كتابات واقلام
ثورة 14 أكتوبر في ذكراها 53
الإثنين - 17 أكتوبر 2016 - الساعة 09:01 م
تابعونا على
تابعونا على
مرحى بالذكرى الثالثة بعد الخمسين لثورة 14 أكتوبر المجيدة ثورة نتذكر فصولها نحن جيل , عاصرنا أحداثها في طفولتنا ,شاهدنا مسرح عمليتها في عدن نتذكر نضال وبسالة آبائنا وأجدادنا الذين ضحوا بأرواحهم رخيصة فداء لتحقيق أهداف سامية ومشروع وطني أنساني عظيم , دماء سالت , وشهداء سقطوا , من اجل أن نعيش , مستقبل واعد , أمنا بمبادئها وقيمها , وظلينا نناضل على نفس الدرب حاملين الحلم حتى شخنا , ذكرى عطرة لثورة حررت الجنوب اليمني من الاستعمار البريطاني والحكم الانجلو سلاطيني وحدت 22سلطنة ومشيخة وإمارة في دولة اليمن الجنوبية الشعبية ثم الديمقراطية , كان لها ان تتخلص من ارث قبلي وتخلف وجهل , من اجل أن يعيش الشعب والمجتمع والجيل الجديد بحرية وأمن وأمان واستقرار ورفاهية وحياة هادئة وسعيدة ومتطورة ,كانت لها دولتها , بنسب مرضية من عدالة ومساواة دولة الكادحين والفلاحين , لا تخلوا من قبح السياسة وظلم من يعارضها بحجة صون مرحلة الثورة الوطنية .
احتفلنا ورقصنا ونشدنا لهذه الثورة نصف قرن وثلاث سنوات من النصف الأخر , وكتب عنها الأدباء و وصفها الشعراء بأجمل العبارات , مرحلة مخاض ثوري لازالت قائمة , الثورة فعل مستمر حتى يتحقق الهدف , تمر بمراحل تصل لقمة النشوة الثورية , وتنتكس في لحظة ,مرحلة نحن جزءا منها سمعنا طبول الحرب وهي تدق , وعشنا نشوة النصر للمنتصر , وألم الهزيمة للمهزوم , تمتع البعض في نعيم السلطة والثروة , وحرم البعض حتى من العيش على ارض الوطن , ثورة نصيبها كنصيب أمها من مغتصبها , فأعاقها ودمر روحها , وشوه تاريخها , استطاع إعادة أعدائها ومكنهم من محاولة الانقضاض عليها , وهي اليوم تعيش بتر لأهدافها وتدمير لقيمها ومبادئها , حزينة وهي ترى أهدافها العظيمة تنحر, وتسمع صوت ينادي بمشروع رفضته وقامت من اجل تحرير الأرض والإنسان منه , صحيح أن للاحتفال بثورة أكتوبر مذاق خاص , وتعود بك لذكريات تاريخية راسخة في الوجدان وعمر من الزمان , يعكر ذلك الاحتفال , أصنام ومشاريع نصبت العداء لهذه الثورة وتحيك حولها المؤامرات منذ زمن .
إن إعادة مشهد الثورة ليس احتفالا بها ، إنما تأكيدا على مطالبها ، وتحقيقا لأهدافها ,قد لا تحقق الثورة كل مطالبها ، مع بذل صانعيها للأرواح وهي فعل مستمر ومناضليها يقدمون من اجلها الغالي والنفيس حتى اليوم , كل قوافل الشهداء من الجنوب والشمال خلال الخمسين عام من اجل أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين و امتداد لتلك التضحيات التي قدمها أسلافهم من المناضلين لنصرت الثورة والجمهورية وأهدافهم النبيلة , أحلام لازالت تعيش فينا , أم قتلها الأعداء وأقنعونا بصعوبة تحقيقها , ورضخنا لأنانيتنا واستسلمنا لهم , وهناك من خون كل من يتمسك بهذه الأهداف , هل ماتت فينا تلك الثورة لنجدها اليوم ذكرى لشيء أخر؟.
ثورة لأجل السيادة والاستقلال ,السيادة في إرادة الشعب وصندوق الانتخابات والاستفتاء , والاستقلال حرية الرأي ,و قبول الأخر و الشراكة في التعايش , السيادة هي استقلال وتحرر من الطائفية والمناطقية والشللية والكراهية ,من العادات السيئة وحكمها من الفساد من التبرؤ من القوانين وعدم لامتثال لطاعتها,من هتكها بيد حاكميها,من القرون العصور الوسطى السحيقة التي يراد لنا أن نعيد تكرار عيشها ,من ثقافة تساق إلى جلادي الفتاوى للتكفير والتجريم والتجريد من الهوية , لنصون هوية وطنية سحقتها أقدامهم بوطأة نيل منافع ومصالح خاصة,لقوى مراكز النفوذ.
إحياء ذكرى الثورة ليست بنجاح قوى على أخرى، أو مكسب أشخاص ,وليس باحتفال صاخب ..ومازال العدل غائبا, والجوع سائدا , والظلم قائما ,إن إحياء ذكرى الثورة هو تجديد لأهدافها ، وتجدد لمطالبها ، وتحديا لمن يحاولون وأدها , كيف لاحتفال لم ترفع فيه صورة لشهدائها , ولا أبطالها الميامين , تغلبت علينا اختلافاتنا , وفقدنا القدرة على التمييز, وكانت العواصف شديدة بحيث حدنا عن الطريق , وفقدنا القدرة على الثبات والصمود في وجه التحديات , وتخلينا عن مشروعنا الكبير لنبحث عن أدناه , وصنع منا شيئا أخر فيه كل تناقضاته وأثاره , شيئا سقيم محقون بكل الأمراض الاجتماعية والسياسية , يراد له أن يبقى سنوات يصارع بعض ويتناحر مع بعض , والثورة مستمرة وباقية…حتى تكتمل أهدافها ولن نحيد عنها قيد أنملة مهما كانت الظروف وشدة العواصف .