آخر تحديث :الأربعاء - 24 أبريل 2024 - 02:57 م

اخبار وتقارير


تقرير مصور- معاصر السمسم.. صناعة تقليدية تكافح للبقاء في لحج

السبت - 02 فبراير 2019 - 03:42 م بتوقيت عدن

تقرير مصور- معاصر السمسم.. صناعة تقليدية تكافح للبقاء في لحج

تقرير - صدام اللحجي

المعاصر التقليدية لزيت السمسم (السليط الحالي) في مدينة الحوطه بلحج صامدة تخدم المواطنين بالطريقة القديمة المتوارثة منذ زمن طويل، رغم ظروف الحرب، والتطور التكنولوجي الذي رافق العديد من المهن الحرفية في البلاد.وتشكل معاصر الزيوت الطبيعية في مدينة الحوطة جزء مهما من الموروث الشعبي (اللحجي) المتدوال منذ المئات من السنين، وتعتبر مصدر عيش للعديد من الأسر في المحافظة كما أنها تعد بمثابة موروث ثقافي واجتماعي مهم، لا يمكن الاستغناء عنه مهما كانت الظروف.وعلى الرغم من أن مدينة الحوطة بلحج تعرضت لحرب واسعة إبان الحرب منذ أكثر من أربعة أعوام جراء، إلا أن معاصر السمسم لم تتضرر بشكل كبير، كما تضررت العديد من المنشآت التجارية والاقتصادية الأخرى في المدينة.

صناعة :

وتصنع معصرة السمسم التقليدية من جذوع الأشجار الكبيرة على شكل دائري مجوف من الداخل، مع ارتباطها بحجرة كبيرة ذات لون أسود.ويتم وضع بذور السمسم في المعصرة قبل أن تتم إضافة كميات مناسبة من المياه إليها، وتُحرك داخل المعصرة بواسطة القطب بحركة دائرية عن طريق الكهرباء، ليتم الحصول بعدها على زيت السمسم ذي اللون البني والرائحة الزكية والنفاذة.

موروث :

تتواجد معاصر الزيوت الطبيعية في المدينة في نفس شارع الذهب أشهر الأحياء الشعبية في مدينة الحوطة بلحج يوجد محل صغير يجلس فيه فضل ناصر سعد، مالك معصرة سمسم، توارثتها أسرته منذ أكثر من مئة عام.تبدو على فضل السعادة الكبيرة في عمله بالمعصرة التي تدر عليه وأسرته دخلا محترما، يقول “إن المعصرة التي حملت اسم ‘معصرة بن سعد’ تأسست قبل أكثر من قرن، ويتم عصر زيت السمسم فيها وتصفف العديد من القناني المعبأة بالزيوت الطبيعية بداخل معصرة بن سعد المتواضعة، وينتج خلال عملية العصر ما يقارب 5 لترات من الزيت الجاهز للاستخدام، بالإضافة إلى بعض المكونات الأخرى التي تستخدم كغذاء للماشية واحتياجات. وحول كيفية استخلاص زيت السمسم يشير فضل إلى أنه يتم وضع الحبوب التي يتم جلبها من المزارعين داخل الحجرة الداخلية للمعصرة المرتبطة بخشبة، ومن ثم يقوم بتشغيل المعصر عبر الكهرباء بعصرها لساعات، وبعدها يتم غرف الزيت ويبين فضل الفرق بين زيوت المعصرة التقليدية والزيوت التي تتم صناعتها بآلات حديثة، أو التي يتم جلبها من الخارج “الزيت الذي يتم إنتاجه في المعصرة، منذ زمن طويل يعتبر من أفضل أنواع الزيوت جودة وطعما وفائدة، حيث أن الآلات الجديدة تقوم بحرق الزيت، أما الإنتاج عن طريق المعصرة فيتم بطريقة طبيعية”.

استخراجه :

يستخرج زيت السمسم بعصر حبات السمسم في معاصر خاصة، حيث توضع في عود مجوف ويضاف إليه الماء ثم يوضع فوقة عود ضخم ليقوم بعصر السمسم ويسخن العود نتيجة الاحتكاك فيتبخر الماء المضاف عليه ويتبقى الزيت وقد تحول بعض هذه المعاصر إلى كهربائية إلا أنها لا تلقى رواجا بين محبي زيت السمسم لاعتقاد الناس أن طريقة العصر الحديثة تغير طعم الزيت نتيجة للمواد المعدنية المستخدمة ويعصر حب السمسم باردا بعد تنظيفه من الشوائب وقد يعصر بعد تحميصه للحصول على نكهة خاصة، وهناك أنواع عدة من حب السمسم منها: الأحمر والأبيض والأسود والتي تنعكس على لون الزيت الذي يعد من الزيوت التي تبقى لفترة طويلة صالحة للاستهلاك، وهو خال من الكولسترول تماما.

التصفية :

بعد تأكد صاحب المعصرة من عصر حبات السمسم تماما يوقف دوران المعصرة ويفك عود المعصرة ويخرج العود الضخم من وسط المعصرة وينتظر حتى يبرد الزيت ومن ثم يرفع الزيت بواسطة وعى يدخله وسط المعصرة ويفرغه في وعاء من الحديد أوالبلاستك، ومن ثم يصفيه وبذلك يكون جاهزا للبيع، أما متبقي عملية العصر إما تكون معدة للبيع ولها زبائنها أو تدخل في علف الماشية.

ثقافة :

يقول المواطن مهدي محمد قادري صاحب معصرة السمسم في حوطة لحج أن بإمكان الدولة استثمار هذه المهنة في تصدير الزيوت للخارج لدعم اقتصاد البلاد، مشيرا إلى أن الكثير من زبائنهم يشترون كميات كبيرة من الزيوت ويصدرونها لدول الخليج بأسعار مرتفعة ولا تلتفت كثيرا وزارة الزراعة والسلطات المحلية في البلاد إلى هذه المهن، يضيف يعتمد كثير من المزارعون وأرباب الحرف على أنفسهم في توفير المعدات والبذور وشراء المبيدات وتعلم استخدامها، الأمر الذي ينعكس سلبا على الكثير من الحرف التي هجرها أهلها بسبب إهمال الحكومة وعجزهم عن توفير احتياجات البقاء في أعمالهم وبحسب مهدي فإن نسبة ارتفاع سعر زيت السمسم وانخفاضه تعتمد أساسا على أسعار الحبوب وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الزيت حاليا بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، إلا أن الإقبال على شراء زيت السمسم لا يزال كبيرا، حسب مهدي وهناك عدة مسميات لزيت السمسم في لحج، منها “السليط الحالي”، و”الجلجل”.
فضل ناصر سعد العاقل، هو الآخر مالك معصرة ولا تزال معصرته التي توارثتها أسرته منذ سنوات طويلة، صامدة حتى يومنا هذا يقول فضل ناصر إنه لن يفرط أبدا في محله وفي مهنة صناعة السمسم والزيوت الطبيعية، مؤكدا أنه سيورثها إلى أحفاده كما ورثها هو عن أجداده وتابع “هذه المعاصر تعد من أهم الموروثات في لحج منذ القدم وهي ثقافة قبل أن تكون مهنة وأنا فخور بها وبتوريث ثقافة بلادي حتى لا تندثر مع مرور السنين”.
وذكر فضل ناصر بأن مدينة الحوطة كانت تحوي نحو كبير من معصر السمسم، إلا أنها أخذت في التقلص، وبقيت ثلاثة معاصر منها حتى يومنا هذا ويملك فضل ناصر سعد في محله الذي أطلق عليه اسم “الأمانة الأثرية”، معصرة متوسطة الحجم مصنوعة من أحجار قديمة، يقول “رغم مرور زمن طويل عليها لم تتغير هذه الحجارة حتى الآن ويشير إلى أن الزيوت التي تصنعها الآلات الحديثة والمستوردة من الخارج لا تكون نقية وصحية مثل الزيوت الطبيعية التي تنتجها المعاصر التقليدية، وعلى الرغم من أن أسعار الزيوت الطبيعية مرتفعة مقارنة بالصناعية، إلا أن الإقبال عليها لا يزال كبيرا.

فوائد :

يعتبر زيت السمسم على علاقة كبيرة بحياة العديد من الأسر، التي تضيفه إلى عدة طبخات ووجبات يومية، فضلا عن استخدامه كأدوية صحية ويقول الأطباء “يعد زيت السمسم منشطا جنسيا لاحتوائه على فيتامين (أ) والدهون الحمضية التي تنشط الدورة الدموية في الجسم، وإذا اشتمل الغذاء اليومي على فيتامين (أ) فإنه يقلل من ظهور الشيب في الشعر، ويعطي الجلد نعومة ونضارة، ويجعل الخلايا تعمل بحيوية وعلى هذا الصعيد يقول المواطن محمد علي إنه يحرص على شراء زيت السمسم، واستخدامه في الطعام بديلا للسمن البلدي الذي يتم إنتاجه من حليب الأبقار.