آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 02:28 م

تقرير مصير الجنوب


سلسلة تقرير المصير نحو جنوب عربي متحد... الهوية الوطنية وبناء الكيان الجزء2

الجمعة - 05 فبراير 2016 - 11:20 م بتوقيت عدن

سلسلة تقرير المصير نحو جنوب عربي متحد... الهوية الوطنية وبناء الكيان الجزء2

عدن تايم/ إعداد وحدة المعلومات


للإطلاع على الاجزاء السابقة للسلسلة انقر هنا

تطرقنا في الجزء الأول من الدراسة إلى معضلة الاندماج السياسي في اليمن ، والتي يمكن اعتبارها المحور الرئيسي لأي عمل يبنى عليه مستقبل البلاد سواء باستمرار الوضع على ماهو عليه أو بالانفصال (الخفيف) في شكل وحدة من اقليمين أو الانفصال الكامل واعلان الاستقلال.
كما أشارت الدراسة الى المعطيات الجديدة على الأرض والتي ربما خلقت ظروفا جديدة هيأت أبناء الجنوب للتفكير في مستقبلهم ومصيرهم من منظور ذاتي خالص ، واستعرضنا التحديات الرئيسية والتي تعتبر موانع في السابق والحاضر لازالت تمثل حجر العثرة أمام أي مشروع جنوبي مستقل.

مشروع الهوية الوطنية : تقرير المصير الداخلي و الخارجي
من المتعارف عليه ، بطبيعة الحال ، أن لأي كيان أو مؤسسة صغيرة كانت أم كبيرة ملامح تترجم في اطار ما سواء كان شعارا أو رمزاً أو ماشابه ، وقد لخص (برزيتازنجك) ما وصل اليه الفقه القانوني حول مفهوم تقرير المصير في قوله : "يمكن تعريف حق تقرير المصير بأنه حق الشعب أو الأمة لتقرر بحرية وبنفسها دون أي ضغوط خارجية ، وضعها السياسي والقانوني بوصفها كياناً منفصلاً ، ويفضل أن يكون ذلك في شكل دولة مستقلة ، ويشمل ذلك الحق في اختيار شكل الحكومة والنظام الاقتصادي والاجتماعي والثقافي".
وبناء عليه فان مسألة البناء تأتي من الداخل ، حيث أن ذلك يتطلب تكوين المقومات المختلفة لايجاد الهوية الوطنية وابرازها كمشروع وطني متكامل قوي الأركان ذو كيان قادر على أن يملأ حيزاً جغرافياً وسياسياً واقتصادياً منافساً مع دول العالم الأخرى عامة ، ودول الجوار خاصة . وهذا مايحتويه مفهوم تقرير المصير الوطني (الخارجي) حيث تسعى الدولة المركزية الى فرض اساليب حياة وثقافة وقيم وأنماط تعليمية خاصة بمجتمع معين (في الشمال) على مجتمع آخر حتى يكون جزءا منه بالتعبية وبالتالي تتلاشى هويته تدريجيا أو تطمس ، من خلال اقصاء الرموز والقيادات أو تصفيتهم واتباع نهج القطبية المنفردة للاستئثار بكافة وسائل التأثير كالتعليم والاعلام والأمن وجعلها أدوات شمالية تمكن من ارضاخ الجنوب وشعبه لسلطة صنعاء ، وهذا ما قد تم على مدار عقود من الزمن.

ولادة الجنوب: قيصرية أم طبيعية ، وفق المفهوم التقليدي لتقرير المصير
اضافة لما سبق أعلاه ، فان الأمر الذي قد يعمل على كسر أطر التبعية الجنوبية للشمال هي من وجهة نظر (تشارلز دنبار) هي العمل على محورين ، فمن جهة ينبغي على الجنوبيين السعي لقطع الخيوط التي تربطهم كافة بالشمال ، والتي سعى من خلالها الشمال طيلة هذه الأعوام لفرض سلطته وهيمنته ، ولايتم ذلك الا من خلال استيعاب فكرة التحرير ، حيث من المهم في وعي الجنوبيين تعزيز هذه الفكرة قبل التحدث عن (انفصال) ، وذلك في نفس السياق التي أشارت اليه (هيلين لاكنر) في كتابها (المجتمع يمن يتغير) حيث وضحت أن البعد القبلي أداة مهمة استخدمها النظام السابق ، وقد أثرت الهوية القبلية في تدهور الوضع بين الشمال والجنوب ، ومن المهم للجنوبيين بالتالي استغلال ابتعاد واستقلال سلطة القبيلة (الجزئي) عن السلطة المركزية لصالحهم وتسخير الولاءات القبلية للانحياز السياسي بما يحقق توازن بين الحفاظ على الحد الأدنى من الدولة المدنية المبنية على المؤسسات و ضمان طغيان الميول الاجتماعي لقضية الجنوب ، كما أن امكانية انبعاث القبلية ينبغي أن تكون مطاطية بما يسمح لسلطة الدولة للتوسع ومثال على ذلك العلى على الحفاظ على مقدرات الدولة والمساعدة في حماية النشآت الحيوية ومكافحة التدريب ، حتى تأخذ مؤسسات الدولة زمام الامور ،
كما سلط الباحث علي العمودي الضوء على قضية الأحزاب السياسية مشيراً الى ضرورة ابقاء قدرتها على التنافس ، وقد استطاع الشمال لسنين طوال بسط يده على الجنوب ومقدراته لتمكنه من ادارة العملية السياسية في الداخل لصالحه ، وأخطر ما يهدد القضية الجنوبية هم أولئك الجنوبيين الذين جرفهم التيار الشمالي في بؤرته ، فهم أولى من ينبغي قطع يده عن الجنوب وتحييده ، والتساؤل ماذا عمل الجنوب منذ التحرير في سبيل ذلك؟ ويمكن الحل في احياء العملية السياسية ذات الطرف الواحد (في الجنوب) عبر العمل وفق شبكات سياسية من أحزاب صغيرة تتآلف في شكل تكتلات ذات ثقل واحد ووزن كبير مع تشجيع فكرة التعددية السياسية لاستيعاب مختلف التوجهات.
ومما لاشك فيه أن هناك وعي بخطر التطرف الذي بات يهدد أمن البلاد بسبب نشر الراديكاليين الاسلاميين لفكرهم وتوجيه سهامهم في اتجاه واحد نحو الجنوب مما يعزز من فكرة الداعم خلف هذه التحركات التي تسعى الى زعزعة الاستقرار والأمن وبالتالي افشال أي مشروع قادم ، والسؤال هو حول المدى الذي تصل اليه قوة الجماعات الدينية كقوى منافسة للقوى القبلية والسياسية وسلطة الدولة ، والقدرة على كبح التأثيرات الراديكالية للأصوليين ومختلف المتمردين سياسياً هو المعيار الذي

الجزء الثالث: متى يبلغ الاصرار السياسي الجنوبي ذروته؟
يتحدث الجزء القادم عن المرحلة التي وصل فيها الإصرار السياسي الجنوبي ذروته ، ويقدم في هذا السياق بعض الأطر المستقبلية للعمل الجنوبي والتي تضمن تحقيق نجاح متدرج نحو استكمال ملامح المشروع الجنوبي ومنها عودة بروز السلطة القبلية لدعم الدولة ومساندتها وليس منافستها ، والآخر هو العمل وفق شبكات سياسية من أحزاب صغيرة تتآلف في شكل تكتلات تدفع بالعجلة السياسية للدوران في الداخل والخارج ، كما أن هناك بعد استراتيجي مهم لا ينغي اغفاله يتحدث عن حساسية المرحلة وطبيعة العلاقة بدول الجوار وخاصة التي تشارك الجنوب مساحات حدودية شاسعة معها.
نطرح بعض هذه القضايا في شكل أسئلة ، لأن الاجابة عنها تساعد على بلورة المناقشات السابقة وتعتبر مساعدة على معرفة قدرة الجنوبيين على رسم ملامح المشهد السياسي القادم لقضيتهم ، كما أنها تساعد على فهم النواحي التي تتطلب معالجة وفق أولوليات محددة.