كتابات واقلام
اختلافنا من نعمة لنقمة
الإثنين - 05 ديسمبر 2016 - الساعة 08:19 م
تابعونا على
تابعونا على
نحن من نجعل اختلافنا نعمة أو نقمة ,في أسلوب إدارة الاختلاف , قد يكون نعمة أذا اعتبر حق وعلينا أن نأخذ بما هو صح وأفضل لننتج عصارة هذا الاختلاف ليثري حياتنا بفكر وسطي عقلاني يتقبله الكل مع الاحتفاظ بحق كلا منا بفكره ورؤيته بشرط أن لا يشكل خطرا على الأخر والحياة والسلم الاجتماعي , وقد يتحول لنقمة أذا صار قضية خلاف كلا يريد حسمه بالعنف , وكلا يريد لفكره أن يتسيد , ويبطل فكر الأخر , وتكال التهم والمؤامرات ضد بعض , أنها زوبعة وفوضى وتناحر وصراعات واقعنا اليوم .
للأسف اليوم سيطر علينا الخلاف وصارت حياتنا كلها خلافات مدمرة , ندرس التاريخ من جانب الخلاف ,وما كنا مختلفين عنه من منشأ المذاهب والطوائف في حياة الأسلاف والعقيدة , ونعمل بجد لإعادة تدويرها في الحاضر ويبنى عليها المستقبل برغبة جامحة في الانتقام , وتعبئة الجيل بذلك , مبتعدين عن التفكير الصحيح والعقلاني في سلامة الحاضر والمستقبل من أمراض الماضي ,أنه حراك الفتنة والنزاع , كفوا ألسنتكم عنها .
لهذا نحن متخلفون , والتخلف بعينة أن نناقش الأحق بالخلافة قبل أربعة عشر قرن هل هو علي أم معاوية ؟ ( رضي الله عنهم ), وظلينا نعيش ذكرى صحابي من أحفاد الرسول قتل بمعركة تاريخية مؤسفة هو الحسين ونندب حضنا العاثر حتى توقف الزمن هناك .
هل مطلوب منا أن نعيش دون ذاكرة تاريخية , ما دام التاريخ سبب الخلاف والشقاق , رغم أن تاريخنا حافل بما هو حق ومنجزات وحضارة ونهضة وعبر ودروس , تركنا كل ذلك وتوقفنا عند نقطة خلاف أوقفتنا في محطتها .
مما ذكر يبرز سؤال ما نحن فيه من تفكك وتشرذم وصراع وعصبية هو بسبب التاريخ أم هو منتج رؤية الحاضر والمستقبل ؟
من وجهة نظري هو سبب العصبية والتطرف وعدم احترام الأخر وفكرة التعايش والقناعات التي لم تصل بعد لفكرة الدولة والمواطنة , لازلنا نعيش فكر ما قبل الدولة العشيرة والقبيلة والطائفة ,والهيمنة والتسلط والمسيده والمشيخه , وما التاريخ غير إناء نرتشف منه ما يروي عطشنا لذلك , ويبرر تعصبنا وصراعاتنا , حيث صار المعتقد وسيلة سهلة للشحن والتحريض ورداء مقبول لدى الآخرين لتمرير ما تريد وتغرير من تريد , حجج الإرهابيين من المعتقد , صراع تاريخي وأفكار ضالة وأحداث رافقت مسيرة المعتقد وهي لا تمت بصلة بروح المعتقد , بسبب روايات على لسان أشخاص هم بشر وتفسير خاطئ للنصوص المقدسة من بشر , والبشر خطاءون , روح المعتقد موجود في النص الإلهي الغافلين عنه .
وكثيرين بالمثل لبسوا عباءة قيم الدولة كالديمقراطية والمواطنة متطفلين ليمارسوا هوياتهم المدمرة لقواعد ذلك البناء , فشرخ النسيج الاجتماعي والوطني .
تلك هي فكرة الصراع في بلدي اليمن , اليوم تم تجريف الطريق الذي كاد أن يوصلنا لفكرة الدولة , طريق ملئ بالعثرات والعقبات , تجاوزها كان مطلب شعبي وثورة جماهير , وحوار ومخرجاته رسم لنا ملامح الطريق لنصل لفكرة الدولة والحلم والطموح , ذلك استفز قوى فكرة ما قبل الدولة , فانقلبت على كل شي ,وبالعنف والسلاح أرادت تجريف هذا الطريق , لترصف طريقها الطائفية لتتسيد وتفرض فكرتها على الآخرين , وها نحن نرى بأم أعيننا , التمايز والتسيد والهيمنة وفرض واقع أخر , وتجريف كل ما له علاقة بالدولة والجمهورية , من رمزها النسر الجمهوري لنشيدها الوطني لمؤسساتها لديمقراطيتها , لتستبدل بكيان إمامي كهنوتي متخلف , ونرى أيضا مناطقية تنهض في الجنوب ,نتيجة تراكمات تلك الممارسات,والشحن والتحريض إعلامي وخطابي , اوجد متطرفين للمنطقة وفتنه , ما حدث في احد معسكرات التدريب بإرتريا كان ضحيته شباب من أبناء عدن , وتلك الحادثة وغيرها يتم السكوت عنها , دون خوف من الاحتقان الذي لن يحمد عقباه ,إلى جانب فتن صراع حزبي قاتل يتغذى من إشاعات وسيناريوهات محبكة , صراعات يراد منها هدم كيان الدولة ومؤسساتها والتنمية السياسية والديمقراطية وأدواتها ,يراد من ذلك تغيب الدولة و وسائل العيش والتعايش وقبول الأخر لنبقى في خضم صراع يدمر الأرض والإنسان لنكن سهل المنال .
هناك مؤامرة بغيظه تحاك أدواتها بيننا , بأشكال إعلامية ومكونات مجتمعية , أدواتها تخاطب مشاعرنا وتعبر عن همومنا وترفع شعاراتنا , وتنخرنا من الداخل بفتن , ورفع درجة الحماس لشطط وتهور غير مدروس يخدم أعدانا .
أنها العصبية يستثمرها البغاة والطامعين , ويستثمرون قيم الحق ليراد بها باطل كانت وطنية أو عقائدية لتحريك عصبيتنا ,نحن في بلد مورست بحقه سياسة التجهيل , وشراء الذمم وتغذية ثقافة العصبية والمصالحة وقتل في الكثير منا الهوية الوطنية الجامعة , وعاد البعض مهما كانت درجته العلمية لمنبع عصبيته وتعصبه للعرق والسلالة والطائفة والمنطقة , ولا حل لمعضلتنا غير الرجوع لجادة الصواب وننحاز لهدف وطني وهوية جامعة لدولة اتحادية ضامنة للحريات والعدالة مهما كان شكلها تكون دولة المواطنة يكون فيها الشعب مصدر السلطات .
احمد ناصر حميدان