آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 10:32 م

ثقافة وأدب


الغياب القسري

الأحد - 02 سبتمبر 2018 - 10:35 م بتوقيت عدن

الغياب القسري

سعاد خذابخش خان ..

يطلق عليها الموظفون في العمل السيد ابتسام لجديتها في التعامل معهم فهي لاتضحك ولاتمزح ولاتتهاون بل تتعامل بشدة مع اي أحد يتمادى ويحاول مداعبتها بنكته او كلمة خارج اطار الحوار بينهما في موضوع يخص الشركة..

اسمها ابتسام لكنها لاتبتسم كما علق احد العاملين معها..

تعامل ابتسام مع الاخرين بهذه الطريقة ليس مفتعلا ولا هو غرور ، بل ذلك هو سلوكها الذي دأبت عليه منذ صغرها واثناء دراستها وفي عملها..هي سيدة منظمة ومرتبة وتحب ان يتعامل معها الناس على هذا الاساس ، حتى زوجها استسلم للامر الواقع ولم يعد يناقش او يعترض على سلوكها ، لكنها في الجانب الانساني هي سيدة محبة لبيتها وزوجها واولادها كما انها لاتتوانى عن تقديم المساعدة لمن يحتاجها من العاملين او من خارج العمل ..

رئيس الشركة كان يثق بها كمديرة ناجحة لفرع الشركة والعاملين ايضا يحبونها على الرغم من صفاتها كسيدة قوية الشخصية لانها تحفظ كل التفاصيل في العمل وتمارس عملها بحب وحرص..

فجأة انقطعت عن الذهاب للعمل وشعر الموظفون ان شيئا جلل قد حدث لها او لاحد من اسرتها لانها لاتغيب عن العمل ابدا وعند السؤال عنها وجدوا انها مريضة..

نزل خبر مرضها ودخولها المستشفى عليهم كالصاعقة فهم يحبونها على الرغم من شدتها في التعامل معهم فيما يخص النظام والعمل..

ذهبوا لزيارتها.. والحقيقة لم يتوقعوا ان يروا السيدة ابتسام بهذه الحالة من الوهن والضعف فهي سيدة قوية كلها حيوية ونشاط حتى انهم فقدوا السيطرة على دموع حزن نزلت حسرة والم عليها خاصة وقد علموا انها اصيبت بمرض خطير انتشر في جسدها النحيل خلسة..

زارها رئيس الشركة وتحدث مع الاطباء ولما عرف ان لاجدوى من بقائها في عدن ويجب الاسراع في نقلها للخارج لأن المرض انتشر بسرعة في جسدها ،تحدث الى زوجها وطلب منه استخراج جوازات سفر له ولها بسرعة لنقلها للعلاج في الخارج على حساب الشركة..

انهى الزوج كل اجراءات السفر واستلم التذاكر ومصاريف العلاج ظلت السيدة ابتسام تعاني من الالام الشديدة التى يسببها لها مرض السرطان ولكنها كانت بايمانها القوي بالله تقاوم بصبر وجلد وعزيمة..
انهكها المرض كثيرا واضعفها لكنها كانت تبتسم وهي تتحدث وتشعرك بانك انت المريض وليس هي..

يوم السفر جهزوا لها سيارة اسعاف لنقلها الى المطار وحضر الزوج والابناء والاهل لوداعها..

انحنى الزوج على سريرها لايقاظها فلم ترد ، قام بهزها بقوة وهو يصرخ إبتسام اصحي ميعاد السفر الآن ستقلع الطائرة
ابتسام لم ترد وشعر أنها قد فارقت الحياة..

استدعى الطبيب المناوب،حضر فحصها واعاد الغطاء على وجهها قائلاً لهم:
البقية في حياتكم ..
السيدة ابتسام فارقت الحياة....

لقد رحلت ابتسام وعلى وجهها ابتسامة رآها كل من تواجد في وقت الوفاة ..
لقد رحلت بعد حياة حافلة بالعطاء..حفرت
إسمها في سجل المدراء الذين حققوا نجاحاً باهراً في عملهم بالشركة ..

حزن عليها زملائها فهم فقدوا زميلة وأماً وأختاً لهم ..

السيدة إبتسام رحلت
واقفة شامخة باسمة كما هي في حياتها قوية وصلبة وطيبة..
.....
سعاد خذابخش خان ..