آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 12:08 ص

عرب وعالم


رياح التغيير في ليبيا والسودان تقوض النفوذ التركي القطري

الجمعة - 24 مايو 2019 - 10:09 م بتوقيت عدن

رياح التغيير في ليبيا والسودان تقوض النفوذ التركي القطري

عدن تايم- العرب اللندنية

السودان وليبيا أصبحا ساحتين تتواجه فيهما القوى الخليجية التي تخوض صراعا عسكريا في ليبيا واقتصاديا في السودان

"التأثير القطري والتركي في ليبيا والسودان يتراجع على وقع التغييرات السياسية والعسكرية التي يشهدها البلدان، وهو ما يشرع الأبواب لمحور السعودية- الإمارات، اللتين تدعمان معركة الليبيين في القضاء على الفوضى والميليشيات لإعادة الاستقرار، وقد سارعتا إلى تقديم حزمة مشتركة من المساعدات لدعم الاقتصاد السوداني بما يخفف المعاناة عن كاهل السودانيين."

يواجه محور قطر تركيا خطر فقدان النفوذ في دول تشهد أزمات حاليا وتدخلات إقليمية، مثل السودان وليبيا، وذلك لصالح محور السعودية والإمارات.

وتراقب الدوحة، حليفة الخرطوم منذ زمن طويل، بصمت معبّر تطورات الأوضاع في السودان حيث يخوض الجيش الذي يتولى السلطة منذ إطاحته بالرئيس عمر حسن البشير في 11 أبريل الماضي، مفاوضات شاقّة مع قادة الاحتجاج الشعبي.

وتلقى البشير الذي تولّى السلطة في 1989 إثر انقلاب دعمه الإسلاميون، لمدة طويلة مساعدات اقتصادية من قطر. بينما شكل السودان خلال حكم البشير نقطة انطلاق لتركيا للسعي إلى تعزيز وجودها في القارة الأفريقية.

ويقول الأستاذ في جامعة كينغز كولدج في لندن أندرياس كريغ إنّ “الدوحة فقدت إثر الثورة نفوذها في السودان”، مضيفا أنّ الرجل القوي الجديد في السودان، الفريق عبدالفتاح البرهان، “تربطه علاقات وثيقة بأبوظبي أكثر من الدوحة”.

ووصل إلى جدة مساء الخميس نائب رئيس المجلس الانتقالي السوداني الفريق أول محمد حمدان دقلو، (حميدتي) بحسب ما ذكر المجلس، من دون أن يعرف بعدُ هدف الزيارة، فيما اكتفت وكالة الأنباء السعودية بالقول إن ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان اجتمع مع نائب رئيس المجلس العسكري السوداني في وقت مبكر من يوم الجمعة. وأضافت الوكالة أن الاجتماع بين الأمير محمد بن سلمان والفريق أول محمد حمدان، عقد في مدينة جدة وجرى خلاله البحث في التعاون بين البلدين.

وكانت الإمارات والسعودية قد أعلنتا في 21 أبريل الماضي، بعد عشرة أيام على الإطاحة بالبشير، تقديم دعم مالي قيمته ثلاثة مليارات دولار للسودان. وأودعت وزارة المالية السعودية، الأسبوع الماضي، 250 مليون دولار في البنك المركزي السوداني تنفيذا لقرار حكومي بدعم الخرطوم. والمبلغ هو نصف الوديعة المشتركة مع الإمارات.

وذكرت الوزارة في بيان أن “الخطوة ستعزز المركز المالي للسودان وتخفف الضغوط عن الجنيه السوداني وتحقق المزيد من الاستقرار في سعر الصرف”. ويجمع محللون سودانيون على أن تعهدات دول الخليج المالية ستسمح للخرطوم بترتيب ملفاتها الاقتصادية رغم صعوبة المهمة.

وفي السنوات الأخيرة حصل تقارب بين أبوظبي والرياض، والقادة العسكريين السودانيين. وأرسلت الخرطوم المئات من الجنود للانضمام إلى قوات التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن منذ 2015 لدعم القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

ويرى كريغ أن أبوظبي والرياض تعتمدان على العسكريين السودانيين الممسكين حاليا بزمام السلطة في الخرطوم لضمان مصالحهما على المدى الطويل.

الدوحة فقدت إثر الثورة نفوذها في السودان
الدوحة فقدت إثر الثورة نفوذها في السودان
ويقول الأستاذ في جامعة باريس ماتيو غيدير المتخصص بأحوال العالم العربي إنّه “يوجد حاليا في السودان صراع على السلطة والنفوذ بين العسكريين الذين يفضّلون المعسكر القطري- التركي وأولئك الذين يميلون أكثر إلى التحالف مع المعسكر السعودي- الإماراتي”.

وتخشى الرياض وأبوظبي من أن يؤثر انعدام الاستقرار في الخرطوم على مصالحهما المرتبطة بأمن المنطقة. وتنظر الدولتان النفطيتان بكثير من الريبة إلى الانتفاضات الشعبية التي قد تتحول إلى نزاعات مسلّحة كما حصل في 2011 في ليبيا الغارقة في الفوضى منذ ذلك الحين، أو التي قد تنزلق إلى الفوضى كما حصل في مصر وما أعقب ذلك من صعود لجماعة الإخوان المسلمين.

ويشكل دعم الحركات الإسلامية، ولاسيما جماعة الإخوان المسلمين، أحد أبرز أسباب الخلاف بين قطر وجارتيها الخليجيتين. ففي يونيو 2017، قطعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر علاقاتها مع الدولة الصغيرة الغنية بالغاز، متّهمة إياها بدعم الجماعات المتطرفة.

وفي السودان، يؤكد قادة الاحتجاج الشعبي رفضهم للعبة المحاور، مشدّدين على أنه لا ينبغي أن يكون لمحور الرياض- أبوظبي أو لمحور الدوحة- أنقرة أي دور في رسم مستقبل بلادهم. وقال أحد قادة الحركة الاحتجاجية، مشترطا عدم نشر اسمه، إنّ “التغيير السياسي أحدثه الشعب السوداني ولا علاقة له بأي دولة أخرى”. وأضاف “نحن نريد علاقة متوازنة مع دول المنطقة”.

وفي طرابلس أيضا، يواجه النفوذ القطري التركي منافسة حادة من المحور المنافس. وتدعم الدوحة وأنقرة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا والتي تتخذ من طرابلس مقرا، بينما تدعم الرياض وأبوظبي المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي الذي يشن هجوما منذ مطلع أبريل لتحرير طرابلس من الميليشيات.

وقال موفد الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة الأربعاء من نيويورك، إن “ما بين ست إلى عشر دول تتدخل بشكل دائم في المشكلة الليبية” وتقوم بإدخال السلاح والمال وتقدم المشورة العسكرية لهذا البلد. وأسفرت المعارك الدائرة بين قوات حكومة الوفاق وقوات الجيش عن مقتل 510 أشخاص على الأقل، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

وتتّهم حكومة الوفاق المشير خليفة حفتر الذي بات الرقم الأهم في المعادلة الليبية، بتلقّي دعم عسكري من الإمارات ومصر، بينما يتّهم حفتر كلاّ من تركيا وقطر بتزويد خصومه بالأسلحة. وقال سلامة إنّ ليبيا مترامية المساحة وغنية بالنفط لذلك هي “مثال على التدخّل الأجنبي في نزاعات محلية”.

ويرى الخبير في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) في باريس كريم بيطار أنّ السودان وليبيا “أصبحا ساحتين تتواجه فيهما القوى الخليجية المتنافسة” التي تخوض “صراعا عسكريا في ليبيا”، وصراعا “اقتصاديا وماليا في السودان”.

وأضاف أنّ ليبيا والسودان أمّنتا لقطر “متنفّسا دبلوماسيا”. غير أنّ ماتيو غيدير يعتبر أنّ “انخراط المملكة العربية السعودية والإمارات في ليبيا، وتقاربهما مع السودان، قد يحدّان من نفوذ قطر ويزيدان من عزلتها” في المنطقة.