آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 03:01 م

تحقيقات وحوارات


هكذا تستشهد سيوف الجنوب

الأحد - 02 يونيو 2019 - 02:55 م بتوقيت عدن

هكذا تستشهد سيوف الجنوب

رصد/ د . عبده يحيى الدباني

( بمناسبة الذكرى الخامسة لاستشهاد سيف علي الدباني، وعزاء في استشهاد القائد البار سيف سكرة العفيف)

ياترى من أين أبدأ في خضم هذه الاحداث والذكريات ?
فما أكثر سيوف الجنوب التى قضت نحبها في سبيله بعد أن صالت وجالت ودخلت في تاريخه المعاصر من باب الشهادة وضربت مثالا في القوة
والتضحية والإخلاص.
أشهر هذة السيوف التي عرفتها هي السيوف الجنوبية الثلاثة كانوا سيوفا في الاسماء والصفات .
سيف يافع : الشهيد أحمد سيف المحرمي وسيف الضالع الشهيد سيف سكرة العفيف وسيف حالمين الشهيد سيف علي سيف الدباني .
أما سيف يافع فقد استشهد في الساحل الغربي في فبراير 2017م وأما سيف الضالع فقد استشهد في أحد ثغور الجنوب المشتعلة في ضالع الصمود في هذه العشر المباركة.
وأما سيف حالمين فقد استشهد في يوليو عام 2014م في شهر رمضان في منطقة الفرشة عسيلان، بيحان ، شبوة الحبيبة.
أما الشهيد أحمد سيف المحرمي فهو أشهر من نار على علم وقد جمع بين القيادة المحنكة والسياسة المتأنية وابلا بلاء حسنا في صد العدوان الشمالي بقيادة الحوثي في 2015م وكان من أولئك الرجال الذين قلبوا معادلة الحرب من الهزيمة إلى النصر حتى توغل في قلب العدو سيفا صارما فحرص الأعداء على اغتياله وقد كان بحد ذاته جيشا جنوبيا زلزل الأرض تحت أقدامهم أرضنا وأرضهم على حد سواء.
جمعتني به جلسة واحده فقط في 2016م تقريبا في منزله وجدته عقلا رصينا وعزيمة فولاذية وإنسانا طيبا متواضعا رحمه الله.
وأما الشهيد سيف سكرة العفيف فحدث ولاحرج عن المزايا والطوايا فقد جمع بين دهاء القائد وشجاعته وبين طاعة الجندي وطيبته وتواضعه والتزامه وجلده ولا غرو فإن القاده الناجحين كانوا هم الجنود المخلصين وما سيف سكرة إلا قائد استثنائي في الجيش الجنوبي وجندي بار منضبط لوطنه الجنوب وطليعته السياسية.
سيف سكرة حين علمت باستشهاده كأن نصلا غاص في صدري فعزمت أن أكتب مقالا ناريا غاضبا يتضمن فكرة الا ثمن لاستشهاد سيف سكرة إلا تحرير عدن من شرعية المكر والغدر وبقايا الاحتلال وفرض امر واقع في الجنوب ولكن عزفت عن ذلك وقدرت أن الكتابة في ساعة الغضب قد توقع في الخطأ والتسرع .
انه سيف سكرة حين تحطه على الجرح يطيب كما يقول إخواننا المصريون .
(واني لحلو تعتريني مرارة) كما قال الشاعر.
تعرفت عليه مع نهاية عام 2015م حين نظمنا في الهيئة الأكاديمية زيارة إلى الضالع وبالذات المواقع التي شهدت الملاحم في حرب تحرير الضالع الأسطورية من الغزاة المحتلين مثل جبل السوداء والجرباء . لقد كان الشهيد اول مستقبلينا مع محافظ الضالع حينها وهو الأخ المناضل فضل الجعدي مساعد الأمين العام للمجلس الانتقالي الجنوبي حاليا.
اذهلني هذا الرجل في عزمه وحزمه وحيويته سار يتنقل بنا بسيارته من موقع إلى موقع يمر بها في طرق وعرة فوق استطاعتها كأنما قوة السائق انتقلت إلى السيارة فتحولت إلى مصفحة قوية . تحس أن بداخل هذا الرجل عددا من الأطفال وعددا من الأبطال كان هو الضالع والضالع هو قوة وتواضعا وكرما وزهدا وحسن معشر فلو استحالت جبال الضالع إلى هيئة رجل لكان ذلك الرجل هو سيف سكرة فهو منحوت منها نحتا قلبا وجسدا .
وأما الشهيد سيف علي سيف الدباني فهو بيت القصيد في هذا المقال فنحن نشهد في هذه الأيام ذكرى استشهاده الخامسة . ومنذ استشهاده وأنا أحاول أن أكتب شيئا عن حياته أو عن شعره أو عن إستشهاده ولكن أرجأ هذا العمل مرة بعد مرة فالكتابة عن أقرب الناس إلى النفس فيها صعوبة بالغة. فهو ابن عم ورفيق طفولة وصديق حياة .
لقد اختلف مسار كل منا فهو سجل جنديا في منتصف الثمانينات وأنا واصلت دارسة الثانوية والجامعة. عاش حياة غلبت عليها روح المغامرة وعدم الخوف من العواقب مهما تكن وكان ينجو في كل مرة . عاش حياة فيها فقر وتشرد ومعاناة وليس هنا مجال الحديث المفصل عن حياته وشعره وقصصه المغامرة ، فهذا مشروع أيام قادمه بعون الله. فشعره بحاجة إلى جمع وتقصي ودراسة .
وفي 2014م حدث صراع قبلي في ظاهره بيد أنه سياسي في مضمونه. هذا الصراع حصل بين قبيلة جنوبية هي قبيلة بلحارث في عسيلان وقبيلة شمالية على الأرض الواقعة في الحدود بين الشمال والجنوب فوجهت القبيلة الجنوبية دعوة إلى نشطاء الحراك الجنوبي فلباها نشطاء مقاتلون من أماكن مختلفة في الجنوب فكان منهم ومعهم شهيدنا سيف علي سيف الدباني الذي استبسل في تلك المعركة وشهد له رفاقه بذلك
ومنهم القائد مختار النوبي والقائد فيصل جبران واحمد الجحافي وآخروين . وبعد أن تحقق النصر أصيب شهيدنا إصابة لم تكن بالغة وحين رأى الجراد تموت هنالك قال :- لقد قال لي أبي يوما انك ستموت حيث تموت الجراد، دخل شهيدنا في حالة نفسية صعبة ، كان اخوه العقيد الشهيد حسن علي سيف الدباني قد اغتيل في خور المكلا قبل معركة عسيلان بأيام على يد إرهاب الفرقة
الأولى مدرع وقائدها.
رفض سيف أن يتم نقله إلى صنعاء ومن هنالك إلى الخارج للعلاج ولكنه نقل إلى صنعاء رغم من غير موافقته . وقبل أن يغادر إلى الخارج توفي في مستشفى الشرطة في صنعاء رحمه الله تعالى.
استشهد إلى جانبه في تلك المعركة التي كانت مقدمة
لغزو 2015م كل من الشاعر نبيل الخالدي واسد عاطف البشيري
واخيه عبدالفتاح عاطف البشيري وعلوي العماري
وبكيل العمري وعلوي الشيابي
رحمهم الله جميعا.

د عبده يحيى الدباني