آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 11:42 م

تحقيقات وحوارات


أطفال عدن.. معاناة ممتدة ما بعد الحرب

الثلاثاء - 13 أكتوبر 2015 - 07:32 م بتوقيت عدن

أطفال عدن.. معاناة ممتدة ما بعد الحرب

تحقيق/ إصلاح صالح

أسفرت الحرب في عدن عن خسائر بدنية ونفسية فادحة لدى الأطفال، فقد شهدوا رعبا لا يمكن وصفه، يصارعون من أجل نسيانه، دمرت القذائف والصواريخ منازلهم ومدارسهم وقتل أصدقاؤهم وأفراد عائلتهم أمام أعينهم، أصوات المدافع أصمت أذانهم وأزيز الطائرات أروع قلوبهم ومشاهد القتل والدمار شريط يتجدد أمام أعينهم كل يوم هذا ما يعيشه أطفالنا في عدن تضيع طفولتهم وتزداد معاناتهم في حرب صنعها الكبار ويدفع الأطفال ثمنها باهظا فماذا فعلت الحرب في أطفالنا؟.

 

مأساة نزوح

هذه الصور من بين مئات الصور التي شاهدتها لأطفال في عمر الزهور أثناء زيارتي للنازحين في مدارس عدن والتي اختلطت فيها معالم الحضر والبادية، ففي احد فصول المدرسة وضعت أحلام مولودتها الأولى فرح بعد أن نزحت من منطقة دار سعد، فتحت فرح عيناها على غرفة عارية في فصل تتقاسمه ثلاث اسر، صرخات الطفلة تملأ الفصل فإضافة إلى عناء النزوح والتشرد الحر الشديد وانقطاع الكهرباء وازدحام الفصل عمق المعاناة، لكن ماذا سيحُكي لفرح عن ولادتها وطفولتها عندما تكبر؟.

 

أشتي ارجع بيتنا..!!

لفت انتباهي الطفل أنيس الذي كان منشرد الذهن طوال الوقت قدمت إليه وإذ به يردد: ( أشتي ارجع بيتنا).

أنيس وغيره من الأطفال هم ضحايا عدم الأمن والاستقرار والصراع القائم يحلمون بالعودة إلى منازلهم ومدارسهم إلى الاستقرار والأمان فقد أفقدتهم الحرب لذة ذلك ، أصبح حلم العودة يراوده كل الوقت، وبقرب أنيس أطفال يلعبون وأصوات ضحكاتهم تملأ ساحات المدرسة رغم كل شيء مر بهم إلا أن اللعب ملاذهم الوحيد  الذي عله يخفف معاناتهم.


معاناة لا توصف

عندما تندلع حرب، تنتشر أخبارها في كل مكان، فتترك الكوارث آثارها السيئة على نفوس الأطفال، آثار الحروب كثيرة فهي تدمر الاقتصاد القومي والعمران والبنية التحتية للدولة، أما أكثر نتائجها مأساوية تلك التي تلحق بنفوس الصغار وترافقهم طيلة سنوات حياتهم.

قد يسهل الحديث عن الآثار التي تصيب الأطفال من الحروب سواء عايشوا أو شاهدوها لكن تجارب الآباء والأمهات مع هؤلاء الأطفال هي التحدي الذي يواجه كل أسرة ، تقول احد الأمهات التي عاشت تجربة من هذا النوع عندما كان أطفالها يسمعون أصوات الانفجارات كانت تخبرهم بأنها أصوات المفرقعات التي اعتادوا سماعها لكن هذه الكذبة لم تدم طويلا .

 

تجاوز مشاهد الحرب

إن اخطر آثار الحروب على الأطفال ليس ما يظهر منهم وقت الحرب بل ما يظهر لاحقا في جيل كامل ممن نجو من الحرب وقد حملوا معهم مشكلات نفسية لا حصر لها تتوقف خطورتها على قدرة الأهل على مساعدة أطفالهم في تجاوز مشاهد الحرب.

تقول الدكتورة ‏هبة عيسوي أخصائية نفسية يجب متابعة القيام بالأعمال الروتينية حتى يشعر الأطفال بالراحة والأمان‏ كما يلزم إغلاق التليفزيون للحد من تعريض الأولاد لمشاهد العنف لفترات طويلة‏.‏

‏وتضيف: على الأهل حث أطفالهم على الكلام وتشجيعهم على المصارحة بما يفكرون فيه أو يخيفهم ومراقبة تصرفاتهم وعلامات الخوف الشديد كالكوابيس والانفعال السريع والأرق وطمأنتهم حتى لا يعانوا من ضغوط نفسية تؤدي إلي إصابتهم بأمراض نفسية‏.‏

ختاما.. تحرق الحرب في سيلان نارها أحلام الطفولة البريئة مهما تحدثنا عن كوارث الحرب وأعاصيرها المرعبة وما تتركه من بصمات جارحة في أطفالنا يبقى كلامنا غيض من فيض ، فحين تعصف رياح الحرب يلف الخوف والرعب حياة الأطفال فيلهثون قلقا ويشربون دموعا ويصبح حديثهم متمحورا حول الموت والنار والرصاص والدمار .