آخر تحديث :الخميس - 18 أبريل 2024 - 09:01 ص

اخبار وتقارير


العبث السياسي- العسكري من مسيرة الوهم الى سياسة التدويل ..!!

السبت - 09 فبراير 2019 - 04:27 م بتوقيت عدن

العبث السياسي- العسكري من مسيرة الوهم الى سياسة التدويل ..!!

كتب / د.نجيب ابراهيم سلمان

ان حالة الصراح احدث غليان سياسي انتاب بعض القوى التي أستدعت التذكير باهمية التروي والتأني في حين ان الفعل السياسي كان نتاج المثابرة على العمل المتصل بالقوى الفاعلة في الميدان المعتمدة على القدرات الذاتية المؤثرة في الواقع السياسي في ظل التجاذبات القائمة المعتمدة على تقدير المواقف من زوايا مختلفة يستجيب كل منها للمصالح التي تبنى عليها السياسات تجاه القضايا والمشكلات التي هي موضوع الإهتمام وطنياً واقليميا ودولياً.

في خضم هذا التجاذب تطرح قضية شعب الجنوب كقضية في إطار ومفهوم محددات الازمة اليمنية التي اكتسبت طابعا اقليميا ودولياً بفعل التدخل العسكري والدبلوماسية المحمومة لدول التحالف التي جعلت من هذه الأزمة ورقة على طاولة مجلس الامن والامم المتحدة والمنظمات الدولية وهذا يعني تدويلاً للازمة بعد " اقلمتها" التي تدرجت من اسقاط النظام في ٢٠١١م الى شل المؤسسات الهشة اصلاً في الدولة الفاشلة والإنحدار بالحالة العامة الى الحلول التوافقية بتدخل دولة الجوار الكبرى التي توجست خوفا وحيطة وحذر من الربيع العربي الذي اقترب من محيطها وكانت المبادرة الخليجية ليس حلاً ، بل حلحلة لحالة التوتر وترحيل الازمة لإنها تناولت رأس النظام ولم تتناول جذور النظام واسباب الفشل وبقي الحل معلقاً بمدى استجابة المؤسسات القبلية العشائرية الأسرية العسكرية للتوجهات العامة لاهداف اقليمية متعجلة ومجتزءة الإجراءات وعندما ارادت ان تضع آليات التنفيذ بالتفنيد للأزمة احدثت فرزا سياسيا واجتماعيا وقبليا كان الحوار الوطني مظلته وضالته القريبة للقوى المتصارعة على السلطة مما عمق الازمة وخلق بيئة واجواء تنذر بإنتقال الجميع من الحوار بالسياسة الى السياسة بوسائل اخرى هي العنف او بتسمية ادق الحرب .
وفي غفلة من قوى الخارطة السياسية نشأت تحالفات لم تبنى على قاعدة متينة واضحة المعالم والمصالح والمؤشرات وحساب النهايات بالخطوات التكتيكية التي دفعت بالقوى السياسية الأضعف الى واجهة الصراع وفي طليعتها انصار الله " الحوثي" التي استخدمت تكتيكات غاية في الخطورة لم يدرك ابعادها المتحالفون والمتخاصمون على حد سواء ، فكان تكتيك انصار الله (الحوثي) في خطواته العسكرية هو :

" القضم ثم الهضم" الذي استمر تحت إستعارة دينية سميت "المسيرة القرآنية " ومحفزات جهادية بإطلاق شعار سمي بالصرخة:

" الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل .. اللعنة على اليهود .. النصر للإسلام " في حين التكتيك العملي العسكري - السياسي بدا بقضم المناطق شيئ فشيئ بدء من دماج فعمران حتى وصل مشارف صنعاء ..تكتيك القضم ثم الهضم اعطى نتائج تتوافق فيه مع الهدف المستتر وتستجيب لمغزى الهوى السياسي الحوثي والعفاشي قبل الإعلان عن نفسه كحليف لانصار الله - الحوثي .. وعلى مشارف المدينة صنعاء شعرت قيادة انصار الله الحوثي ان التحالف مع مناصري الرئيس يفيد تحقيق الأهداف ولكن العاصمة المتروسة بالوحدات العسكرية والاسلحة المختلفة منقسمة الولاء ربما يطيل امد المواجهة عسكريا ، فلجأت هنا الى تكتيك جديد يتماشى مع تكتيك " القضم ثم الهضم" هذا التكتيك الموازي هو:
تكتيك " التحييد ثم التأييد" في حين تحقق نجاح المرحلة الاولى من تكتيك القضم بالوصول الى صنعاء والدعوة الى تحييد قوات الدفاع والامن.
وبتأثير الحليف الغير معلن حينها تيار المؤتمر النصير لصالح تم الإستيلاء على العاصمة بتكتيك تحييد القوة العسكرية ومن ثم فُرض عليها التأييد ..
عندما حاولت استخدام نفس تكتيك استطاعت تحقيق اهداف المرحلة الاولى من ذلك التكتيك بالقضم زحفاً على بعض مناطق الجنوب بعد ان تحقق لها المرحلة الثانيه من تكتيك "التحييد ثم التأييد " في العاصمة صنعاء ومناطق الإنتشار العملياتي للقوات المسلحة التي هي اصلاً قادتها اما موالين لصالح او معارضين له وموالين لخصومه لذا استمر تكتيك التحييد.. وفي المسيرة بعد التحييد بدأت تفرض شيئا فشيئا المرحلة الثانية من التكتيك الثاني الذي فرض اعلان التأييد و بعد ان ايدتها كل القوة العسكرية الشمالية المنتشرة في مناطق الإجتياح شمالاً حيث احدث هذا التكتيك وهم امكانية نجاحه في المناطق الجنوبية والذي اوصلها تكتيك القضم للاراضي الى مدينة عدن ، حينها استطاعت ان تقضم ارض ولم تستطيع ان تهضمها بسبب عَظْمْة المقاومة الجنوبية ، حيث اندحرت مهزومة وفشل تطبيق تلك التكتيكات لان الغطاء كان مكشوفاً للجنوبيين من شعار
" الموت لامريكا..." الى " المسيرة القرآنية " التي لم تكن كذلك.

اذن مالذي افشل تكتيكات الحوثيين في الجنوب..؟
اولاً: ان التوافق السياسي في مواجهة النظام حدث انطلاقاً من تشابه المظلومية لشعب الجنوب مع مظلومية سكان صعدة في شمال الشمال رغم ان الجنوب كان شعب ودولة وصعده منطقة وكيان اداري في دولة مما استبعد كثير من السياسيين في الجنوب حدوث اجتياح عسكري بقيادات حوثية وانقلاب عسكري في الالوية المتواجدة في الجنوب التي اختفت تحت شعار تأييد الشرعية لتجنب اقتحام معسكراتها مستفيدة من درس الامن المركزي في الصولبان الذي جاهر بولائه للحوثيين وحليفه صالح فعرض نفسه للمواجهة واقتحام معسكره وهروب قياداته.
ثانيا: استخدم الحوثيون طاولة " الحوار الوطني" وبالذات حول القضية الجنوبية للتميز في تأييد امكانية حق الجنوبيين في تقرير المصير مما اوهم هذا الموقف استحالة الإنتقال الى الموقف النقيض وهذا افقد الحوثيين ثقة كل الجنوبيين.
ثالثاً: الحروب الستة في صعدة احدثت تعاطفاً جنوبياً مع قضية صعده
وعندما حان وقت اثبات هذه المواقف الصوتية الإعلامية عندما اصبحو قاب قوسين او ادنى من حسم السيطرة والوصول الى السلطة تراجعوا عن كل تلك الوعود بل تجاوزوها من التراجع السياسي الى استخدم القوة العسكرية لإخضاع الجنوب .
كل ذلك حدث في ظروف اختلال موازين القوى عسكرياً .
وبتعدد المقاومة الجنوبية وودحر وتحرير مناطق كثيرة من الجنوب وتشكيل القوة العسكرية الجنوبية بدعم اقليمي وتدخل عسكري بغطاء جوي فان مصير تلك التكتيكات انقلبت على واضعيها وبدى الامر وكأن ذلك التكتيك يفعل فعله في القضم والهضم وتكتيك التحييد ثم التاييد في العمليات العسكرية المعاكسة ضد الحوثي وحلفائه التي انتقلت من الدفاع الى الهجوم ومن الإحتفاظ بالارض الى الإنطلاق منها لتحرير مناطق مختلفة من باب المندب وصولا الى الحديده.
ولكن على الجميع توخي الحذر من وهم استخدام نفس التكتيكات التي بدات تفقد امكانية تحقيقها بفعل اثر التفاعل الدولى مع ازدياد المخاطر على الممر المائي الدولي.
ان التدخل المحموم واتساع مساحة النشاط الاممي والتغلغل في اهم المناطق تحت غطاء توافق طرفي النزاع في استوكهلم على محددات معينة تحرم طرفي النزاع من السيطرة على الموانئ الثلاثة الحديده والصليف وراس عيسى نظرا لعدم ثقة المجتمع الدولي بطرفي النزع في حماية البحر الأحمر كممر مائي دولي مما جعلهم يضعون الخطط لاحكام السيطرة عليه وترك الجغرافيا اليمنية الاخرى لحسم المتصارعين دون تدخل، في حين يتم ارجاء الحديث او البث في قضية شعب الجنوب او تناولها في مشاورات طرفي النزاع على السلطة ..كون الجنوب ارض شبه مستقلة وان لم يظهر بوضوح خارطة القوى التي تدير الجنوب الا ان استجابتها لمتطلبات الحل قد رُحل الى ان يتهيأ مناخ يلائم الحل السياسي وفق منظور دولي اقليمي.
هذا هو العبث السياسي بوسائل اخرى ابتدأ من مسيرة الوهم والجهل بالابعاد والتبعات الى الوقوع في حبائل شبكة المصالح الدولية التي انتزعت السيطرة من القوى السياسية المتنازعة محلياً الى انتزاع زمام المبادر من التحالف العربي اقليمياً الى فرض واقع جديد يتقبل التدويل ليس سياسياً فحسب بل وعسكرياً على وجه العموم.
بهكذا واقع ووقائع تضع امام القوى السياسية الجنوبية والإقليمية تعقيدات جديدة ومتطلبات اكثر جدية للسير قدما باتجاه بوابة الخروج من الازمة اليمنية.