آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 07:01 م

كتابات واقلام


وداعاً كوكبنا الساري "أبوبكر سالم بالفقيه"

الإثنين - 11 ديسمبر 2017 - الساعة 12:53 ص

عمار باطويل
بقلم: عمار باطويل - ارشيف الكاتب


من بين تلك الجبال التي تحيط بوادي حضرموت كانت صرخة أبوبكر سالم بالفقيه الأولى بالقرب من مأذن تريم والبيوت الطينية في تريم بوادي حضرموت، ولم تعلم والدته حينها أن لهذا الطفل سيكون له شأنا عظيما في عالم الفن، والشعر، والأدب. كان ذلك الطفل الذي يلعب في "مطاريق" أزقة تريم يتحسس وجود والده يبحث عنه ولم يجده، فقد رحل والده مبكراً وكان عمر الطفل لا يتجاوز ثمانية أشهر ، ولهذا الفقد المبكر كان أبوبكر سالم يبحث عن ذاته الأولى المفقودة أي ذات والده التي تتجسد في روحه الهائمة في تريم، وأحيانا في سيئون الطويلة. عاش أبوبكر سالم في كنف جده زين، وصدح لأولى مرة بصوته المترنم كمنشد للاناشيد بصوت رهيف لفت انظار أهالي تريم، فالكل كان ينصت له، ولم يعلم هؤلاء أن هذا الطفل سوف ينصت له كل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج. فبدأ أبوبكر سالم يشق طريقه في الفن، وتعرف على الكثير من الوجوه في بداية مشواره الفني، ولكن الوجه الذي استوقفه ولم يتجاوزه كان وجه الشاعر الكبير حسين المحضار، ولعل الفنان التقاء بالشاعر الكبير لأول مرة بالقرب من شواطئ الشحر أو في المكلا أو في وادي حضرموت. فاللحظة الأولى للقاء بين هذين العملاقين لعلها لم تدون بعد في سجل الذكريات، ولكن أعمالهما ومسيرتهما جسدت صوتا نادرا وإداء رائعاً لم يتجاوزهما الكثير من الأصوات حينها شعراً بقيادة المحضار وفناً بصوت العملاق أبوبكر سالم، ولهذه الميزة برز الفنان أبو أصيل بروزاً كبيراً، فشد عصا الترحال إلى عدن ووضع بصمته بالقرب من قلعة صيرة وجبل شمسان " شمسان ذا بعده على قلبي عسير" وأنطلق من تلك المدينة التي كانت حاضنة لكل مبدعي الوطن كالفنان محمد سعد عبدالله، محمد مرشد ناجي ، أحمد بن احمد قاسم ، أيوب طارش، فيصل علوي وغيرهم. ولم يستقر به المكان في مكان واحد بل أصبح يجوب الوطن العربي مغرداً بصوته فمرة في لبنان " أيش لبنان وأيش العاصمة بيروت بلادي بلا حضرموت" وأحياناً من القاهرة وصولاً إلى الرياض" ماسلي قلبي ولا راض إلا معك في الرياض"، أو مروراً بالطائق " يامسافر على الطائف طريق الهدا"، فكان أبوبكر سالم بالفقية رحمه الله كوكبنا الساري الذي يضيء لنا الطريق فاليوم برحيله نفقد كوكوبنا الساري أبوبكر سالم بالفقيه.