آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 09:52 ص

اخبار وتقارير


الجنوب.. عقدان من المواجهة مع الارهاب ( تحقيق)

الثلاثاء - 24 مايو 2016 - 10:20 ص بتوقيت عدن

الجنوب.. عقدان من المواجهة مع الارهاب ( تحقيق)

اعداد: قسم التحقيقات

تركز تواجد القاعدة في بعض المناطق النائية في محافظات الجنوب، بين العام 2000 إلى 2009م تحديدا تلك المساحات الصحراوية قليلة السكان والتي يصعب وصول السلطات إليها وبينها مناطق القبائل الرابطة بين محافظتي شبوة وأبين جنوبا , كما بدأ التنظيم ينشط بشكل لافت في مناطق الوادي بحضرموت عقب تضييق الخناق عليه في المملكة العربية السعودية وفرار اغلب عناصره إلى هناك , وبالرغم من ذلك الحضور الكمي لأعضاء القاعدة حينها في مناطق وادي حضرموت إلا أن ارتباطهم بالسكان ضل محدودا وفي أضيق حالاته.

استغلال انهيار الامن

ومع غياب الدولة وتراجع قبضتها الأمنية جنوبا تمكنت عناصر التنظيم من التوغل في محافظة شبوة ومديرية عزان تحديدا والسيطرة عليها لاحقا , تلك السيطرة لم تكن برغبة الأهالي بالطبع لكن قيام التنظيم بترتيب كثير من الأمور المتعلقة بحياة السكان وتوفير بعض الخدمات التي تفتقر إليها المنطقة ساعد إلى حد كبير في تمكن تلك العناصر من الاستمرار والبقاء فيها بقاء حكمته مقتضيات الظروف على الأرض والمتغيرات الدولية والإقليمية , كان لذلك التوغل بين الأهالي ضريبة دفع التنظيم ثمنها غاليا حيث تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من استهداف غالب قياداته الفاعلة خاصة من قيادات الصفين الأول والثاني بواسطة طائرات " الدرونز " وقتل في تلك الغارات عدد كبير من الأجانب بينهم مطلوبين للمخابرات الأمريكية.

شمالاً:

تعد محافظتي البيضاء ومأرب ملاذا آمنا للمئات من أعضاء القاعدة باعتبار أن عدد كبير من عناصره ينتمون لقبائل بدوية تسكن الأطراف الشرقية في المحافظتين وللتنظيم تواجد علني في تلك المناطق وبات تحرك أعضائه في الأسواق والأماكن العامة منظرا اعتياديا لا يثير الدهشة أبدا , وفي صحاري ووديان المحافظتين الواقعتين إلى الشرق من صنعاء أقام عدد كبير من أعضاء التنظيم الأجانب بينهم أوربيون وأمريكان ومن جنسيات مختلفة , ويستقبل التنظيم المئات من أعضائه يصلون تباعا بطرق مختلفة وعبر قوارب اللاجئين التي تتمكن غالبا من الوصول إلى الشواطئ اليمنية المنفلتة , وهناك يتم استقبالهم وترتيب أوضاعهم ونقلهم برا عبر طرق وعرة إلى محافظتي مأرب والجوف التي يوجد للتنظيم فيها معسكرات حرص على إخفائها وتمويهها جيدا خوفا من ضربات الطائرات الأمريكية أو التابعة للتحالف حاليا .

"أبين إمارة إسلامية"

في 28 مارس/ 2011م أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ولأول مرة محافظة أبين " إمارة إسلامية" عبر بيان بث من إذاعة أبين المحلية، التي استولى عليها التنظيم حين سيطرته على جعار، كبرى مدن المحافظة، والتي تحولت هي الأخرى إلى ولاية "وقار"، ودعا البيان حينها "النساء في الإمارة، إلى عدم الخروج إلى الشوارع إلا للحاجة الضرورية" , قبل أن تخوض القاعدة في أبين، حربا ضروسا مع وحدات من الجيش اليمني بقيادة الرئيس هادي ، أفضت إلى استعادة السيطرة عليها مطلع شهر يونيو/ 2012م ، إلا أن تداعيات وأثار تلك الحرب لازالت شاخصة للعيان من خلال ما لحق بمرافقها الخدمية والحيوية من خراب كبير، وتوقف العمل فيها، تزامن ذلك مع "غياب" شبه كامل لسلطات الدولة.
"غياب القاعدة أثناء اجتياح الجنوب"

من المفارقات العجيبة التي تلاحظ اليوم هو حجم الانتفاخ الذي تعيشه الجماعات التكفيرية المرتبطة بمخابرات صنعاء والأطراف الخارجية ، حيث سعت هذه التنظيمات على حين غره أن تتخذ من الإعلام المعادي للاستقرار في المناطق المحررة من مليشيات الحوثي صالح مطية سهلة لترويج احتلالها للمدن بعد تحريرها من قبل قوات التحالف العربي , في حين لم يكن لهذه الجماعات تواجدا بأشكالها التنظيمية أثناء الحرب التي شنتها المليشيات وقوات الحرس الجمهوري التابعة لعلي صالح , بل ولم تعلن في أي موقع من المواقع التي كانت تدور فيها رحى الحرب عن تواجدها بشكل علني ولم تكن هناك أي من هذه التشكيلات التكفيرية على طول الجبهات وعرضها في الوقت التي كانت بعض الجبهات تعرف بأنها للشباب السلفيين والبعض الآخر للشباب المقاتل تحت رايته الجنوبية وكانت الجبهات مفتوحة أمام العدو ومع كل هذا لم نرى من هذه المجاميع من يقاتل تحت راية تنظيمه التكفيري.

هروبا إلى حضرموت

خوفا من المواجهة هرب من كان يحمل هذا الفكر إلى مدينة حضرموت والتي سلمت لهم من قبل الحرس الجمهوري هناك في عملية مفضوحة لتبادل الأدوار فيما بين هذه الجماعات التكفيرية ومليشيات الانقلاب بجناحيها الحوثي وقوات الحرس الجمهوري التابع لعلي صالح ولذا لم نسمع طيلة أيام الحرب في عدن والجنوب عن قيام التنظيم بعمل هجوم انتحاري "مع عدم إقرارنا لهذا العمل " على نقاط التفتيش التابعة للانقلابيين والمنتشرة في طول البلاد وعرضها آن ذاك , والتي كانت مفتوحة أمام المارة وفي متناول أي منهم القيام بها لكنه الهوى وإتباع نفس الفكر الماضي لضرب الاستقرار في المحافظات الجنوبية خاصة واليمن عامة.
"فرص السيطرة"

واستغل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الفوضى الناجمة عن الحرب الأهلية في اليمن , ليكتسب قوة أكبر من أي وقت مضى , مسيطرا على مساحات من الأراضي اليمنية , وفي وقت تخوض فيه قوات عسكرية موالية للمخلوع صالح والحوثيون هجوما واسع على جنوب اليمن لمحاولة السيطرة على عدن.
ففي مطلع ابريل من العام المنصرم , استولى مقاتلي القاعدة على مدينة المكلا ، وفرضوا سيطرتهم على العديد من المباني الحكومية، بما في ذلك القصر الرئاسي ومقر المنطقة العسكرية الثانية , وهاجموا السجن المركزي في المدينة بقذيفة صاروخية وحرروا 300 سجينا، بينهم "خالد باطرفي" ، الذي نشرت له عدة صور في وسائل التواصل الاجتماعي ، وهو داخل القصر الرئاسي بمدينة المكلا , وقاموا بمهاجمة مقر شرطة المكلا ومبنى الإدارة المحلية لمحافظة حضرموت.[
وجاءت تلك الهجمات مع انسحاب مفاجئ لوحدات عسكرية موالية للمخلوع صالح من مقارها في محافظة حضرموت ، مما سهل لمسلحي القاعدة السيطرة على المدينة بأقل الخسائر.

محاولة تواجد في المنصورة

في أواخر يوليو من العام المنصرم وعقب تحرير محافظة عدن من مليشيا الحوثي صالح , استولت عناصر اعلنت انتمائها لتنظيم القاعدة على المجلس المحلي في مدينة المنصورة, وعددا من المنشاءات الحكومية في المديرية، قبل ان تستعيدها القوات الامنية وتطهر المحافظة بالكامل من هذه العناصر.
وشهدت محافظة عدن حوادث أمنية متفرقة طالت المحافظ "اللواء جعفر محمد سعد" , واستهدفت عدد من القيادات الجنوبية "قضاة , ضباط عسكريين وأمنيين وشخصيات قيادية بالمقاومة الجنوبية" , وعملية اغتيال ضابط يعمل في الهلال الأحمر الإماراتي.
فيما استهدفت “داعش” بحسب بيان سابق لها فندق القصر مقر الحكومة اليمنية بالإضافة الى مقر القيادة العسكرية والهلال الأحمر الإماراتي , وبوابة قصر معاشيق.

العودة الى أبين

في مطلع ديسمبر من العام المنصرم , عادت جماعة أنصار الشريعة التابعة "لتنظيم القاعدة" إلى مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين مرة أخرى, بعد نحو عامين من سيطرة القوات الحكومية عليها , حيث شهدت مدينتي زنجبار وجعار اشتباكات عنيفة بين اللجان الشعبية التي كُلفت بحماية المحافظة وعناصر تنظيم القاعدة , أسفرت عن مقتل نائب قائد اللجان الشعبية وهروب قائدها.
وفي مطلع فبراير من العام الجاري أعلنت جماعة أنصار الشريعة التابعة لـ"تنظيم القاعدة" مجددا سيطرتها رسمياً على مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين , واعتبرتها إمارة إسلامية , عقب مقتل القيادي بالتنظيم أبو حمزة الزنجباري "جلال بلعيدي" في غارة جوية نفذتها طائرة يعتقد بأنها من دون طيار"درونز" , بمنطقة موجان محافظة أبين.
وفي مطلع الاسبوع الماضي تمكنت وساطة اهليه من اقناع العناصر الارهابية بالانسحاب من مدينتي زنجبار وجعار، عقب حملة عسكرية ضخمة انطلقت من عدن وطوقت مداخل العاصمة زنجبار.
دور إماراتي

عقب تحرير محافظة عدن من مليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح في يوليو الماضي , تبنت دولة الإمارات العربية المتحدة الملف الأمني في المدينة لإعادة المنظومة الأمنية لها واستتاب وضعها الأمني , حيث أرسلت تعزيزات عسكرية ومقاتلين إلى عدن وقوات خاصة لمكافحة الإرهاب.
وأكدت مجلة “بوليتكو” الأمريكية، المهتمة بالدراسات والشؤون السياسية، أن الآثار المترتبة على العملية الإماراتية في اليمن كبيرة للغاية، لأنها تظهر القدرة العسكرية والاستعداد للتحرك ضد الإرهابيين، وهو ما ينبغي أن يصبح نموذجًا تنتهجه الدول الأخرى في المنطقة.
وأضافت، في مقال تحليلي لنائب مدير المخابرات المركزية السابق “مايكل موريل”، أن ما تقوم به الإمارات العربية المتحدة في الشرق الأوسط، تحت راية التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، هو شيء هام وإيجابي لا يعلم عنه شيئًا معظم الأمريكيين، بعدما وجهت ضربة عسكرية موجعة ضد تنظيم القاعدة في اليمن.

اصابع صالح

كشف تقرير سابق لبعثة خبراء من الأمم المتحدة بعضا من المناورات والتكتيكات، خاصة علاقة صالح بجماعات إرهابية يستخدمها كأذرع داعمة له من أجل تخريب اليمن والعبث بأمنه وتقويض استقراره وتعطيل أي بادرة بناءة لإرساء قواعد السلم في البلاد.
وذكر التقرير الذي شكل صدمة لأنصار صالح وقيادات مؤتمريه مواليه للمخلوع أن أوامر عسكرية صدرت في مايو 2011م من يحيى محمد عبد الله صالح ، وهو ابن شقيق صالح ، المسئول عن وحدة مكافحة الإرهاب في أبين، بانسحاب القوات العسكرية نحو العاصمة صنعاء، مما سهل لتنظيم القاعدة شن هجوم على المحافظة والسيطرة عليها حتى منتصف عام 2012م.
وبحسب التقرير فقد وقع صالح على اتفاق سري يمنح تنظيم القاعدة السيطرة على جنوب اليمن، على اعتبار أنه كلما ظهر أن اليمن يسقط تباعا بأيدي التنظيم فإن الغرب، الذي قدم له مساعدات مالية وعسكرية، سيطلب منه البقاء في الحكم، مهما كان الثمن.
ووفقا للتقرير فقد التقى صالح مع المسئول المحلي في التنظيم "سامي ديان" ، بمكتبه في صنعاء عام 2011م ، وتعهد له بانسحاب الجيش من محافظة أبين، ما يعطي للقاعدة الفرصة للسيطرة عليها ، وهو ما حدث لاحقا فسيطر تنظيم القاعدة على أبين.
وتطرق التقرير الدولي إلى مناورات وتكتيكات نفذها صالح وحلفاؤه الحوثيون للعبث بأمن اليمن وتقويض استقراره، خاصة استخدام الجماعات الإرهابية كأذرع داعمة له.


زواج الإصلاح بالقاعدة


مؤخرا اتهم وزير الدولة للشئون الخارجية في دولة الإمارات الدكتور أنور قرقاش تنظيم الإخوان المسلمين - حزب الإصلاح في اليمن - بالتعاون والتنسيق مع القاعدة , كاشفا الوزير الإماراتي " عن أدلة حقيقية وملموسة عديدة للتعاون والتنسيق بين الإخوان المسلمين والقاعدة , مضيفاُ "قناعتنا واضحة بشأن تحالف الانتهازية و الإرهاب".
وكشفت صحيفة عدن تايم لاحقا بالصور عن اسلحة تسلمتها قيادات اخوانية في مقاومة تعز من التحالف، عثر عليها في مخازن القاعدة بالمكلا.
وفي ابين، وقع طرفي اتفاق انسحاب عناصر تنظيم القاعدة من مدينتي زنجبار وجعار بأبين هما "توفيق بلعيدي" القيادي الثاني في القاعدة ، وعمه مقرر لجنة الوساطة الأهليه منصور بلعيدي "قيادي بارز في حزب الإصلاح أبين"، حيث اشترط تنظيم القاعدة للتفاوض مع الأهالي إن يكون منصور بلعيدي في اللجنة وعن طريق توفيق سيتم التفاوض معه.

الجنوب في الواجهة

وشن التحالف والجيش في المحافظات الجنوبية حربا مفتوحة مع الإرهاب، وتعقب الخلايا التي تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار, توجت بتطهير محافظات عدن ولحج وحضرموت وابين من هذه العناصر، وهو ما انتزع احدى اهم الاوراق التي كانت تراهن عليها مليشيات الحوثي وصالح، التي كانت تقدم نفسها كقوة وحيدة قادرة على التصدي للارهاب.