آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 04:43 م

اخبار وتقارير


اليمن في خريطة المصالح الروسية (1)

السبت - 13 يوليه 2019 - 12:44 م بتوقيت عدن

اليمن في خريطة المصالح الروسية (1)

كتب / مصطفى ناجي*

تنشر "عدن تايم" اعتبارا من اليوم السبت بحثا موسوما "اليمن في خريطة المصالح الروسية" للدبلوماسي والباحث اليمني مصطفى ناجي والذي تترکز أبحاثه على المصالح الجيوسياسية الروسية وعلاقات التعاون متعددة الأطراف في البحر الأحمر.

(1)
على عکس العديد من الدول الغربية، تحافظ روسيا على تواصلها مع جميع أطراف الحرب اليمنية، فهي تعترف بالحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ولكنها لا تُدين جماعة الحوثيين المسلحة، وعلى صعيد متصل يؤكد دبلوماسيو الدولة الروسية، دعمهم ليمن موحدة، ولكن لا مشكلة لديهم بلقاء المناصرین للانفصال من الجنوب، وعلى الجانب الآخر، ترفض موسكو اتهامات السعودية لإيران بتسليحها جماعة الحوثيين، دون أن يؤثّر ذلك على مساعيها لكسب ود شيوخ الخليج في نفس الوقت، وترسيخ الشراكات الاقتصادية والدفاعية مع السعودية والإمارات، حليفة السعودية الأولى في حرب اليمن.

تعكس هذه المقاربة الروسية نقلة برغماتية تأخذ بروسيا بعيداً عن الاستراتيجيات التي توجهها الأيديولوجيا، حيث كانت تلك إحدى السمات التي عُرِفت بها في الحقبة السوفيتية، وكانت تحديداً ما رسم ملامح علاقتها مع اليمن، فما كان في الماضي توجهات تقودها المطامح الشيوعية بات اليوم محكوما بالواقع السياسي والانتهازية السياسية تحت رئاسة فلاديمير بوتين، كما أن الصعود الروسي الجديد كان إقراراً بأن الانسحاب من المنطقة في أعقاب الحقبة السوفيتية، ترك روسيا في موقع يصعب منه حماية مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية المتوارثة مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية وزعزعة الربيع العربي عام 2011 لأسس التوازنات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واليوم تسعى روسيا لتقديم نفسها كوسيط دولي قوي بالتعامل مع جميع الأطراف اليمنية الداخلية والإقليمية.

لا زالت هذه الإحلام الروسية تواجه بعض التحديات، فالسعودية، الجهة الأبرز في الحرب اليمنية، قد تجاهلت حتى الآن عروض روسيا بالدخول كوسيط في الحرب اليمنية، ومن الواضح أن المملكة، أسوةً بحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، لا تزال متوجسة من علاقات روسيا الوثيقة والقديمة مع إيران، في حين تبقى الأمم المتحدة إحدى الأدوات  التي تحاول روسيا توظيفها لتحقيق مآربها الاستراتيجية في اليمن، ولو أن روسيا قد عبرت عن امتعاضها مما ترى أنها جهود أمريكية خارج إطار الأمم المتحدة تسعى من خلالها لصياغة حل للیمن يتماشى مع المصالح الاستراتيجية الأمريكية. يمكن أن تمثّل الجهود الروسية، في حال آتت ثمارها، مكسباً اقتصادياً، فضلاً عن الانتصار الجيوسياسي الذي يبقى في النهاية الغاية الأهم في نظر موسكو، فإذا ما كان للدولة الروسية أن تنسب الفضل لنفسها في جلب السلام إلى اليمن، تستطيع موسكو أن تستعيد شيئاً من نفوذها في أحد خطوط الشحن الرئيسية الذي يمر بالشرق الأوسط والقرن الأفريقي، وبالنظر إلى استراتيجية روسيا في اليمن في سياق سياساتها الخارجية الأعم في منطقة شبه الجزيرة العربية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يمكن توضيح ما تستطيع روسيا تقديمه وما تستطيع الظفر به.
يتبع ..

*دبلوماسي وباحث يمني، تترکز أبحاثه على المصالح الجيوسياسية الروسية وعلاقات التعاون متعددة الأطراف في البحر الأحمر.