آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 07:19 م

كتابات واقلام


شيخ السرق

الخميس - 05 أكتوبر 2017 - الساعة 04:37 م

د.سالمين عبدالله الجفري
بقلم: د.سالمين عبدالله الجفري - ارشيف الكاتب


حكي لي أحد الظرفاء انه حينما كان في صنعاء سرقت منه حقيبة عتيقة لم تكن تحوي إلا وثائق شخصية مهمة و السارق بطبيعة الحال لن يستفيد منها بأي صوره من الصورة ولما مضى نصف شهر و فقد صاحبنا الأمل بالعثور على السارق أو الحقيبة بالطرق المعروفة ، اقترح عليه أحد الأصدقاء أن يذهب إلى شيخ السرق ! في صنعاء ليعرض قضيته عليه وذهب راوي القصة إلى هذا الشيخ الذي أخذ منه تاريخ ومكان و الغرض المسروق و أعطى المجني عليه رقم جواله لكبير السرق بناءً على طلبه طبعا ، و بعد مرور اقل من أربع وعشرين ساعة كان جواله يرن و ذهب لأخذ حقيبته وهي تحوي كامل وثائقة ، قطعا لم تكن خدمة شيخ السرق لصاحبنا مجانية . شيخ السرق شخصية حقيقة ومهمة في عالم اللصوص و الحرامية فهي تنظم عملية السرقة التي تجلب مصلحة للسارق بكل الأحوال و لكن إلحاق الأذى بالمجني عليه دون فائدة للسارق أمر عبثي تعافه حتى نفوس اللصوص وقطاع الطرق. شيخ السرق ينظم عملية بيع المسروقات و يحدد حصص لصوصه حسب درجات خطورة العمليات و على أساس الأقدمية والخبرة كما أنه يحرص على أن تكون العمليات غير مؤذية أذى جسيما للمجني عليهم. في غياب سلطة شيخ السرق ينفلت عيار اللصوص الصغار و تصبح عمليات السرقة فوضوية وعبثية أذا جاز التعبير. حقيقة الأمر أنه في العهد العفاشي كان لدينا شيوخ للسرق في كل مفاصل الدولة و في كافة القطاعات و المؤسسات الخدمية وغير الخدمية تنظم عملية السرقة والنهب و توزع الحصص من الأدنى فالادنى الى فتات صغار اللصوص في عملية منظمة يتضرر منها الوطن والمواطن بلا ريب ولكن ليست للدرجة التي تهدد بقاءه على سطح البسيطة. ما يحدث لنا اليوم هو نتيجة منطقية لغياب شيوخ السرق فقد انطلق اللصوص بمختلف الأحجام كعش ذبابير هوت عليه عصا ،فانطلقت تعيث فساداً من دون وازع اخلاقي حتى بمعايير عالم اللصوص ، ومما زاد الطين بله غياب أي عقاب لمن ثبت عليه جرم شهدت عليه البشر و الشجر والحجر وقديما قيل من أمن العقوبة أساء الأدب. ولن اسرف في ذكر تفاصيل معاناة الناس فهي واقع نتجرعه جميعا في اغلب ساعات اليوم أيا كانت مهننا و مهما تنوعت معاملاتنا في كل زاوية شارع و في اي مبنى حكومي اذا صح التعبير . لذا يبدو أننا أمام حلين لا ثالث لهما ، نخاطب به القائمين على الأمر والنهي في هذا البلد ، أقول أما أن تكفوا أيدي اللصوص الصغار بعقاب رادع التي تنهشنا ككلاب مسعورة ، فإن ابيتم هذا فأرى أن تعيونوا لنا في كل مرفق شيخ للسرق. والله من وراء القصد. 2017/10/6