آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 04:36 م

كتابات واقلام


هذه آمالنا وبيد المستر غريفث الكثير

الجمعة - 04 مايو 2018 - الساعة 05:34 م

عبدالجبار ثابت الشهابي
بقلم: عبدالجبار ثابت الشهابي - ارشيف الكاتب


يبدو أن عملية السلام في بلادنا، وبعد جولات، ومباحثات المبعوث الأممي الجديد المستر غريفث إلى اليمن مع الأطراف المختلفة، ولاسيما الحكومة الشرعية، وجماعة الإنقلاب في صنعاء، والتي تمت في عدد من العواصم للخروج بأسس معقولة لتحريك العملية السلمية.. يبدو أن هذه (العملية) قد بدأت الآن تستعيد قدرا معقولا من الحيوية إثر فترة من الإنكفاء، ثم السبات العميق، المقترنة باشتداد المعارك في كل جبهات القتال بعد استقالة اسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الأممي السابق الذي بات حينها غير قادر على الحركة جراء تعنت الإنقلابيين، وإصرارهم على فرض ما يسمونه بالأمر الواقع الذي غدا بعاصفة الحزم عام 2015م، ثم الأمل عام 2016م غير واقع، ولا صلة له بالواقعية، ولاسيما أن الشرعية صارت تسيطر على معظم مساحات البلد، وأن عصابات ومليشيات الانقلاب قد أصبحت تتقوقع في مساحات جد ضيقة من أقاليم سبأ، وأزال، وتهامة، والجند، مكتفية بتلقي الضربات، وصناعة المكائد، وذلك بالتسبب في إيقاع الخسائر بالمدنيين، جراء اتخاذها من المدن والأحياء دروعا بشرية بقصد تأليب الرأي العام العالمي على العمليات الحربية التي يشنها طيران التحالف العربي. ولعل الأجواء الآن، وبعد أن اتضح تآمر الحوثة على شريكهم في الإنقلاب، وبعد أن قلبوا طاولة تحالفهم رأسا على عقب، ونكلوا بشريكهم من المؤتمر، ولاسيما إثر تمكنهم من شراء ذمم عدد كاسح من القيادات العسكرية المؤتمرية، وضم مقاتليهم بالترهيب، والتضليل، واستغلال سلطات المشائخ على رعايا مناطقهم، ثم قتل علي عبدالله صالح، وهو مادفع البعض للخروج والالتحاق بصورة، او بأخرى بالمقاومة رغبة في الانتقام من عملية الغدر الحوثية كما يقال.. لعل ذلك وغيره من وقائع الميدان، وما أفرز من تشققات داخل الحركة الحوثية بلغت حد العمل مخابراتيا على قتل صالح الصماط رئيس مايسمى بالمجلس السياسي الخميس قبل المنصرم في الحديدة الذي كان أصلا لا يغادر مباني سفارات الدول الكبرى في صنعاء، وخصوصا السفارة الروسية.. لعل كل ذلك وينضاف إليه رغبة المجتمع الدولي كما يقال في تسوية الأزمة في اليمن، وإنهاء المعاناة الإنسانية؛ قد مثل عناصر دفع قوية لجهود المبعوث الدولي الجديد لتحقيق قدر كبير من النجاح في مهامه الماثلة.. وإذا كانت لغة الميدان، والنجاحات العسكرية قد مثلت على الدوام مستندات قوية على طاولة الحوار؛ فإن الحوثة سيجدون أنفسهم هذه المرة محاصرين بضعف مواقفهم، وصفوفهم، جراء ماحدث من إنشقاقات ميدانية، ظاهرة وغير ظاهرة، ومحاصرين في التقدم الذي أحرزته، وتحرزه المقاومة والجيش الوطني في مختلف ساحات القتال، والتقدم المحتمل من الغرب، ومن الشرق باتجاه تهامة، وما تبقى من محافظة تعز، ولاسيما مع احتمال دخول قوات جديدة ، ومدربة، وبنوعية قتالية عالية، مما سيشكل الضربة القاصمة للتعنت الحوثي، لبس طبعا لانهاء الجماعة، ولكن لإيصال الجميع إلى محصلة لا مهرب منها، وهي قبول الجميع بوجود الكل، والعودة إلى نقطة البداية،ويا دار ما دخلك شر. وكما يبدو؛ فإن الخطوات ظلت تجري بترتيب إقليمي ودولي، أبرز ملامحه تمثل، ويتمثل بإصرار وقتالية بعض الأطراف الإقليمية للحفاظ على أساس، وقاعدة النظام السابق، لنقله (قص ولصق) في الظرف المناسب ليغدو البديل عما كانت ثورة 11 فبراير قد أعدته ليغدو الوجه الجديد لليمن الاتحادي..فقط باستثناء اجراءات الإنقلاب، وعلى أن يبقى الكل موجودا، لكن تحت السيطرة، مطوعا، ومدجنا، وقابلا لأي تعديل يحقق مصلحة بقاء النظام. الآن الحوار سيكون ليس للحفاظ على موجود، بل للوصول إلى بقاء يحقق الطموح لدى كل الأطراف المتصارعة، بمعنى- مثلا- أن الحوثة يريدون الخروج منها بضمانات بقاء، وعدم محاسبة، وبقوة تضمن كيانا لا يقل عن كيان حزب الله في لبنان لحراسة مصالحهم ووجودهم، ولتمكين الجماعة من الإنقضاض على الكل فيما لو سنحت لهم الفرصة، بينما قوى الشرعية تعد الآن نفسها لمواجهة شاملة عسكريا، وسياسيا، ودبلوماسيا للحفاظ على مشروع اليمن الاتحادي الفدرالي.. مشروع اليمن الديمقراطي، الحديث، ورفض المشاريع التي يتم رعايتها وتسويقها سرا وجهرا من بعض الأطراف للإبقاء على يمن مفكك، ضعيف، منشغل بنفسه، متقاطع، متصارع، يمكن هذه الأطراف الإقليمية والدولية من استمرار نهب ثروات اليمن، وتحويل البلد الى سوق لتهريب الأسلحة، وربما تقاسم البلد، وتوزيع أوصاله الغنية على بعض الطامعين، والإبقاء على مجرد مشيخات فقيرة، وسلطنات قاحلة، يقتل بعضها بعضا، وينشغل بعضها ببعض. ومع ذلك؛ تبقى كفة الشرعية راجحة، بالإستناد إلى رصيدها في الميدان، وإقرار المجتمع الدولي بشرعيتها، وبحق اليمنيين في أن يعيشوا في بلد موحد.. لكن لا بد لهذه الأفضلية من الحفاظ على استقلالية القرار، والحزم في التعامل مع الأشقاء والأصدقاء فيما يتصل بذلك، وعدم السماح بالتجاوز والتفريط بأسس الحوار الثلاثة. الإيجابي الآن في موقف الشرعية هو مبادرتها للإمساك بزمام الموقف، ووضع أربعة أطر رئيسية لأي عملية سلام قادمة، حيث تضمن تلك الأطر على سبيل المثال: أن تكون المشاورات بين طرفي الشرعية والانقلاب وليس بين مكونات، وان تكون مهمة الأمم المتحدة استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وعلى أن تكون المرجعيات الثلاث أسسا لأي عملية سياسية، وذلك كله يكتسب أهمية عظمى لابد منها لقطع الطريق على كثير من المشاريع الهدامة، ووضع النقاط على الأحرف، ومنع أي مسعى للتجاوز، ومن ذلك قطع الطريق على مشاريع التمزيق القديمة والحديثة، التي ربما يشير إليها بعض الاختيارات الدبلوماسية الدولية. وعلى كل حال، فإن اليمن الاتحادي، وعدن خصوصا، وككل محاضن المقاومة الشعبية اليمنية، سيظلون يأملون خيرا في الدور الذي سيلعبه البريطاني المستر (غريفث) وهو بالمناسبة من مواليد محافظة عدن، البريقة- عدن الصغرى- في هذه الجولة وما بعدها من جولات المشاورات للخروج بالبلد من هذا النفق المظلم، وإن كان للسياسة حساباتها التي قد لا يستطيع هو التغافل عنها، ولو من أجل (العيش والملح) وسواد عيون عدن.. لكن يظل بيده الكثير ليعمله، على الأقل لإحقاق الحق، ووقف هذا النزف، وهذه المعاناة والحرب التي لا ناقة لليمنيين فيها، ولا بعير. هذه آمالنا، وليس لنا اليوم غير الأمل.