آخر تحديث :الأربعاء - 17 أبريل 2024 - 01:01 ص

كتابات واقلام


منافسة محتدمة بين الجنوبيين وابناء الجنوب

السبت - 06 يناير 2018 - الساعة 03:26 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


ان المنافسة في المشاريع والبرامج والاجندات شيء وارد ويشهد المجتمع حولها صولات وجولات ولاتكاد تخلو مرحلة من المراحل من وجود منافسة قد تكون شرسة في بعض الاحيان تصل حد الاشتباك المباشر بين الفرق المتنافسة ، وهنا نود ان نستعرض طرفي المنافسة والذي قد يعتبره البعض تصنيفا غريبا وفق المسميات المذكورة لاحقا ، فقد ذكرنا كما هو في العنوان ان المنافسة محتدمة بين الجنوبيين وابناء الجنوب فنقصد في هذا السياق بمصطلح الجنوبيين الجيوسياسي هم الفئة والجماعة الجنوبية التي تحمل مشروع ثورة الجنوب التحررية المطالبة بفك الارتباط والاستقلال الناجز لدولة الجنوب كاملة السيادة كما كانت عليه قبل ٢٢ مايو ١٩٩٠ م وهم اي الجنوبيون يناضلون بشتى الوسائل ضد كل المشاريع التي تنتقص من حقهم في استعادة دولتهم ، اما بالنسبة للمصطلح الآخر وهو ابناء الجنوب فنقصد بهم هنا من ينتمون للجغرافيا الجنوبية في الرقعة الطبيعية حسب الموقع الجهوي وليس السياسي حيث لاتحب هذه الجماعة رغم انتمائها الجغرافي للجنوب ان تتسمى بالدولة الجنوبية بل على العكس ، حيث تعتبر هذه الجماعة مناهضة لمشروع الجنوب الجيوسياسي وكانت تتصدى بكل الوسائل المتاحة لديها لاجهاضه ووقف نموه كونها تؤمن بالجنوب كقضية وليست هوية لهذا تختلف جماعة ابناء الجنوب في الرقعة الجغرافية الجنوبية عن الجنوبيين اصحاب الهوية الجنوبية ، وبالنسبة للمنافسة المحتدمة بين الفريقين فقد اظهرت المتغيرات المتسارعة في الاحداث اليمنية قضية الجنوب كهوية على السطح وصار الصوت الخجول والخافت للجنوب كوطن لشعب له هوية وتاريخ صار محل نقاش في الاروقة السياسية في بعض المحافل وتقدمت المستويات في النقاش لهذه القضية خطوات كبيرة وجريئة في بعض الاحيان وصار من المجحف تجاهل هذه القضية محليا واقليميا ودوليا ، ان اكثر ما دفع بتسارع الاحداث نحو فتح ملف الجنوب هوية وانتماء من جديد هو التطورات السياسية في الجنوب وبالاخص بعد النجاح الباهر في اعلان عدن التاريخي وتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي والمضي بخطى حثيثة ومتسارعة نحو تشكيل البنية السياسية والاجتماعية في الجنوب والتفكير الجاد بتشكيل حكومة جنوبية وجيش جنوبي نظامي وقوات امنية محترفة وقد وجد الكثير من المراقبين ملامح قيام دولة جنوبية بناءا على نتائج تلك الترتيبات الناجحة والتي حققت قفزة نوعية غير متوقعة ابهرت المراقبين ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك حرص واصرار الجنوبيين على استعادة دولتهم واعلان الاستقلال الثاني ، عندما اعلن المجلس الانتقالي الجنوبي انفتاحه التام نحو ابناء الجنوب كلهم دون استثناء على اعتبار ان الجنوب وطن يتسع لكل ابنائه ، وجد العديد من ابناء الجنوب في هذا النداء بابا واسعا وممهدا لاستيعابهم في دائرة الجنوب الجغرافي حتى ولو اختلفوا في قضية الجنوب الجيوسياسي ومن خلال هذا النداء الجنوبي تم تسجيل اول حالة من حالات المنافسة المحتدمة بين الجنوبيين وابناء الجنوب حيث وجد كل طرف من هذه الاطراف في الآخر حاجزا أمامه ومنافسا له في توزيع الادوار للمرحلة القادمة وهذا ايضا مادفع بالمنافسة نحو الطابع الذاتي الانوي حيث صار التباكي والتخوف من الاقصاء والتهميش لسان حال يتحدث فيه الجنوبيون عن اهمال متعمد لدورهم النضالي في الساحات والميادين الثورية التحررية واستغناء مبطن عن الحاجة اليهم للمرحلة القادمة وهو مادفع بالبعض منهم نحو التقوقع والانحسار والتراجع خطوات كبيرة للخلف والترقب بصمت لتداعيات الامور لمعرفة جريان اندفاعها في اي اتجاه ، بينما الطرف الآخر من ابناء الجنوب يدعي متباكيا ومكثر من التشكي وادعاء المظلومية بأن القوى الثورية تسد الباب في وجهه وتمنع المرونة في حركته وحراكه السياسي بحجة تقييد الحرية والتعسف ضد الرأي الآخر ، ولما وجد الفريقين الانصات والانصاف من القائد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ، اجتهد كل فريق باظهار استعداده للمشاركة في المرحلة القادمة وانطلق كل فريق للتمترس خلف الجنوب الجغرافي للحصول على حصة تتناسب مع الحصة الجنوبية الممكن الاستيلاء عليهابالعطاء او الدهاء ، انه من المؤسف ان يسعى البعض من ابناء الجنوب تحت مبرر الحق في المشاركة السياسية كنتيجة حتمية لما آلت اليه الاوضاع السياسية في الجنوب. بحيث صارت الساحة ممهدة والتجهيزات شبه مكتملة وقطف الثمار وجني المحصول الوفير من الانجازات النضالية تلوح راياته خفاقة عالية. ، من المؤسف ان يسعى اولئك في منافستهم المحتدمة للوصول الى المشاركة في المرحلة القادمة الى حد الاستئثار والاستحواذ والأستصغار لجهود الجنوبيين وهم الذين كانوا الوقود والحطب الذي احترق خلال فترة النضال الطويلة ليتم تركينهم جانبا بشكل غير اخلاقي بعيدا عن الانصاف والتكريم ، كما ان اعتقاد الجنوبيين بان الدور النضالي الذي بذلوه في المرحلة التحررية الجنوبية بكل صورها يخولهم باخذ الحق في تشكيل ورسم السياسات العريضة لمستقبل الجنوب القادم منفردين تحت هذا المبرر وهذا يسبب القلق والتوجس خيفة على مستقبل ابناء الجنوب امام الجنوبيين وحتى تختفي هذه الصورة القبيحة في المنافسات التاهيلية لقيادة المرحلة القادمة للجنوب في الفترة التمهيدية لبناء الدولة فإن الحل يتطلب تظافر الجهود والخروج من دائرة التكتكة والطبخ السياسي والتآمر الذاتي للافراد والجماعات على الافراد والجماعات وان ينزل الجميع من متاريسهم الذاتية لتكون المشاركة بدل المنافسة وتكون البرامج هي اللسان وليس الخطب والمقالات ولن تخلو فئة او جماعة من البرامج النافعة في كل المجالات ولايمنع ان توسع دائرة المشاركة للفصيل الحامل للقضية والهوية معا كونه نازع من اجل الدفاع عنهما في كل المراحل وكان بأمكانه استكمال المرحلة بفرض الامر الواقع واتخاذ الاجراءات من طرف واحد وبسط نفوذه وهو قادر على كل شيء لكنه آثر الانفتاح نحو الآخر واتاحة الفرصة للمشاركة في صنع المرحلة ومد يده للجميع في الدخول الى دائرة الجنوب الدولة والهوية ولم يضع ضوابط ومعايير ولعل هذا ما شجع الجميع الى المسارعة في الانضمام والمشاركة في دوائر الجنوب الدولة والهوية ودفع بالبعض منهم الى الطمع في المساحة الكبيرة سياسيا ليظن ان الحق المتاح للجميع بامكانه تسخيره لصالحه على اعتبار التجربة السابقة والخبرة التراكمية. في القيادة والادارة متناسيين انها كانت في الاتجاه المعاكس ولم تكن يوما مسخرة لخدمة الجنوب الدولة والهوية وهي اكثر ماتشبه الخبرة والمهارة في السراب والغثاء وسبب المعاناة ولعلها خبرات عكسية ضارة اكثر منها ان تكون نافعة لذلك تقتضي المرحلة فتح صفحة جديدة غير مصبوغة بصبغة مرتبطة بالمرحلة السوداء المأساوية في حياة الجنوب والجنوبيين وابناء الجنوب على السواء وان تحتدم المنافسة في المحتوى وليس في الاحتواء على اعتبار ان البرنامج الجيد يؤخذ به ولاينظر لمن قدمه فنحن نحتاج للبرامج وليس للمبرمجين ولن تقبل للاجيال القادمة الا منافسة البناء والتطوير الوطنية بعيد ا عن المنافسةالشخصية في الوطن.