آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 09:10 م

كتابات واقلام


قط لم يستجد معلم حقه بالعيش الكريم

الثلاثاء - 28 أغسطس 2018 - الساعة 02:08 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


نختلف كثيرا معكم حول وضع المعلم ونظرة الناس اليه اجتماعيا .. فهل هو موظف وعامل في مهنة التدريس ام هو صاحب رسالة .. ؟ أما التعليم فهو رسالة يبلغها شخص له صفات خاصة تؤهله لحملها ونشرها في المجتمع في المدارس أو المساجد أو البيوت أو في أي مكان , فيأتي طلاب العلم من وسط المدينة ومن اطرافها ومن السهول والوديان ومن على قمم الجبال يقطعون المسافات الطويلة ليتربعوا على منصات العلم بين يدي المعلم والمربي , فأعطيت صفات الفخامة للمعلم دون غيره فقد يقال كبير الأطباء وكبير المهندسين بينما يقال المعلم الاعظم والمعلم الاكبر وهو الذي ينقل التربية والاخلاق مع العلم والمعرفة بالمشافهة أو عبر الكتب والمخطوطات بوسائل عديدة ومتنوعة , وقد تتكفل السلطة بنقل المعلم وأسرته الى أي مكان وتتعهد له بتوفير كل احتياجاته مدى الحياة , ناهيك عن حسن الوفادة والاستقبال المهيب للمعلم ومعاملته الحسنة والمميزة الواجبة في أي مكان يجلس فيه ان ما كان يميز المعلم عن غيره من الفئات الوظيفية في المجتمع هو انه يحظى بالاهتمام والرعاية والعناية من كل فئات المجتمع في المدن والقرى ويمنحه الناس الحظوة والحظور والحفاوة والحبور, فهو الذي يفتح له الباب ولا يرد له جواب ولا يعلو امامه الخطاب ولا يصدر بحقه لوم أو عتاب إن المعلم لم يكن ليرضى بالمعاملة السيئة والاهمال لحقوقه من قبل الحاكم والسلطات وكان يشعر بالانتقاص من مكانته وقدره فيمتنع عن تقديم العلم الا لمستحقيه وتعف نفسه ان يمد يده أو يطلب حاجته من احد حتى ولو كان السلطان فالمعلم عزيز النفس رفيع القدر عالي المقام ... فلقد صدق القائل: قم للمعلم ووفه التبجيل كاد المعلم ان يكون رسول .... ولقد كان في تعبير الرسول الاكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال (( من يحملني حتى ابلغ رسالة ربي )) تلميحا بواجب المجتمع تجاه المعلم وتوفير كل احتياجاته من السكن والطعام ووسيلة النقل وحمل المتاع عنه وخدمته واعطاؤه ما يكفيه وولده من النفقة والرفاه وعدم المشقة .. بمعنى ان المعلم حامل رسالة يريد تبليغها للناس ويحتاج من المجتمع ان يتكفل باحتياجاته وهذا الاصل في وضع المعلم , إنه صاحب رسالة وليس موظف يمد يده اخر الشهر ليستلم راتبا قد يزيد أو ينقص بميزان نظرة المجتمع الحالية للوظيفة وهي التي منحت الوظائف السياسية والدبلوماسية ووظائف الوجاهة والمنجهة قدرا اعلى ودخلا أكثر وصارت رسالة العلم لا تعني شيئا ومهمشة فتعاملت السلطة مع المعلم كموظف في الهيكل العام للأجور والمرتبات بدون اعتبار أو تمييز أو استثناء بل على العكس فوظيفة التعليم في الخدمة المدنية لا تعطى لها بدلات وحوافز واكراميات اطلاقا لا شهريا ولا في المناسبات فمن هذا كله وحبا في العلم ورسالة التعليم ومن اجل احقاق الحق وانزال الناس منازلهم ولهيبة المعلم وقدره عندنا .. اوجه رسالة خاصة وبليغة المعنى لكل معلم ومربي ... أخي أيها المعلم النبيل والمربي الفاضل توقف عن تقديم نفسك كموظف في المدرسة وابحث عن وسيلة تعيد لك قدرك ومكانتك كمعلم حامل رسالة عزيز النفس رفيع القدر عالي المقام ثم بشموخ العلم ورسالة التعليم التي تتشرف بحملها انت دون غيرك اتجه الى كل صرح تعليمي من جديد واغرس الى جانب العلم والمعرفة كل القيم النبيلة والاخلاق الحميدة ليخرج من تحت يديك مجددا رئيسا للجمهورية ولكنه يعرف قدرك ورئيسا للوزراء يهتم لشأنك ووزيرا للتربية والتعليم يتذكر مهمتك ووزيرا للخدمة المدنية يعترف بميزتك ووزيرا للمالية يثمن جهودك ووزيرا للشئون الاجتماعية لا ينسى تاريخك ومشرعا قانونيا يتكفل بحمايتك وحماية حقوقك ومجتمعا يمنحك التقدير لشخصك ولشخصيتك ويجتهد معك وليس ضدك لحصولك على العيش الكريم كمعلم صاحب رسالة.