آخر تحديث :الخميس - 18 أبريل 2024 - 08:36 م

كتابات واقلام


انفصال ام عودة الحق لأصحابه

الجمعة - 05 مايو 2017 - الساعة 11:37 م

انور الرشيد
بقلم: انور الرشيد - ارشيف الكاتب


كثيرون لايعرفون خلفية الأحداث التي جرت بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب ) والجمهورية اليمنية (الشمال) عام 1989م التي بموجبها تم التوافق بين الدولتين على الأندماج والوحدة التي تمت عام 1990م . في تلك الفترة التي سبقت أنهيار الأتحاد السوفيتي الذي كان داعماً لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، قام الرئيس علي سالم البيض بتحرك لأجل الأندماج والوحدة وعقد أتفاقيات بين الجمهوريتين على ذلك الأساس وأودعت تلك الأتفاقيات والمعاهدات في الأمم المتحدة وبقية المنصات الدولية التي كانت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عضواً بها ودولة ذات سيادة ولها سفارات وقنصليات ولم تكن في يوماً من الأيام تابعة للجمهورية اليمنية . ماذا حدث بعد ذلك؟ كان الأتفاق على أن يكون البيض نائباً لعلي عبدالله صالح إلا أن مُجريات الأحداث التي تلت ذلك جعلت من البيض يتخذ موقفاً حازماً رافضاً لكل السياسات التي أتبعها صالح ومنها على سبيل المثال وليس الحصر تسريح وفصل كل العسكرين الجنوبين وتفكيك كل المنظومة الأدارية الجنوبية مما أشعل حرب عام 1994م التي استولى صالح بها على كل مقدرات الجنوب وثرواته (البترول والغاز ) ناهيكم عن استيلائه ومعاونيه من بيت الأحمر على الأراضي وغيرها . لم يستكفي صالح . هنا لم يستكفي علي عبدالله صالح بالسيطرة والأستيلاء على مقدرات وثروات الجنوب فقط وإنما دمر البُنى التحتية الثقافية والمدنية جميعها وأرجع الجنوب الذي كان يُعد بمثابة مجتمع حضاري إلى مجتمع لايختلف عن مجتمع الشمال ذو الثقافة القبلية ناهيكم عن أرجاع المجتمع الجنوبي لسنوات ضوئية للوراء وصور مرحلة ماقبل الأندماج والوحدة شاهداً على ذلك العصر . زيارتي ولقائي بالفعاليات الجنوبية. في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعب سابقاً تيسرت لي الظروف أن أزوره بعدة زيارات التقيت بها بالعديد من الفعاليات والشخصيات الجنوببة ودارت حوارات مُتعددة بيننا ومن أهمها على الأطلاق زيارتي لمركز مدار للدراسات حيث ألتقيت بالعديد من الشخصيات كالقضاة والأطباء والمهندسين وألويه سمعت وشاهدت بشروحات تفصيلية كيف كانو وكيف أصبحو ، وما ألمني جدا تعبير أحد المحاربين القدماء الذين حاربو وقاومو الأستعمار البريطاني الذي كان مُستعمراً لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لأكثر من قرن عندما قال "بأنه يتمنى عودة الأستعمار البريطاني ولا الأستعمار الشمالي" فكانت كلماته جارحة بالفعل وغير مُتوقعة ولكني أستدركت حينها عندما أسترجعت بذاكرتي الغزو العراقي للكويت وكيف تم تدميرها ونهب ثرواتها. الأن هل مايُطلب به الجنوبيون أنفصال أم عودة دولتهم. بطبيعة الحال الجيل الحالي لم يعاصر تلك المرحلة ، مرحلة ماقبل الوحدة ناهيكم عن عدم ذكرها بالإعلام ولايعرفها سوى الباحث عن الحقيقة ، بعد أن أتضحت الصورة للرئيس علي سالم البيض بأن علي صالح أستولى على الجنوب بكل مقدراته وبعد أن حصلت حرب 1994م وهُزمت بها القوات الجنوبية لتفكيكها وعدم وجود سلاح وغير مُنظمة سيطر جيش الشمال على كل مفاصل الجنوب وأستمر هذا الوضع حتى بدأت بوادر الأعتصامات السلمية في منتصف عشرية الألفية الثالثة بمعنى أن الجنوبين هم أول شعب عربي قام بأعتصامات وأنتفاضات سلمية دون أن يذكرها الإعلام العربي (يمكنكم الرجوع للنت لتبيان تلك الحقيقة) أستمرت الأعتصامات والتظاهرات السلمية حتى تحركت بعض القوى بمحاولات عديدة لتوحيد القيادة في الجنوب إلا أن الواقع والتدخلات الأقليمية وسيطرة أمراء الحرب على الواقع الجنوبي كانت تحول دون أتمام ذلك ، وتم تشكيل عدة لجان لتحقيق ذلك إلا أنها كانت تنصدم بالواقع حتى ظهر اللواء عيدروس الزبيدي بالمشهد الجنوبي بعد أن تم دحر قوات الحوثي وصالح والمتحالفين معهم من الأصلاح (الإخوان المسلمين والسلفيين) وسيطرة قوات المقاومة الجنوبية على أكثر من 80% من أراضي الجنوب وبدعم من التحالف العربي . لذلك ماحدث اليوم في عدن هو تكليف شعبي للواء عيدروس الزبيدي الذي سبق وأن أعلن بأنه سيدعم عمل اللجان التي تبحث عن قيادة سياسية وهو على رأس عمله كمحافظ لعدن مما أثار حفيظة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي فأقاله من منصبه كمحافظ وعينه سفير بلاسفارة مما أشعل الجنوب برمته وتمت الدعوة لمليونية الرابع من مايو التي توجت فعاليتها اليوم بتكليف الزبيدي لقيادة المرحلة للمطالبة بفك الأرتباط مع الشمال وعودة دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعب السابقة بحكم أن علي صالح خرق الأتفاقيات والمعاهدات التي وقعها عام 1990م ، لذلك لابد من التفريق بين كلمة الأنفصال وعودة الحق لأصحابه فالأنفصال يكون مثل مُطالبات أنفصال أقليم الباسك أو كتالونيا أو تيمور الشرقية التي كانت جزء من دولة قائمة لذلك كلمة أنفصال لاتنطبق على جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وإنما هو عودة دولة لشعبها .