آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 11:31 م

كتابات واقلام


القيادة السياسية والتمثيل السياسي الخارجي للدولة

الثلاثاء - 13 فبراير 2018 - الساعة 01:56 ص

د. لؤي عبدالباري قاسم
بقلم: د. لؤي عبدالباري قاسم - ارشيف الكاتب


تتبلور وتنطلق السياسات الخارجية للدول بشكل عام وفق برامج وأهداف تضعها و تنهجها هذه الدول أو الحكومات على أساس عكس سياساتها الداخلية على سلوكها والارتقاء بسمعة بلادها في العلاقات الدولية وخاصة السياسية منها، فكثيرا ما يحدث في العلاقات بين الدول من مفاهمات أو معضلات، وكلها تصب في تفاصيل هذه السياسات فيما إذا شملت مناح متعددة أو كاملة إلى حد ما، وتكون قد أوفت في رؤاها ودراساتها وخطة عملها بخصوص السياسة الخارجية بشكل عام. يكمن هذا الأمر في تشريع الدولة لسياساتها الداخلية أساسا والخارجية أيضا من اجل إكسابها صبغة ونكهة النظام السياسي الداخلي لهذه الدولة أو تلك انطلاقا من المفهوم العام القائل أن: " السياسة الخارجية هي انعكاس للسياسة الداخلية "، ففي اليمن تمت الوحدة في العام 1990م حيث ثم دمج اليمنيين شمالا وجنوبا وانصهر وبصعوبة برنامجي التراكم للفوارق القانونية(النظامية) والحياتية، وخاصة في مجالات احترام النظام العام والتعامل مع مبادئ القواعد القانونية والمواثيق الدولية للحقوق والحريات واحترام المواطنة والعلاقات المجتمعية بين المواطنين بشكل عام وعدم المساس بها، بحيث كانت هناك فوارق كبيرة بين هذين الشطرين وهو ما آلـت إليه لاحقا الأوضاع السياسية الداخلية لدولة الوحدة بعد عام 1990م وحتى 1994م، ولأن الشراكة في هذه الوحدة الوطنية كانت سريعة النشأة والظهور على واقع الحياة وبعجلة وسرعة كبيرتين دون مراعاة لأمور عديدة وهامة أبرزها سياسيا النوايا المكبوتة في أعماق أصحابها من هولاء الشركاء السياسيين في منظومة القيادة لدولة الوحدة حينها، وظروف الطرف الآخر الهارب من داخله المؤلم إلى داخل آخر أكثر ظلاما وظلم وألم للأسف فهو موروث يختلف من شطر إلى آخر وكان من الأجدر دراسته بعقلانية ووضع الاحتياطات والمعالجات المناسبة له بدلا من التراكم السلبي والسريع الذي أدى إلى إعاقة تجربة وإجهاضها بسبب قصور الرؤية وسرعة القرار...وغيره،وعليه لم تكن نتيجة حرب 1994م في مضمونها هو التخلص من القيادات الفارة(كقيادة فقط من الجنوب) بل عوقب شعب الجنوب كاملا بعد حرب 1994م، وعليه تغيرت خريطة السياسة الداخلية للدولة سلوكا عدوانيا اهتم بطمس الهوية والإنسان في الجنوب بشكل عام. لهذا ما الذي نتوقعه أن يكون حصيلة لهذا المنتج الهش ؟؟ وما ترتب عليه من نواح عديدة في مجمل واقعنا اليوم خاصة، وفي مجمل نواح الحياة السياسية لاحقا واخص بهذا التمثيل الخارجي للدولة بحيث حرم كثير من ابناء الجنوب من العمل في السلك الدبلوماسي أم انهم حرموا من استحقاقهم في ذلك، وهو الامر الذي اتضحت معالمه منذ زمن وأكدته المواقف المتخاذلة للقائمين عليه في بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج منذ حرب 1994م وحتى حرب الانقلابيين على الشرعية والسلوك الغير حضاري في تعاملهم مع القيادة السياسية متمثلة بفخامة الرئيس المشير عبدربه منصور هادي ومن كان معه من رجالات الدولة في صنعاء حينها، وبشكل عام وحتى وقت قريب بل حتى الآن، وما أظهرته هذه البعثات في كثير من المواقف المخجلة والمتخاذلة من خلال سلوكهم في سكوتهم وعدم تفاعلهم مع الشارع والمواطن والوطن فيما مر به ويمر حتى ألان من شدائد وخراب نتيجة للحرب حتى يومنا هذا، وهذا ما يعد دليلا قاطعا على أن ولاء الكثيرين منهم يرجع لغير القيادة الشرعية، فكل ما كان عليهم فعله هو التفاعل الايجابي الصادق والمعبر عن كل ما كان يحدث في الساحة،وان يكون وطنيا بمعنى الكلمة وناقلا للعالم طبيعة الأحداث وأثر الحرب الانقلابية على الوطن والمواطن وما سببته من خراب ودمار، وعليهم أيضا نقل وإيضاح دور وموقف البعثات الدبلوماسية اليمنية من الشرعية وقيادتها معبرا عن تضامنه معها ومؤيدا لمواقفها ضد الانقلاب الفاشل عليها. من الأهمية هنا ذكر توجه القيادة السياسية متمثلة بفخامة رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي الذي لم يألو جهدا في سبيل الحفاظ على المبادئ ولتعزيز دور اليمن الريادي في المنطقة والوطن العربي والعالم أجمع، كل هذا من خلال التوازن في إدارة شؤون البلاد والتعامل مع متغيرات الواقع بما يؤمن للدولة والحكومة والشعب بشكل عام متطلبات الحياة الضرورية الكامنة أولا وقبل أي أمر آخر في تطبيع الحياة في الشارع اليمني، وثانيا في تحقيق الانتصار على الانقلابيين بتعاون مشترك بين القيادة السياسية ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية والتحالف العربي متمثلا بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص في دورها الواضح والمباشر على الأرض بلوغا للانتصارات الواحدة تلو الأخرى كما نراه ونلمسه اليوم، وحتى بسط كامل السيطرة على إقليم الجمهورية وصولا إلى البند المهم في سياسة الدولة الراجحة للأخ الرئيس في وضع المعالجات التي من شأنها فك شفرة الأزمة القائمة نحو إقليمين يحققوا المبتغى الإقليمي في شبه الجزيرة العربية، وكذلك على مستوى الوطن العربي والعالم أجمع، وخاصة بعد اندلاع هذه الحرب التي عكست نوايا وأبرزت حفيظة وأفرزت صف بل صفوف من النسيج السياسي في الوسط المجتمعي في الطرف الآخر من اليمن ليقوموا بما قاموا به من خطوة نحو الانقلاب على الشرعية بل ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك الا وهو مغالاتهم في وضع فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي وكل من كان معه رهن الإقامة الجبرية، ولكن وبعد أن تدبرت الفرصة بواسطة الحنكة والدهاء الذي يوصف به فخامة الرئيس فقد تمكن من الفرار إلى مدينة عدن في الجنوب من قبضة المليشيات وأعوانها، بل إن تماديهم في هذه المغالاة بلوغا لحد النشوة في الاعتقاد بأن طبق الحلوى لم ينتهي بعد بما فيه، وأن الفرصة التالية لتحقيق هذا المكسب سيكون من خلال استغلال حجة مطاردة الرئيس (الهارب) في اعتقادهم، هو الأمر الذي اشتطوا به غضبا لتمكنه من الفرار من قبضتهم وقلل بذلك من قيمتهم كقوة مسيطرة على الأوضاع في صنعاء وغيرها(حينها)،وأنهم قادرون على أي من العمليات العسكرية وهذا ما حدث لاكتساحهم المحافظات والسيطرة عليها وصولا إلى عدن وخروج فخامة الرئيس من عدن إلى دول الجوار و بدء ضربة عاصفة الحزم لهذه المليشيات وتحرير عدن وبقية المحافظات الجنوبية وغيرها....، بهذا نجد العقل الذي أدار وانتقل بواقع الحال الداخلي من وضع إلى آخر وما ترتب عليه في متغير الموقف عسكريا وسياسيا وتحقيق الانتصارات وفق سياسات واستراتيجيات وخطط قام بها فخامة الرئيس وقوى التحالف العربي . عليه وألان بالذات نجد أن هذه الشخصية السياسية الكامنة في سلوك وأداء القيادة السياسية في شخص فخامة الرئيس وعلى الصعيدين الداخلي (الوطني) وكذلك الخارجي (الدولي) يؤكد مدى توافق هذه الرجاحة في التصرف العقلاني تحقيقا لكل هذه الانجازات إنما هي نابعة من الأساس الذي نحن بصددة في أن السياسة الخارجية لبلادنا يجب أن تنبعث من أصل ومقومات السياسة الراجحة للقيادة السياسية خاصة في ضبط نغمة التعامل مع الآخر، ووضع المساحات والبدائل المناسبة لوضع حل نهائي خروجا من هذه الأزمة ولتحقيق المزيد من المكاسب للصالح العام . في الأخير نتمنى على فخامة رئيس الجمهورية حفظه الله أن يوجه المعنيين بمزيد من الاهتمام بالعمل في التوجه الخارجي للدولة متمثلا بالبعثات الدبلوماسية والممثلين الدائمين وغيرهم بتمثيل بلادنا في الخارج تمثيلا مشرفا من خلال إعادة النظر في كفاءة وكيفية المطلوب اشتغالهم في هذا المجال بما يتوافق مع الوطنية والولاء للوطن ولشرعية السلطة القائمة عليه. والله الموفق لما فيه الخير للوطن والشعب.... د. لؤي عبدالباري قاسم صالح. كلية الحقوق - جامعة عدن -