آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 06:22 م

كتابات واقلام


التشخيص خاطئ والوصفة غير منطقية.. سيادة المعالج السياسي

السبت - 29 أبريل 2017 - الساعة 11:49 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


بعد تحرير عدن ولحج وابين من قبضة الانقلابيين على شرعية الرئيس هادي بحسب التصنيف الاقليمي والدولي من جهة وطرد المحتل اليمني الحوثي العفاشي من جهة القوى الجنوبية حاملة لواء التحرير. وخلال فترة من التجاذبات والمنافسة المحتدمة بين الفصيلين الفصيل التابع للشرعية وفصيل القوى الجنوبية المطالبة بفك الارتباط وقع القرار السيادي والامر الاداري والتوجه السياسي بين قطبي الرحى اللذين يسيران باتجاهين متعاكسين كل فصيل يوجه ادارته الممنوحة له بفرض الامر الواقع بحسب رؤيته ووجهة نظره وتوجهاته السياسية ووفق التكتلات والتقسيم والمنازعة للمناصب والنفوذ واستخدام مصالح الدولة سياسيا لتحقيق انتصار ومكاسب كل فصيل على حساب الآخر بينما بقيت عجلة القيادة العامة بيد الربان قائد الدولة ورئيسها الشرعي حامل كفتي الميزان في الهواء تترنح تتلاعب بها اثقال حمولة كل فصيل من قواه الشعبية والعسكرية والمالية وكأننا في دولتين منفصلتين كل دولة تريد ان تخضع الأخرى لبيت الطاعة وللجمع بين الاختين اعطيت لفصيل القوى الجنوبية شبه ادارة ذاتية للموقع الجغرافي ولكنها منزوعة الفاعلية فاقدة الصلاحيات تحمل مسمى سياسي كبير مقيد بحنكة ودهاء شركاء متشاكسون اتفقوا على تعطيل فاعلية القوى الجنوبية وعرقلتها من التقدم خطوة نحو الامام. وشل حركتها اداريا وماليا واتخاذ قرار سيادي وتركها جامدة في مكانها تتلاطم بها امواج الاحتجاجات والانتقادات الشعبية والغضب الجماهيري ضدها بغير وجه حق في الوقت الذي كان باستطاعة القوى الشرعية المتشاكسة سابقا والمتفقة حاليا كان باستطاعتها تقديم كل سبل الدعم والتأييد والمؤازرة للقوى الجنوبية والدفع بها نحو النجاح بعد امص عرقها والاستفادة منها في حرب المواجهة و تحقيق النصر ولكن هذا هو حال المنافسة السياسية الغير شريفة والقائمة على مبدأ تنازع الفرص والتهام المكاسب لتحقيق الاهداف الخاصة فاستسلمت القوى الجنوبية الحاكمة لتيار العراقيل والمعوقات مخافة الاحتكاك والاضرار الجانبية وآثرت السلامة والسيربهدوء متماشية مع امواج الاحتجاجات واللهيب المتقد بسياسة امتصاص الصدمة وتأجيل الحل وكان هذا قمة في الذكاء والحرص الرصين على تفادي الاصطدام مع العراقيل المصطنعة من جهة واستخدام الصبغة المطاطية في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية وكان على القوى الشرعية المتشاكسة ان تستفيد بشكل كبير من طريقة الادارة المرنة للقوى الجنوبية وعدم مواجهتها والاصطدام معها وازاحتها كونها ساهمت مساهمة كبيرة في التصدي للهجمات المرتدة ضد النصر ورغم اختلافها في التوجه السياسي مع القوى الشرعية المتشاكسة الا انها لعبت دورا كبيرا في حفظ التوازن والاستقرار وامتصاص الصدمات والتعامل المرن مع المرحلة الصعبة ولكن كما يقال لكل حصان كبوة ولكل عالم سهوة. فلقد اخفقت الادارة السياسية للدولة في اتخاذ القرار بتنحية القوى الجنوبية من السلطة والاستغناء عنها وعن مشاركتها في ادارة الازمة معها والتخفيف من الاحتقان والضغط الاسموزي المتشعب والمتعدد الاتجاهات والذي تمكنت القيادة الجنوبية من التعامل معه بالصبغة المطاطية والتي كانت ناجحة بقدر كبير رغم صعوبتها وصعوبة تنفيذها من قبل اي جهة اخري ويعد هذا التوازن في ادارة الاحداث ميزة تميزت بها القيادة الجنوبية دون غيرها. وكان الاحرى بالجميع عدم تفويت الفرصة والاستفادة القصوى منها بدلا من ازاحتها والاستغناء عنها ... وهذا بحد ذاته مغامرة واستباق للاحداث واستدعاء للتوقعات والتنبؤات المفاجئة الغير محسوبة العواقب وهو جر المجتمع نحو المجهول بعد ان حقق قدرا ما من الاستقرار والتوازن في البلد رغم فداحة الاحداث وتتابعها السريع والخطر. .. ان اقدام السلطات العليا ممثلة برئيس الشرعية على ازاحة القيادة الجنوبية من الساحة تعد حادثة هي الاغرب منذ تحقيق الانتصار في عدن والمحافظات الجنوبية ولا يوجد لها تفسير سوى ان التشخيص للحالة العامة في البلد كان خاطئا والوصفة المستخدمة للعلاج هي غير دقيقة ونخشى من المضاعفات او الاثار الجانبية المصاحبة للعلاج وان المستشار المعالج الذي قدم هذه الوصفة لم يوفق ولم يحط علما بتداعيات الاحداث ولم ينجح اطلاقا في اختيار العلاج الناجع للازمة ولعل العملية الجراحية التي اجراها ليست في العضو المصاب من الجسم ونخشى اكثر مانخشاه من اكتشاف ان ماتم ازحته والاستغناء عنه بهذا القرار هو عضو فاعل قد يسبب ازالته بالخطأ مضاعفات خطيرة بابعاده والاستغناء عنه حينها لايمكن اعادة ماقطع ولن يرقع الخرق الاستعانة بخبير .