آخر تحديث :الخميس - 02 مايو 2024 - 12:41 ص

كتابات واقلام


من دخل بالغصب سيخرج بالصميل !!

السبت - 18 مارس 2017 - الساعة 06:59 م

محمد علي محسن
بقلم: محمد علي محسن - ارشيف الكاتب


الحرب غالبا ما تكون كلفتها باهظة وفاتورتها دوما مدفوعة من حساب التنمية والغذاء والدواء والاستقرار . كما والحرب بمفهومها السياسي والواقعي وجها اخر للسياسة ، فكلما اخفقت الجهود الدبلوماسية في التوصل لحلول سياسية وبأدوات سلمية ، كان ذلك مقدمة لحضور القوة كوسيلة للحسم عسكريا . لسنا دعاة حرب ، وانما قوى الانقلاب والتمرد فرضت واقعا مأسويا لا مناص لنا من رفضه وبكل الوسائل والطرق . الطبيعي هو ان السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي معنية بدرجة اساسية في استعادة كامل محافظات البلاد المسيطر عليها من الانقلابيين وبقوة السلاح . منطق اعوج وكارثي ، لكن الرئيس المخلوع وزعيم الجماعة الحوثية ، واتباعهما وانصارهما ، لا يفقهون منطقا ولا نظاما او اتفاقا ، فغير لغة القوة والعنف التي يفهمونها تماما ، لا احسبهم جميعا سيمثلون لشرعية دولية او خطة اممية ؛ فكيف اذا ما قلنا ان اولى مضامين خطة اسماعيل ولد شيخ ، تسليم السلطة لرجل يضمرون له الشر والكره الشديد ، فضلا عن تسليم السلاح الثقيل والمتوسط ،وكذا المدن الواقعة تحت سيطرتهم . قبل انقلاب 21 سبتمبر 2014م كانت الجماعة الحوثية ،وبدعم عسكري واعلامي من المخلوع صالح ، حشدت أنصارها ومؤيديها بهدف اسقاط جرعة حكومة محمد باسندوه ومحاربة الفساد . كذبة سمجة ووقحة سرعان ما انكشف اصحابها الذين يمكن القول انهم نجحوا في تضليل الجماهير الرعاع واستخدامها كسلم عبور الى سدة الحكم، مستفيدة طبعا من انحياز كتائب والوية عسكرية صيغت خلال ثلاثة عقود وفق منظور عجيب وغريب يتقاطع كليا مع تركيبة وعقيدة جيوش أي دولة وطنية في العالم . البعض تجده حريصا اكثر من اللازم ، يمسك العصا من الوسط ، لا يفرق بين قوتين . فقوة غاشمة همجية انقلبت على سلطة انتقالية توافقت عليها معظم القوى السياسية والوطنية . كما وانقلبت على كل الاشياء الجميلة الطموحة التي هي نتاج ثورة شعبية عارمة ، ومقررات مؤتمر حوار وطني ، شاركت فيه اغلب القوى بما فيها اتباع المخلوع والحوثي ، وحظي بدعم اقليمي ودولي لا نظير له في التاريخ الحديث ، ومن ثم وبعد ما رافق السنوات الماضية من ازمات ومخاضات والام ، يراد لهذه البلاد وشعبها العودة للمربع الاول الذي ثاروا عليه زمنا طويلا . نعم ، شتان ما بين الطرفين المتحاربين ، فالسلطة الشرعية المسنودة بقوات التحالف ، لا تمثل هنا جهة او طائفة او عائلة او قبيلة وانما هي تجسد احلام وامال وتطلعات شعب ووطن باسره . الحرب المستعرة منذ عامين هدفها استعادة بلد الى وجهته ومساره الصحيح الذي توقف بفعل حماقة وعنجهية القوى الانقلابية الرافضة لكل المواثيق والعهود المؤسسة لدولة قوية عمادها العدل والمساواة والنظام والشراكة الفعلية في السلطة والقوة والثروة والمواطنة وغيرها من الاسس والمعايير المشكلة للدولة الحديثة . فمن حقنا كيمنيين القلق والخوف من أي اتفاق او تسوية سياسية في ظل هكذا ثنائية مختلة وتتصادم مع مضامين ثورية وطنية عصرية . فيكفي القول هنا ان المسالة تعدت المطالبة بمنفذ بحري لإقليم ازال او اعادة النظر في الاقاليم الستة ، فالحال اننا ازاء قوى لم تنقلب على السلطة الانتقالية فحسب ، بل وعلى الدولة الفيدرالية الاتحادية التي يعتبرها اليمنيين اخر الممكنات السياسية لتجاوز الماضي والحاضر الزاخرين بكم هائل من الصراعات والحروب المنهكة لهم ولمقدراتهم وفرصهم في اللحاق بركب التحضر والتطور . تصوروا ماهية التسوية مع فئة تقايضك على وطنك وحقك في الانتماء الى دولة لائقة بك وبوجودك ؟! الميليشيات لا تفهم غير منطق شاعرنا اللحجي الراحل مبروك نصيب القائل ذات حقبة كفاحية ،فمن دخل بالغصب سيخرج بالصميل . واجزم ان الحديث عن خطة سياسية ما هو الا مضيعة للوقت وتبديد للجهد ، وفي مسار خاطئ اذا ما تكلل بتسوية من أي نوع ، فانه لا يفضي لحلول مرضية للازمة اليمنية ، بقدر ما يكون فاتحة لازمات جديدة اكبر واعمق من سابقاتها . محمد علي محسن