آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 07:32 م

كتابات واقلام


من الذي يخيف الشعب من محاسبة الفساد والفاسدين

الأحد - 08 أبريل 2018 - الساعة 11:34 ص

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


غريبة هي الاوضاع عندنا في هذه البلد المسحوقة سحقا بجنازير الفساد ودكاكات الافساد لقد اصابها داؤه في كل مفاصلها وانتشر مرضه في كل جزء من جسدها وصار وباؤه يجري فيها مجرى الدم ويستنشقه اهلها منذ الصباح الباكر مع تغريدة كل طير وهبة كل نسمة  ، استولى عليها واصابها باعاقة وشلل تام يكاد يقضي عليها ويفنيها لولا عناية الله ورعايته وبقايا الصالحات من عهد قديم حفظت هذه البلدة وحدت من سقوطها التام في الوباء الاختياري والعدوى المقصودة التي اصاب الشعب بها نفسه وهلك بسببها لايتصور احد في اي بقعة من العالم حال الفساد والافساد الذي اصاب هذه البلد في ظل وجود الخبراء والمختصين من الكوادر المحلية المؤهلة والمشكلة لمكافحة الفساد والمتطوعين من دول الجوار والاصدقاء في العالم الذين ابدوا استعدادهم للمساهمة في رصد ومحاصرة وباء الفساد ان حال الفساد اصبح عامل قلق ومؤشر خطير يهدد امن وسلامة البلد ويدفع بشكل متسارع نحو انهيار الدولة ولم تتغير مؤشراته في فترات الحرب او في ايام السلم ما يؤكد عمق بؤر الفساد وتوغلها السرطاني في جسد الدولة والشعب اسئلة كثيرة تراود المهتمين والمتتبعين لاحوال البلد من قريب او من بعيد ،، مامدى عمق الفساد في جسد الدولة،،، وهل اصاب الفساد  الروح المعنوية لافراد الشعب وقتل فيهم النخوة والكرامة والغيرة على الوطن ،، وهل فقد الشعب زمام المبادرة والرغبة في التغيير وتجاوب وانسجم مع مظاهر الفساد وتماشى معها  ،، لماذا كل هذا التعتيم والتكتيم والتخوف من فتح ملف واحد من ملفات الفساد الكثيرة ،، هل الاجهزة الرقابية والمحاسبية واجهزة الضبط القضائي مصابة ايضا بفيروس الفساد وتتخوف بان تفوح رائحة الفساد العفن منها وتسقط اهليتها لمقاضاة الفساد والفاسدين وهل صمت الائمة والخطباء والدعاة عن فضح الفساد وتعريته امام الملاء في الخطب والمواعظ  هوبسبب قول الشاعر لاتنه عن شي وانت تفعله عار عليك اذا فعلت عار او بسبب الضعف والخوف والتهرب من المسؤولية كما في قوله ،، ولايخافون في الله لومة لائم ولماذا يصمت المعلم ويتحاشى التطرق لصور الفساد ومحاربته وينمي روح الشجاعة والنقاء وحب الوطن ونبذ الفساد بكل صوره واشكاله هل صمته بسبب اصابته هو ايضا بفيروس الفساد ويخاف من ان يستصغره الطالب ويقل له يا استاذ من اين لك هذا ،،،   وهكذا الطبيب والمحامي والصحفي والانسان البسيط لماذا يصمت كل هؤلاء ولايكادون ينطقون ببنت شفه ماذا يخيفهم ،،، لماذا لايتصدى الشعب للفساد ويحاربه ولو بالقلب وذلك اضعف الايمان ،، لماذا لايتوجه ابناء الشعب الى مولاهم في دجى الليل والناس في سباتهم ويتضرعون الى مولاهم ان يفك اسرهم من قبضة غول الفساد المجرم ويطلق حرية الشعب لينهض بخيراته وثرواته ،، هل غرق الشعب ايضا في الوحل واصيب بفيروس الفساد وهو يخجل ان يناجي ربه وهو غارق في الفساد   اذن من هو الفاسد ،،، وماهو الفساد ،، ومن الذي سيحاسب الفاسد ويمنع الفساد ، ومن الذي يخشى الآخر   هل يخشى الفاسد من المراقب والمحاسب المكلف بامر رئاسي او وزاري او اداري او العكس يخشى المراقب والمحاسب  الفاسد ان يفتضح امره ،، فكيف اذن سننتهي من الفساد والفاسدين وسنخلص بلدنا من فيروساتهم المدمرة لاقتصاد ومصالح البلد سياسيا واجتماعيا وثقافيا وفكريا ومستقبليا ماهو الحل اذن ،، ثم يستبدل غيركم ثم لايكونوا امثالكم ،،،، حتى يعود الشعب الى رشده ويدرك ان الشعوب الحية تحترم وان كانت فقيرة ،، اما الشعوب الميتة فتهدر كرامتها وتنهب ثرواتها وتستباح ارضها وسيادتها حتى وان كان فيها علماء ومفكرون وقادة وسياسيون واكاديميون ومثقفون وفنانون ومبدعون وتراث وتاريخ وحضارة وعراقة واصالة وموقع جغرافي وفلكي وزراعة وصيد اسماك وثروات نفطية ومعدنية ومقدرات طبيعية وبشرية ،،، كل ذلك ماذا يعني ،، لاشي ،لاشي ، لاشي في ظل وجود جسد ميت وشيطان اخرص وانبطاح وهوان الشعوب الميتة ليس لها الا ان تنتظر جرعة التطعيم ضد مرض البلادة والانكسار الذي لن تتحصل عليه بالهبات والتبرعات والمنح والقروض ،، لن تتحصل الا على لقاحات الحصبة وشلل الاطفال  اما لقاحات العزة والكبرياء وحب الوطن والغيرة عليه وعلى مقدراته المنهوبة فهذه ليس لها لقاحات وتطعيم تحيي الشعوب الميتة التي سيقضي عليها فأر صغير لو تسنى له ذلك كما حصل سابقا في التاريخ القديم