آخر تحديث :السبت - 27 أبريل 2024 - 01:02 ص

كتابات واقلام


العواضي ..الجندي المجهول الذي يعمل من وراء البحار!

الأربعاء - 31 يناير 2018 - الساعة 02:24 ص

ياسين الرضوان
بقلم: ياسين الرضوان - ارشيف الكاتب


أحياناً نكون مجبرين على الكتابة لبعض الشخصيات، التي تقوم بأعمالها على أكمل وجه، وتقوم به بدافع غريزي، ودون انتظار جزاء ولا شكورا، بل دافعهم الإنصاف فقط، لا سواه، يتمحورون حوله وينطلقون من مبدأ ثابت، ثم ما يلبثون أن ينتشروا في كل الأرجاء، ولأن المبادئ أبقى وأقوى متى ما لامست القضايا الحقيقية، كان علينا كشباب متابعين للساحة اليمنية والعربية على وجه الخصوص، أن نراقب كل ما يحيط بنا وبمجتمعنا، بهدف التطلع والاستزادة، وكان من حسن الحظ أن وجدنا رجلاً صاحب شخصية استثنائية، هذه الشخصية هي شخصية الأستاذ القدير "جمال العواضي" مدير الوكالة الدولية للإعلام، والذي باتت أحاديثه تترسخ فينا يوماً بعد آخر، لنلتقطه من على الشاشات ولنخبره بأننا نراه ونسمعه ونتأثر كما يتأثر الناس بما يقوله وبما ينحو نحوه، سيما في المسائل الوطنية.. وفي هذا المقام حاولت فيما سأكتبه عن هذا الرجل، أن أبتعد عن خانة الإطراء والمجاملة، وأن أكتب بحقه ولو الشيء القليل، من واقع الإنصاف والمعلومية ليس إلا، فما يقوم به في السر قبل العلن شيء يستحق التقدير والاحترام، وبهذا أحاول إنصافه ولو بشكل فردي أمام الناس؛ لاتزانه في أطروحاته وتحليلاته ومواقفه، التي نراها في أروقة الإعلام، ودائماً ما نجده ضيفا على منصة قناة فرنسا 24، فضلا عن قنوات أخرى..، ولعل الجميع شاهده وسمعه، وأعجبه ما يقوم بطرحه لواقعيته، ودون العودة للوراء وتغيير المواقف أو تلوينها، كما بتنا نشاهد في موضة هذا العصر، الذي بات فيه الجميع مكشوف تحت سيل الإعلام، بل نجده دوماً ينطلق من منطلقات واقعية وشجاعة في الطرح بهدف البحث عن "حلول ومعالجات" حقيقية وليس فقط مجرد الحديث للحديث ذاته، كما يصنع "الكلمنجيين"، وهذا ما يفقده كثير من مثقفينا اليوم، بكل أسف، ولذلك وجدنا أن المستقبل يتفلت وينحرف من بين أيدينا وأجيالنا، دون أن نجد من يقوم اعوجاجه، نتيجة النفسية المتخوفة التي يتمتع بها المثقف، ولذلك نرى أغلبية كاسحة في وطننا العربي من المثقفين لا يبدون آراءهم للعلن، ليهتدي الناس بها في هذا الإظلام المصطنع، نتيجة عدة أشياء لا يتسع المجال هنا لذكرها..؛ المثقف أمة إن ضل ضلت الأمة، ولذلك فنحن واقعون تحت "وكل في فلكه يسبحون"، ولأننا على يقين كامل بأنه على القلة المثقفة حالياً القيام بواجب الكثرة المنشغلة بتوفير لقمة العيش، ومن هنا تأتي أهمية القادة المجتمعيين كالعواضي وغيره..! والمفاجأة أن هذا الرجل عندما بحثت عن سيرته، وتتبعت ما يقوم به بهدف معرفته وتعريف الناس بأدواره، وجدت أنه من الحبيبة "عدن"، ومن شباب المعلا، وبالتحديد من قاطني الشارع الرئيسي، وينحدر من أسرة عدنية عريقة، وبدأ حياته رياضياً في نادي "شمسان الرياضي" وأحرز بطولات الملاكمة حتى عام 1987، لينتقل بعدها إلى صنعاء للدراسة، وكغيره من الجنوبيين خرج داعماً ومشجعا للوحدة في وقت إعلانها، متفائلاً بمستقبل أفضل للجنوب، بل يحدوه الأمل بأن تصبح مدينته التي يعشقها، ولا غرو أنه من "عدن..سيدة المدائن"، التي يخاصرها وشاح البحر الأزرق، وتحتضنها الجبال من كل مكان، فلقد جمعت بين صلادة السهول ورقة البحر، ولا عجب أن يكون أبناؤها أشداء؛ لكنهم في الوقت ذاته رحماء..! وعلمت أن العواضي يعمل في صحيفة "اليمن تايمز" الانجليزية، والتي اختاره مؤسسها السقاف للعمل معه في مجلس الشورى، وبعد مقتله اختاره رئيس مجلس الشورى "عبد العزيز عبد الغني"؛ لإدارة الإعلام والعلاقات الخارجية لكفاءته التي أظهرها خلال عمله إلا أنه في نظر الآخرين ظل جنوبيا قاصرا في ظل النظرة الدونية للجنوبيين حينها، ولا أخفي عليكم أنني كنت أظنه ينتمي للمناطق الشمالية، واستعجبت من إنصافه في حديثه وعدم تحيزه، ولكنني علمت فيما بعد بأنه عاش في عدن ثم هاجر منها بعد ذلك صوب فرنسا. ومن تتبعي لسيرة هذا الشاب العدني الحالم، وجدت كذلك أنه استطاع بسبب عمله الصحفي على وجه التحديد، وقربه واحتكاكه بالأجانب، أن يبني شبكة علاقات واسعة مع المنظمات الدولية، وحاز على تقدير واحترام الكثير من البعثاث الغربية الدبلوماسية، ونظم لقاءات عديدة لقيادات جنوبية مع سفراء الدول المانحة، حيث أقنعهم الرجل بضرورة الاستماع لأصوات الجنوبيين، ومنهم "النوبة" و"محمد علي أحمد" وغيرهم..؛ ولكن للأسف لم يكن يمثل هؤلاء سوى أنفسهم ومصالح ضيقة لهم. وعلمت أيضاً أنه من كان وراء الترتيب لزيارة السفير الأمريكي السابق "جيرالد فايرستاين" في 2013 والذي افتتح في جامعة عدن الركن الأمريكي، الذي لم تستطيع قياده الجامعة حينذاك الاستفادة من هذا الرابط الثقافي مع الغرب، كما علمت أن النظام السابق وحزب الإصلاح إتهموه بالعمالة للغرب بالرغم من أن منظمته الحقوقية المعروفة في صنعاء، دربت الكثير ممن أصبحوا اليوم قيادات سياسية من مختلف الأحزاب السياسية في البلد. لقد وجد العواضي نفسه في واقع محاصر بنظرية المؤامرة؛لكنه أوجد قناعة تامة بأهمية عودة الحقوق لأصحابها، ومنها الجنوب وطنه الضائع، ووجد أنه من الضروري أن يلعب الجنوب دورة المحوري في المنطقة، فتحول إلى جندي صامت ومجهول ومتطوع لدعم المجلس الانتقالي في المحافل الدولية، وتحرك مستفيدا من علاقاته الدولية في تصحيح المفاهيم المغلوطة، لدى المجتمع الدولي حول مطالب وحقوق الجنوبيين المشروعة.. ومؤخرا غادر الرجل عدن متجها صوب فرنسا، بعد اقتحام الحوثيين المدينة، ومنها بدأ يتحرك بصمت في كل الاتجاهات، بدورنا نتمنى له التوفيق والسداد وأن يساهم في رفعة بلد أضنته الحروب، وأخيرا وليس آخراً.. أتمنى أن أكون قد وفقت في عرض لمحة عابرة وسريعة عن الرجل، وبالله الحول والطول..