آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 03:23 م

اخبار وتقارير


تحليل : مشاورات السويد وقشة الغريق !

الأربعاء - 05 ديسمبر 2018 - 06:17 م بتوقيت عدن

تحليل : مشاورات السويد وقشة الغريق !

كتب/ د. عيدروس نصر النقيب*

بذل المبعوث الدولي إلى اليمن السيد مارتين جريفيت مجهوداً خرافياً ليضمن وصول الوفد الحوثي إلى ستوكهولم إلى درجة القبول بكل شروط الحوثيين من ترحيل الجماعات الإيرانية واللبنانية تحت حجة الجرحى ومرافقيهم، واصطحاب الوفد الحوثي على نفس الطائرة ليضمن عدم هروبهم من مسقط أو أي مدينة أخرى، ولم ينزل في مطار ستوكهولم إلا بصحبتهم في ظاهرة نادراً ما تحصل مع مبعوث دولي محايد يسعى لحل مشكلة قائمة وليس لاسترضاء طرفٍ (متمردٍ) على حساب الطرف الآخر (الشرعي).

يعتقد السيد جريفيت أنه بجمع الطرفين في فندق واحد (وليس على طاولة واحدة) قد قطع نصف الطريق وأنه حقق نجاحات منقطعة النظير، وهو يعلم أن من سبقه قد جمع الطرفين مئات الأيام وفي نفس الصالة وعلى نفس الطاولة دون أن يلين شيئا من موقف الحوثيين، كما يعلم السيد جريفيت أن الاشتراطات والتدللات الحوثية الحقيقية لم تبدأ بعد، وإن مجرد وصول الوفد الحوثي إلى ستوكهولم لا يعني شيئا فأمر صغير عبر الهاتف من طهران سيجعل هذه الجماعة تغادر السويد ولن تعود إلا بتلبية شروطها الجديدة والتي من بينها إلغاء المرجعيات الثلاث (التي تتمسك بها الحكومة تمسك الغريق بالقشة) وعدم قبول عودة الرئيس هادي والتمسك بالسلاح واعتبار أفراد المليشيات وموظفيها العسكريين والمدنيين جزء من الجيش الوطني والجهاز الحكومي القادم . . . .وما إلى ذلك.
* * *
يتداول الكثيرون من نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي الكثير من العبارات والمنشورات الغاضبة والساخرة والمتندرة حول عدم مشاركة الجنوب، وعلى وجه الخصوص المجلس الانتقالي الجنوبي في محادثات ستوكهولم، ويعتبر الكثيرون ذلك بمثابة شطب للقضية الجنوبية وتعرض الجنوب لخديعة أممية وإقليمية ومحلية.

شخصيا كنت منذ وقت مبكر، وما زلت أعتقد أن المشاركة في أية مشاورات دولية ينبغي أن تقوم على أساس إدراج القضية الجنوبية في جدول أعمال النقاش، وليس فقط تمثيل الجنوب لمجرد التمثيل، ولأننا نعلم ويعلم الجميع أن لقاء ستوكهولم لن يكون إلا لقاءً إجرائياً بروتوكوليا تمهيديا الغرض منه مناقشة إجراءات بناء الثقة بين طرفي الصراع على السلطة في اليمن، فإن حضور المجلس الانتقالي لا يختلف عن عدم حضوره وفي رأيي الشخصي أن على الجنوبيين أن لا يتعلقوا كثيرا بالمفاوضات بين الشرعية والانقلابيين فالطرفان متفقان على مواجهة الشعب الجنوبي ورفض حقه التاريخي والقانوني في تقرير مصيره، ومن المؤكد أنه لا اجتماع استوكهولم ولا أي اجتماع يمكن أن يحسم في هذه القضية وأن الحسم فيها يتوقف على وحدة الإرادة الشعبية الجنوبية واتفاق الفاعلين الجنوبيين على الساحة على القواسم المشتركة المعروفة والبديهية وعلى رأسها الحق في تقرير مصير الجنوب وترك ما عدا ذلك من اختلافات وتباينات لحسمها في إطار عملية حوارية جنوبية لا تخضع لأي شروط إلا شرط احترام إرادة الشعب الجنوبي.

أما الحضور في المشاورات الدولية المرهون نجاحها وفشلها بقرار من طهران، والمرشحة للفشل في أي لحظة فلا يختلف عن حضور شاهد الزور أو الشاهد الذي "ما شافش حاجه".

*رئيس الدائرة السياسية للمجلس الانتقالي