آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 01:29 م

تقرير مصير الجنوب


سلسلة تقرير المصير ... نحو الجنوب العربي المتحد ،،، الجنوب كيان سياسي وملامح جغرافية واضحة المعالم (4)

السبت - 27 فبراير 2016 - 09:47 م بتوقيت عدن

سلسلة تقرير المصير ... نحو الجنوب العربي المتحد ،،، الجنوب كيان سياسي وملامح جغرافية واضحة المعالم (4)

عدن تايم / إعداد وحدة المعلومات :


للإطلاع على الحلقات السابقة من السلسلة اضغط هنا

ملخص ما سبق
تطرقت الدراسة في أجزائها الأخيرة الى المفاهيم والمباديء الأساسية المرتبطة بقضية تقرير المصير الوطني ، وألقت بظلالها على الكثير من الاشكالات التعريفية النظرية والعملية التطبيقية في هذا السياق ، ولعل أبرز ماتمت الاشارة اليه في الجزء الأخير أهمية وجود اللبنات الأساسية التي تمهد الطريق لبناء كيان مستقل يحظى أولاً بالاحترام الاقليمي قبل الاعتراف الدولي ، وأشارت الدراسة أن النطاق الجغرافي المحدد ، والهوية القومية (الجنوبية) عاملان أساسيان يمثلان مجتمعين حجر الزاوية لبناء بيت الجنوب العربي المتحد.

تجربة كردستان : أين البارزاني الجنوبي؟
من التجارب المهمة المعاصرة والغنية بالدروس والعبر ، اقليم كردستان العراق ، أو كما يسميه العراقيون  ((كوردستان)) فدراسة وفهم التجربة الكردية الحديثة بشكل متعمق ، في رأي الدكتور أحمد شكارة ، يمكن الباحث من وضع صيغة مقارنة يقرأ من خلالها المستقبل الجنوبي من واقع تجربة اقليم كردستان الحيّة ، لا سيما أنه مشروع قومي فريد كرّس الهوية القومية الكردية كأساس للمشروع (كأقلية مهمشة ومظلومة) واستخدمها كورقة في الداخل العراقي وفي الخارج للوصول إلى حكم ذاتي (انفصال محكوم) بشكل متدرج.
وقبل الاسترسال من الجدير التعرف على ملامح هذا الاقليم الذي سحر العالم باعتزازه بهويته الكردية وصموده وتاريخه الطويل في النضال المليء بالتضحيات.
يقدر عدد سكان الإقليم بأكثر من 5.2 مليون نسمة ينتشرون في محافظات الإقليم الثلاث وهي أربيل (العاصمة) والسليمانية ودهوك ، وتغطي هذه المدن مساحة 40 ألف كيلومتر مربع ، ويتمتع الإقليم بجغرافيا متنوعة، من السهول الحارة والجافة إلى مناطق جبلية أكثر برودة مع الينابيع الطبيعية و تساقط الثلوج في الشتاء.
وهنا ، نلاحظ أن ما يعطي الجنوبيين أفضلية على الأكراد وجود ملامح جغرافية واضحة للجنوب تجسدت في كيان سياسي في السابق قبل الوحدة ، وبينما يخوض الأكراد صراعات للتمدد رغبة منهم لتحقيق الاتصال القومي العابر للحدود ، يتمتع الجنوبيون بحدود مرسومة واضحة الملامح تتجسد في محافظات الجنوب وتتوجها عاصمة عدن.
التنوع السكاني للكرد :  يتنوع سكان إقليم كوردستان وقومياته بين الكلدان والآشوريين والسريان والتركمان والأيزيديين والعرب والكورد الذين يعيشون في الإقليم في مناخ يسوده السلام والألفة والتسامح ، ورغم هذه الاختلافات العرقية والثقافية ، ألا أن الهوية القومية والتي لاننفك نشدد على أهميتها ، هي صمام الأمان لاحتواء هذا التنوع بعيدا عن التحول الى صراع بقاء.
من الناحية الامنية تمكنت حكومة الاقليم من احياء وتشجيع قطاع السياحة واستقطاب الاستثمارات في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة إقليم كردستان ، والفضل يعود في ذلك الى استقرار الوضع الأمني ، وتمكنت حكومة الاقليم بفضل جهود المخلصين الأكراد عام 2007 بتجاوز أكبر تحدي أمني بعد نقل المسؤولية الأمنية رسمياً من القوات المتعددة الجنسيات إلى حكومة الإقليم.
ولعل هذا الأمر مدعاة الى التفكر في الأوضاع الامنية التي الت اليها المحافظات الجنوبية ، بعد أن استباحها الحوثيون وقوات الرئيس المخلوع ، غدا بعضها مرتعا للتنظيمات المتطرفة ، وغابت فيها سلطة الدولة وفقدت الخدما ت الاساسية بها ، ولعل المكلا عاصمة حضرموت أكبر مثال على ذلك ، وتوقفت بذلك عجلة التنمية والاستقرار في تلك المناطق.
ومن ناحية السلطة ، يملك الاقليم حكومة كما يملك برلمانا تتمثل فيه الأحزاب الكردية المختلفة الاتجاه يسارا ويمينا ووسطا ، مما يوفر له مناخا سياسيا صحيا ، تمارس من خلاله حكومة الإقليم مهام السلطة التنفيذية وفقاً لقوانين سنها البرلمان الكردي المنتخب بشكل ديمقراطي من قبل مواطني إقليم كوردستان ، وقد بدأت التشكيلة الثامنة لحكومة الإقليم برئاسة نيجيرفان بارزاني رئيس الوزراء مهامها في مطلع عام 2014.

البيشمركة : القوة الأمنية
في الجزء القادم نتعرض الى قضية بالغة الحساسية كما هي بالغة الأهمية ، وهي تطوير القدرات الأمنية والعسكرية لحماية المقدرات وصون الأرض والعرض ، ونستعرض ذلك في سياق الحديث عن التجربة الكردية المتمثلة في (البيشمركة) : القوة الشرعية لحماية حدود إقليم كردستان ، وكيف أصبحت هذه القوة اليوم يداً ضاربة ، وشريكة لكثير من الدول بمن فيها أمريكا .
في حقيقة الأمر ان المتتبع للأحداث يرى كيف يستثمر الأكراد النزاع الحاصل في مناطق وجوده وخاصة في العراق وسوريا لبدء تشكيل ملامح الدولة الجغرافية المتنازع عليها من خمس دول و بالتالي وضع اللبنة الأساسية الأولى لبناء الدولة الكردية القادمة ، ويرى الدكتور شكارة في نموذج كردستان أنه تجربة يمكن اسقاطها على جنوب اليمن ، وفي نهاية الدراسة يطرح تساؤلاً : أين هو الـ"بارازاني" الجنوبي اليوم؟

في العدد القادم نتطرق الى تجربة جديدة لتقرير المصير تستحق الوقوف والاهتمام ونستخلص منها العبر والدروس في القارة السمراء حيث سنلقي (فلاشات) سريعة للصحراء الغربية وأريتريا وجنوب السودان.