آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 08:24 ص

كتابات واقلام


المخدرات ومكافحو المخدرات

الثلاثاء - 30 أكتوبر 2018 - الساعة 11:13 م

د. عيدروس نصر ناصر
بقلم: د. عيدروس نصر ناصر - ارشيف الكاتب


جاء خبر اغتيال الشهيد العقيد فضل صائل القطيبي رئيس شرطة مكافحة المخدرات ومرافقيه صباح اليوم (الأحد 28/10/2018م) فاجعاً ومؤلما، فهذا الحدث يلخص حجم وقساوة التحديات التي تواجهها أجهزة الأمن في عدن وفي كل الجنوب، كما يعبر عن وعورة الطريق التي على المجتمع الجنوبي أن يمر بها حتى يبلغ الغايات المنشودة في بناء حياة مدنية كريمة وآمنة وخالية من الأمراض والآفات الأخلاقية والمجتمعية والتربوية والثقافية المزروعة منها والموروثة.
لم يعرف أبناء عدن والجنوب عموما شيئا اسمه المخدرات إلا بعد كارثة العام 1990م وبالذات بعد نكسة 1994م التي لم يخسر فيها الجنوب المعركة العسكرية فقط بل خسر الدولة والتاريخ والقيم والأخلاقيات والتربية والتنشئة والهوية والثقافة.
صحيح أن انتشار آفة المخدرات أخذ في الازدياد بعد الغزو الثاني في العام 2015م لكن البدايات تعود إلى الأيام التي تلت 7/7/ 1994م حيث غدا نشرها جزءً من سياسة ممنهجة استهدفت تخريب الأجيال الجديدة وزرع مستقبل الجنوب بمجموعة من الألغام الموقوته التي لن يستغرق كمونها أشهرا وأعواما قليلة بل ستصاحب أجيالاً بكاملها ولن تجتث وتنعدم إلا بدولة مدنية قوية يعلو فيها القانون على كل اعتبار، ويخضع فيها الغفير والوزير لنفس المعايير والاعتبارات ويعاقب فيها مروجو المخدرات حتى لو كانوا في أعلى المواقع الحكومية.
نشر وترويج المخدرات ليسا عملية تجارية ومالية فقط بل إنهما عملية سياسية تستهدف تخريب أهم شريحة في المجتمع الجنوبي (ككل المجتمعات) وهي شريحة الشباب الذين هم عماد العلم والثقافة والأدب والفكر والسياسية والمقاومة وبناء المستقبل.
اغتيال الشهيد العقيد فضل القطيبي ليس عملية ثأر شخصي، فالرجل ليس له خصومات إلا مع تجار المخدرات وناشريها ومروجيها، وقد يعتقد من خططوا لهذه العملية ونفذوها أنهم قد صفوا حسابهم مع من كان يعيق أنشطتهم، لكن هذا الوهم سينكشف ويزول قريبا عندما تنتصر قوة الحق على مخططات العابثين وجرائم المجرمين.
حكومة الشرعية ووزير داخليتها أمام امتحان جاد ومصيري، فهل سيقومون بما يمليه عليهم واجبهم تجاه قاتلي رجال مكافحة الجريمة، ومخربي أدمغة الأجيال وقتلة مستقبلهم أم أنهم لا يتنمرون إلا على نشطاء الفعاليات السلمية المطالبة بمحاسبة المقصرين، وهل سيعتبرون جرائم المخدرات والاغتيالات أهم من الفعاليات السلمية أم أنهم سيكتفون ببيانات العزاء والرثاء ويؤجلون استخدام قوتهم لمواجهة المواطنين المطالبين بالماء والكهرباء والخبز والدواء؟
الرحمة لروح الشهيد العقيد فضل القطيبي ورفاقه، واللعنة على مروجي الجريمة ومحترفي القتل بالرصاص والاغتيال بالمخدرات والممنوعات كبارا كانوا أم صغارا!!