آخر تحديث :الثلاثاء - 16 أبريل 2024 - 08:52 م

كتابات واقلام


 الأقلمة: ثمة ما يدعو إلى الضحك المُر!

الأربعاء - 22 مارس 2017 - الساعة 02:25 م

أمين اليافعي
بقلم: أمين اليافعي - ارشيف الكاتب


غالبية أبناء حضرموت يطالبون بإقليم مستقل في ظل أي تسوية قادمة ويخشون من أي إلحاق تشوبه نوايا الهيمنة، أما وضع عدن في ظل مشروع الأقلمة المُقترح سيكون أكثر كارثية من أي وقتٍ مضى لو تم تطبيقه بالفعل، فضلاً عن إن أولئك الذين يقومون بالترويج للمشروع يرتكبون ـ قولاً وفعلاً ـ أبشع أنواع الممارسات التي تؤدي إلى تفتيت أي بقايا من نسيج اجتماعي هش أصلاً، وعلى عكس ما يفترض، نظرياً على الأقل، ولهذا باتوا يدفعون القوى الاجتماعية إلى أتون صراعات قادمة لا نهاية لها.. في الفترة الماضية، قرأت في تجارب كثيرة عن كيف تم هندسة الأنظمة الفيدرالية في طول وعرض العالم من ألمانيا إلى الهند، على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وكذلك عن السياسيين الذين أشرفوا على تحويل مثل هذه التجارب إلى واقع عملي، عن فلسفتهم خطاباتهم التزامهم ومسئوليتهم الوطنية الشاملة، وعندما تقارن الأمر بمجمله بما يجري في اليمن ستُصاب بالرعب! النظام الفيدرالي هو، بلا شك، أفضل الأنظمة السياسية المطبقة في وقتنا الراهن على مستوى العالم، لكفاءته الإدارية ومزاياه الوطنية، ولو كان القرار السياسي بيدي لما ترددتُ قط عن تطبيق صيغة فدرالية مثالية تستجيب للأبعاد والتحديات المحليّة، استجابة واعية ومسئولة، لكن في المقابل هنالك تجارب فدرالية تحولت إلى كوارث مهولة عندما تم تأسيسها وفق هندسة صراعية دقيقة وبروح كراهية طافحة. ربما قد يعدي الواحد منا الكثير من الهذيان والترهات دون هم أو غم، في واقعٍ صار المجد لها، ولا صوت يعلو فوق صوتها، لكن أن يتطاول أحدهم في التنظير لمشروع "الأقلمة" المنتظر، بصيغته الشرعية، ويُبشر على أعقابه بميلاد الدولة المدنية العادلة،  بينما يتعمد هذا المشروع حشر مراكز التمدن في الجنوب ذات المزايا والرهانات الاقتصادية والثقافية العالية في إطار قبلي وتقليدي لتكبيلها بهذا الحصار الخانق، هذا ما يدعو إلى الضحك المُر!