آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 03:27 م

كتابات واقلام


هذا ما ركزت عليه إيران في اليمن

الإثنين - 09 يوليه 2018 - الساعة 11:34 م

محمد عبدالله القادري
بقلم: محمد عبدالله القادري - ارشيف الكاتب


عملية نشر الفكر الإيراني في اليمن تمت عبر مرحلتين. المرحلة الأولى : قبل أكثر من عقدين منذ قيام الانقلاب الحوثي ، وفيها تم نشر الفكر بطريقة سرية وطريقة شبه معلنة . المرحلة الثانية : بعد قيام الانقلاب الحوثي على الدولة وتم نشر الفكر بطريقة معلنة وظاهرة بقوة... ودعونا هنا نتحدث عن المرحلة الأولى إيران منذ تسليط ضوء مشروعها الفكري على اليمن في بداية الثمانينات ، استخدمت خطة شاملة للتأطير الفكري . ركزت على الخطيب والواعظ ، وركزت على المثقف والاعلامي ، وركزت على العسكري والاجتماعي ، وركزت على الاداري والاقتصادي ، وظلت تعمل بطريقة سرية للاستقطاب الفكري ، وتقديم المنح والدورات في إيران واستعادتهم إلى اليمن للعمل بالمجال الفكري. استطاعت إيران ان تعمل فكرياً بشكل مخفي داخل اليمن ، حتى ان جاءت الفرصة للظهور بعد الانقلاب ، ظهرت ابواق إيران الفكرية بقوة في كل الجوانب ، ظهرت القيادات العسكرية الفكرية تعمل داخل الجيش ، وظهر الاعلاميون والصحفيون والكتاب والوعاظ والاجتماعيون ، حتى شعرت ان الانقلاب على الدولة اصبح انقلاب فكري شمل الوعظ والاعلام والفعاليات والدورات والقاء الكلمات في المقايل ، خلايا فكرية ظهرت تعمل في كل مكان . ركزت إيران على ان تجعل السنة عدوها الفكري بمبرر انها عداوتها مع الوهابية ، وصنفت تحت غطاء الوهابية العديد من الجماعات ، واستخدمت عدة طرق ووسائل لدى عناصرها الذين قامت بتعبئتهم بضرورة واهمية ووجوب استمرار محاربة الوهابية . الجماعات السنية التي كانت تصنفها إيران بالوهابية لم تدرك الخطر الفكري الإيراني وتتحد لمحاربته بقوة . الجماعات السنية والسلفية في اليمن ، انقسمت داخلياً وظل كل قسم يحارب الاخر ، البعض يحلل الحزبية والبعض يحرمها ، البعض يشتم جماعة الشيخ الفلاني والبعض يرد عليه ، وهنا وجدت إيران فرصة سانحة لتوسعها فكرياً في ظل اختلاف و انشغال الجماعات السلفية فيما بينها . بالاضافة إلى ان تلك الجماعات ظلت محصورة في جانب محدد وهو الوعظ في مساجد محدودة وتلقي العلم في مراكز خاصة مغلقة ، اي انها كانت شبه منعزلة عن الناس ولم تختلط بالجميع وتوصل رسالتها إلى كل الجوانب وتركز على القيام بعملية تأطير فكري سني شامل . حزب الاصلاح فرع جماعة الاخوان المسلمين في اليمن والمحسوب على السنة ، لم يكن له أثر ايجابي في محاربة الفكر الرافضي الإيراني ، بسبب ان الحزب اصبح توجهه سياسياً وليس فكرياً ، فقد يرى التوحد والتقارب مع إيران اذا اقتضت السياسة ذلك ، وقد يرى الاختلاف ، اي ان السياسة هي معيار تعامله وليس الفكر . وهنا نجد ان المعاهد العلمية التي كانت تحت ادارة الحزب ، وان مراكز العلم ومنابر الوعظ والارشاد الخاصة به لم تكن لها أثر ايجابي في غرس فكر سني يوضح خطر الفكر الرافضي الايراني ووجوب محاربته والتحذير منه . قياساً على البيئة الزيدية فقط كمحافظات صنعاء وذمار وعمران وصعدة ، سنجد ان الجماعات والتيارات المحسوبة على السنة فشلت في تثقيف المجتمع فكرياً بما يجعله يقتنع بالعداوة الفكرية للتيارات التابعة لإيران . ولذا استفادت إيران من البيئة التي كانت زيدية مذهبية سابقاً ، ونشرت فكرها بشكل سري واستقطبت الكثير من القيادات والشخصيات في جميع المجالات ، وهو الأمر الذي ظهر في بداية الانقلاب وحتى اليوم ، تضامن اغلبية المجتمع في عمران وصنعاء وصعدة وذمار مع جماعة الحوثي ومناصرتها والقتال معها . رغم النشاط المعلن خلال ثلاثين سنة لحزب الاصلاح في المجتمع الزيدي ، ورغم ثقله الاجتماعي والقبلي هناك ، إلا انه ظهر انه فاشل في تثقيف المجتمع فكرياً ونشر ثقافة شاملة تقتضي العداوة الفكرية للتيارات المنحرفة فكرياً كتيارات إيران . ايضاً رغم النشاط المعلن للجماعات السلفية ومراكزها العلمية ، إلا انها فشلت في التغلغل داخل المجتمع بالشكل المطلوب والتأثير الفكري الذي يجعل المجتمع مقتنع بالفكر السني ويعرف خطورة الافكار المنحرفة دينياً ويشعر بخطورتها ويحذر منها ويحاربها . جماعة السنة التي كانت في صعدة ولها مركز في دماج ، كانت شبه منعزلة ، ولم تستغل وجودها للتأثير الفكري في كل مجتمع صعدة وعمران . النظام الذي كان يحكم اليمن في ظل المرحلة الأولى لنشر الفكر الإيراني ، كان نظام مذبذب مختلط متقاسم ، لم يكن يهمه فكر ولم يكن يركز على فكر ، وهذا ما يدل على ضعفه ايضاً ، كون من لم يكن له فكر لم يكن كبيراً ولن تكون له قيمة ، بل ان هذا ما سمح لفكر إيران بالعمل داخل اليمن .