الأول وهو المشروع الإيرانى وجماعة الحوثى وحزب الله وهو المشروع المعادى للأمة العربية وضد طموح وتطلعات الشعب اليمني، وفى مقابل هذا المشروع هناك معسكر تحالف الشرعية الذى يدافع عن الأمن القومى العربي، ولا يريد أن يرى لإيران هذه السطوة المباشرة على جنوب الجزيرة العربية وعلى مدخل البحر الأحمر وباب المندب، والآن مطلوب من قوات على عبد الله صالح أن يذهبوا إلى أحد المعسكرين.

 

> الرواية التى ذكرتها عن مقتل صالح تدعونا للتساؤل عن تأمينه للدرجة التى تمكنهم من قتله داخل منزله؟

 

أظن أن التحالف كان قلقا إزاء التفاهم مع على عبد الله صالح، خصوصا أنه ما يعيد تموضعه بشكل سريع، وحينما قيل لى أن صالح موجود فى صنعاء، قلت لا يمكن أن يكون فى وسط صنعاء، فكان من المفترض أن يذهب إلى مكان بعيد ويتحصن ويثبت، وحينما سمعت نقلاً عن وكالة رويترز أنه تم القصف على منزل صالح قلت إنه لا يعقل ألا يكون موجوداً هناك، فهل كان يظن أنه بعد أن أعلن عن فتح صفحة جديدة مع التحالف أن تتركه إيران فضلاً عن الحوثيين؟ فهذا غير معقول، ولكن هو للأسف دخل فى مغامرة صعبة، فالصراع الذى يجرى هو صراع بين الحوثيين والسعودية والتحالف.

 

> هناك ورقة تم تسريبها بعد مقتل صالح منسوبة إليه ويقال إنه مكتوبة بخط يده يقول فيها إنه كانت هناك خيانة من الداخل.. فما حقيقة هذه الوثيقة؟

هذه ورقة مزورة، ومزورة بطريقة بدائية جداً، فعلى عبد الله صالح لا يكتب بهذه الدقة ومن يروج لها هم من يعبثون بالإعلام، وللأسف أنه فى عالمنا العربى لا يوجد إعلام رسمى قوى يمكن الوثوق به، ويمكن أن تستقى منه الأخبار، وهو ما يدعو المواطنين إلى استقاء أخبارهم من مواقع غير رسمية.
 

> ذكرت أن مقتل صالح يحمل البصمات الفارسية، هل ترى أنها نفس الطريقة التى يتم بها تصفية العراقيين وكذلك تصفية صدام حسين فى يوم عيد الأضحى على سبيل المثال؟

 

بالتأكيد فهو نفس منطق المجموعات المتأسلمة التى تدعى الإسلام، فمهما اختلفنا مع صدام حسين لكن قتله بهذه الطريقة فى يوم العيد ومحاولة إظهاره كأنه كبش فداء أمر لا يمكن تقبله، ولا يمكن تقبل التوجهات البشعة التى تعيدنا إلى قرون ساحقة من الممارسات الهمجية التى تظهر التشفى والجهل.

 

> كيف ترى الآن الوضع بعد مقتل صالح؟

 

على المدى البعيد سيتعقد الأمر بالنسبة للحوثيين، خصوصا مع وضوح المشهد وانقسام الوضع إلى معسكرين كما ذكرت، فالحوثيون سيبقون محاصرين على عكس الوضع فى العراق مثلا، فعلى المدى البعيد سيخسرون بلا شك، فالوضع فى اليمن يختلف على ما هو فى العراق وسوريا وليبيا، فالوضع فى اليمن ظل فى حالة من الغليان منذ على الأقل عام 2007 مع بداية الحراك الجنوبى والمظاهرات التى تمت فى عدن وغيرها، وكأن هذه الحالة سبقت موجة "الربيع العربي" حينما ركب الإخوان على الموجة وحاولوا تأجيج المشهد.


> بعد مقتل صالح ظهر نجله أحمد رسمياً والتقى بقيادة الإمارات.. فم تفسيرك؟

 

قبل هذا الظهور لاحظ بيان الشرعية اليمنية التى أدانت ما يحدث فى صنعاء من قتل وأيدت الانتفاضة، وقالت إنه سقط شهداء كثيرون وعلى رأسهم على عبد الله صالح، وبالتالى كانت هذه محاولة لإعادة اللحمة وإعادة الفرز، وأنا ظهرت فى التليفزيون وقدمنا العزاء لأحمد نجل صالح وأسرته، ومددنا أيدينا لهم فى هذا الوقت، فظهور أحمد على كان متوقعاً.

 

> كيف ترى الآراء الداعية لاجتثاث الحوثيين والانتقام منهم؟

 

بالطبع لا أؤيد دعوات اجتثاث الحوثيين، وإنما من المنتظر أن يكون هناك قانون عفو عام مثلما حدث فى عام 2011، لكى تكسب الجميع، وهذا العفو يجب أن يشمل كل من انضم للحوثيين وعاد إلى صف الشرعية.

 

> برأيك ماذا كان يريد صالح؟ وهل كان يريد أن يصبح رئيسا مرة أخرى مثلاً؟

 

أعود أولاً إلى خطاب سبتمبر 2012 للرئيس عبد ربه منصور هادى فى الأمم المتحدة، حيث قال هناك مشروع وأجندة إيرانية، وهناك محاولات لفرضها فى اليمن، وقبل هذا الخطاب بأسبوعين جرت محاولة لاغتيالى فى صنعاء، وتم تفجير سيارتي، لأننا بدأنا الحديث عن أشياء كانت تتم فى الخفاء، فحاولت إيران أن تستميل صالح فى إطار مشروع جديد وهو استنساخ التجربة الإيرانية بالكامل فى اليمن، وما بها من ولاية الفقيه إلى جانب رئيس الجمهوية، فالذى يدير المشهد هو الولى الفقيه، وفى أغسطس 2012 كان هناك لقاء فى روما بين أحد مستشارى خامنئي، وأحمد نجل على عبد الله صالح، وهو سفيرنا فى الإمارات، وسفير اليمن فى روما نجل صهر على عبد الله صالح، واسمه خالد بن عبد الرحمن الأكوع، وسفير إيران فى روما، هذا الاجتماع الرباعى دخل فى الصفقة، ودخل فيها على عبد الله صالح، قامت هذه الصفقة على أساس أن عبد الملك الحوثى هو المرشد الأعلى للثورة الإسلامية فى اليمن، وأحمد نجل على عبد الله صالح هو رئيس الجمهورية.

 

> إلى أين تسير اليمن؟ وهل تنجح الشرعية فى رأب الصدع الذى حدث فى الفترة الماضية؟

لو عدنا إلى بيان الخارجية المصرية وهو بيان قمة فى الدقة، أولاً يعبر عن القلق للأوضاع التى آلت إليها اليمن، وكأنها رسالة لمن يحاول إيجاد أجندة تؤدى إلى الإضراب فى المنطقة، كما أن الاستقرار فى اليمن لن يقوم إلا على أساس التسويات التى قبلها اليمنيون على أساس المبادرة الخليجية كشرعية إقليمية ومخرجات الحوار كشرعية يمنية، تم التوافق عليها، وقرارات مجلس الأمن، وفى مقدمتها القرار رقم 2216، وإذا تحدثنا عن الحالة الإنسانية فى اليمن لوجدناها سيئة، فهناك الملايين يعانون المجاعة وهناك انتشار للكثير من الأمراض ومجموعات تعبث بمقدرات الشعب اليمنى وحالة اقتصادية أشبه باقتصاد الحرب وسيطرة حوثية على أوجه النشاط الاقتصادى بما فيها المعونات الدولية.

 

> الكثير يتحدثون عن تهريب وتخريب الآثار اليمنية فما وضع الآثار فى اليمن بعد الأحداث الأخيرة؟

 

هؤلاء الفئات لا يعيرون اهتماما للتاريخ أو الحفاظ عليه، وما حدث فى العراق وسوريا خير دليل على ذلك، ومن المفارقات العجيبة أنهم يظهرون عدم اهتمامهم بالآثار ولكن فى نفس الوقت يتاجرون بها، واليمن كما يعلم الجميع بها عدد كبير من المخطوطات لعصور مختلفة، وللأسف الآن تهرب لأماكن كثيرة ويتم العبث بها، والحكومة الآن عليها أن تبحث كيفية استعادتها.

 

> البعض يرى أن الحكومة اليمنية لا تحكم وأنها خارج اليمن .. فم ردك على ذلك؟

 

هذا غير صحيح، 80% من الأرض اليمنية تحت أيدينا، والحكومة داخل عدن، ورئيس الحكومة وعشرون وزيرا فى عدن، وكذلك الرئيس عبد ربه منصور، وهو العنصر الأساسى فى المعادلة، ليس لدى اليمنيين فقط، وإنما السعودية والتحالف أيضاً لأن الشرعية كلها مرتبطة به وإذا حدث له أى شيء فإن الأمور ستتعقد.