آخر تحديث :الخميس - 18 أبريل 2024 - 09:01 ص

كتابات واقلام


دعوة أخيرة

الأحد - 07 أكتوبر 2018 - الساعة 09:59 م

سالم الفراص
بقلم: سالم الفراص - ارشيف الكاتب


_ باسم كل طفل حوّله الجوع والمرض إلى هيكل عظمي وراح يستصرخ الموت والخوف من شدة آلامه. _ـ وباسم كل شاب وطفل وامرأة وشيخ اعتادوا أن ينتظروان اشتداد حلكة الليل ليتسللوا خلسة إلى أقرب مقالب للقمامة بحثاً عن بقايا كسرة خبز أو جذع سمكة أو بقايا عظام، محاولين بها إطالة بقائهم في وجه الجوع. _باسم كل أم حملت فلذة كبدها بين يديها وراحت تجوب به الشوارع وتفترش الأرض العارية من الظل سائلة الناس بعض ما قد يعينها على تأجيل انهيارها إلى يوم آخر. _ باسم من أصبح راتبه لا يكفي لتأمين وجبة واحدة في اليوم الواحد ولعدة أيام لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليدين. _ باسم من بات يخطط ويحلم أن يصبح مجرماً وقاتلاً ومأجوراً ليعيل نفسه وأسرته، لاعناً الاستقامة والشرف والنزاهة. _ـ باسم من فقد كل خيارات العيش الهادئ والبسيط ليلتحف بجهة وهدى خيار واحد، وهو خيار البلطجة والتقطع والاعتداء على الآخرين. _ باسم وطن يسير بخطى متسارعة إلى هاوية الاضمحلال والسقوط والاندثار. _ باسم كل من سدت في وجهه كل الطرق للخروج أو مغادرة الوطن إلى غيره، وحالت مواطنته المسلوبة والموءودة بينه وبين فوزه بضربة حظ أو قرابة أو نسب أو انتساب لشخص أو جهة تجعله في مأمن مؤقت من عاديات هذا الزمن التي لا ترحم ولا تبقي أو تذر. _باسم كل هؤلاء وباسمكم أنتم يا من مكنتكم تقادم الأهوال والملمات أن تكونوا مسؤولين علينا، وان نكون مسؤولين منكم. _باسمكم يا من مازلنا بالرغم من كل شيء نصادق على استمراركم في التحدث عنا وباسمنا، مستمدين شرعيتكم من استمرار هتافنا وتأييدنا لمواصلة مشوار انعتاقنا من ربقة الاستبداد والاستعباد، واستعادة حقنا في العيش الكريم والأمن الاستقرار. _باسمكم يا من لا نزال رغم اشتداد الألم علينا وفتك الجوع بنا نلتمس العذر لكم في البقاء بعيدين عنا، وفي تميز أحوالكم وأولادكم عنا وعن حياة أولادنا. _ باسمكم ولكم نوجه دعوتنا الأخيرة كي تقفوا بالقول والعمل بضمير ومسؤولية ضد عوامل واسباب الانهيار الذي بات يحيق بعيشتنا ومعاشنا وكل ارتباط لنا بالحياة. _باسمكم نوجه دعوتنا الأخيرة لكم،بان تعودوا مع اسركم وان تعلنوا تخليكم عن جنسياتكم ،وأن تثبتوا انكم منا ومعنا ومع عزة وكرمة انسانيتنا ووطننا، وأن تثبتوا أن ما أنتم فيه من اختلاف وأسركم في عواصم العالم عنا لن يكون الحائل دون الانخراط جدياً في وضعنا ووضع العالم أمام أهم وأبرز الاسباب التي افضت بنا إلى هذا الانهيار للعملة والانسان والقيم الذي بات يتهددنا جميعا.