آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 01:21 ص

كتابات واقلام


مهنية الإعلام والسلبية القاتلة

الخميس - 22 سبتمبر 2016 - الساعة 12:48 م

احمد ناصر حميدان
بقلم: احمد ناصر حميدان - ارشيف الكاتب


للإعلام دور في صياغة ثقافة المجتمع وحاضر ومستقبل البلد , هو مصدر هام وفعال للتوجيه والتثقيف ، ذات تأثير كبير في المتلقين المختلفين، المتباينين في اهتماماتهم وتوجهاتهم ومستوياتهم الفكرية والأكاديمية والاجتماعية ، ويمكن الزعم بأنه احد العناصر الأساسية في المساهِمة في تشكيل ملامح المجتمعات. يكفي ذلك لنستوعب الدور الايجابي الذي يجب ان يلعبه الإعلام للخروج من عنق الزجاجة , وخطورة الدور السلبي الذي يؤجج الفتن ويرسخ ثقافة المناطقية والطائفية والصراعات السلبية , خطورة ان يتحول الإعلام لأداة في ضرب الديمقراطية بمقتل من خلال إعاقة أدوات التنمية فيها ,عندما يستخدم كسلاح لتلميع الصورة السياسية للحزب والمكون أو الفرد و يستخدم ضد الطرف الأخر و هنا يباح فيه كل المحرمات ولا أخلاقيات وخاصة أذا كان بيد فئة باغية ولا تمتلك ابسط معايير المهنة لا هم لها سوى زعزعت الأمن والأمان وإنتاج الفوضى والانفلات , عندما يتحول الأعلام إلى مشكلة هنا يصير مثيرا لمزيد من المشاكل خاصة أذا كان غير ملزم بأخلاقيات المهنة . نحن في اليمن للأسف صار الأعلام مصيبة كبرى يثير الفتن ويؤجج المشاكل وتستخدم فيه كل الوسائل المتاحة من مغالطات وتلفيق اتهامات وأكاذيب وألفاظ نابية لم يسبق لها مثيل حقيقة أقولها بصدق نحن أمام حرب إعلامية قذرة , تعيق أي توافق , وتحطم كل ما بني من مرجعيات في مخرجات الحوار , إعلام يؤسس لواقع يخدم قوى الظلم والظلام حرب تمزق وحدة ألامه وتشوه صورة البلد داخليا وخارجيا حرب تزور الحقائق وتغذي المجتمع بالأكاذيب والمنغصات حرب مجردة من الأخلاق وشرف المهنة . ان ما يتعرض له الإنسان من مؤثرات فيها من السلبية أكثر من الايجابية ,مؤثرات ضاغطة ، ليس أقلها عدم الاحترام والتأنيب والانتقاص من شخصياتنا وعدم المبالاة بإبداعاتنا وخبراتنا وكلما استمرت هذه المؤثرات السلبية، أو كانت أوقَع أثرًا على نفس الإنسان، ازداد ميلُه إلى السلوك العنيف. ويظهر ذلك جليًّا في سلوكه المتوتر: فهو عصبي المزاج على الأغلب، لا يتحمل الآخرين، لا يتصف برحابة الصدر، لا يريد أن يسمع الآخرين ولا يحترم وجهات نظرهم، عنده رغبة في تلبية مطالبه وتحقيقها على حساب الآخرين،التعايش عدوه , يغضب من أول لحظة يشعر فيها أن الحديث لا يروق له , إنها شخصية اجتماعية مضطربة صنعها الإعلام المشحون بالعنف , وبالكراهية , المناطقية والطائفية , مزعج أن تجد مثل هذه الأفكار المدمرة قبول من الكثير بمستويات أكاديمية ومثقفين , بل ويزيدونها مبررات وبهارات ليتلقاها البسطاء والعادين بسهولة ويسر , ليشترك كل هذا الجمع في صنع هذه الشخصية المريضة . هناك معاناة للمهتم بالإعلام والمتابع لخفاياه , معاناة ,إحباط ,تدمر , من بعض الإعلاميين الذين يزرعون بذور السم والخراب في عقول المتابعين لهم. وكثيراً ما تشعر أن هدفهم تعطيل عجلة العلم وإعاقة مسيرة التقدم ومحاولة الدولة للنهوض والخروج من عنق الزجاجة، وكأن همهم وشغله الشاغل هو إفراغ البلاد من الكفاءات،من أدوات التنمية السياسية والاجتماعية كالديمقراطية ,وفتح طريق للجهل والتخلف والديكتاتورية للعصبية والعودة للقرون الوسطى! انه إعلاما تفتيتي وتمزيق ما هو ممزق وتشتيت الرؤى والأفكار , وصنع هيلمان لرؤى وأفكار موحشة وصراعات مدمرة وتركيب صورة مرعبة لأطراف سياسية هامة لا يمكن تجاوزها بسهولة , لتعميق الخصومة الفاجرة والدفع بالجميع لمربع الصراع ومزيد من الصراع , من الصعوبة بمكان التعافي منه بسهولة . للأسف نحن نفتقد لإعلام عقلاني تنويري , يصنع واقع صحي يؤسس للتعايش والتوافق في وطن يجمعنا ,إعلام يحارب الظواهر السلبية , يحارب الفساد , ويكشف أوراق الفاسدين , والإرهاب والإرهابيين , ويصنع رأي عام موحد ضد هذه الظواهر للدفع بالتصدي لها ورفضها , إعلاما يضع المسئول تحت طالة الرقابة والمحاسبة في حالة الإخفاق والتمادي يقف في وجهه , إعلاما يسموا على الصغائر ويهتم بالوفاق والتوافق , ويرسخ في أذهان الناس احترام النظام والقانون والعدالة الاجتماعية والمساواة , ليكن ساعدا في بناء مؤسسات الدولة , يرفض الكيانات التي تتشكل خارج إطار الدولة كالمليشيات والكتائب التي يقودها أفراد وجماعات , أعلاما جماهيري يسعى للتغيير والتحول المنشود لإرساء طموحات وأمال الشعب والأمة , إعلاما وطنيا صرف . احمد ناصر حميدان