آخر تحديث :السبت - 27 أبريل 2024 - 03:46 ص

كتابات واقلام


أنقذوا ما تبقى من ساحل أبين!!

الأربعاء - 28 نوفمبر 2018 - الساعة 07:51 م

سالم الفراص
بقلم: سالم الفراص - ارشيف الكاتب


لم تعد علاقتي بكثير من الشواطئ والمتنفسات قائمة منذ سنوات عديدة، وتحديداً منها ساحل أبين الذي اقتصرت صلتي به على مروري بجانبه كلما استدعت الضرورة ذلك، والذي غالباً ما يكون سببا في إثارة الحسرة والضيق في نفسي نتيجة مشاهدة استمرار تتابع أيدي الصرف والبسط العشوائي على رماله وتحويل مداخله المترامية إلى مقالب للقمامة ومخلفات البناء.
ولم أكن على ثقة بأن اهتمامي المثقل بالحزن بهذا الساحل سيعود هكذا فجأة لولا اصرار الزملاء رضوان والحقصين محمد وعلي وألوالد الفاضل عبدالله طمبش على قضاء بعض من مساء يوم الجمعة الأخيرة معاً على شاطئ أبين، وما إن بلغنا موقعه ورحنا نقترب من مدخله المقابل لمدرج مطار عدن محاولين اجتياز أكوام مخلفات البناء وصولاً إلى المساحة الضيقة التي تفصل بينها وبين حركة الأمواج، حتى وجدنا أنفسنا أمام مشهد احتشادي مذهل لم نتوقعه لمئات السيارات والأسر الممتدة على طول الشاطئ.
أطفال وشباب ونساء افترشوا الأرض فرحين مبتهجين بالوقت الذي يقضونه، متحدين غياب كل مظاهر الاهتمام بالمحافظة عليه كمتنفس طبيعي خلاب وساحر.
احتشاد اشبه بعيد ارتسمت مسراته على ملامح الأطفال وهم يتجارون برشاقة مع وشوشات الموج المتتابع تحرسهم عيون آبائهم من على فرشهم المنبسطة فوق الرمال، واكتراث الشباب الذين يمارسون مختلف الألعاب من حولهم.
انه مشهد مدهش كان يمكن ان يزداد بهاؤه ويطول إلى ساعات متأخرة من الليل لولا توسع رقعة الاهمال والتسيب الذي ألغى دور ومهمة كورنيش الشهيد قحطان الشعبي الذي تحول إلى مجرد خرائب لتناول القات والتشييش.. خرائب مرعبة لا تسمح أو تتيح للأطفال والنساء بالاستفادة منها.. حمامات مهملة وطرق مزروعة بالاحجار والغرز المثيرة للاشمئزاز والتكدر والنفور.
كورنيش لم يعد يؤدي الوظائف التي اقيم من أجلها، لا بل اصبحت الوظائف التي يقوم بها لا تقل بؤساً وفظاعة عن ذلك الاغلاق الموحش والحصار المتوحش الذي يزحف على شاطئ أبين، والذي يجعل ذلك التدفق للأسر إليه ملاحقاً بالوقت والترقب، فما ان يزحف الليل حتى يأخذ مرتادوه بالتسابق لمغادرته والفكاك منه، يدعمه وينميه غياب رجال المرور ودوريات الأمن التي لا ندري لأي سبب يكون غيابها عن مكان من أكبر المتنفسات المتبقية في عدن.
وهنا نتساءل ألا يستحق هذا المتنفس المهم اعادة اهتمام المجلس المحلي والبلدية وأجهزة الدولة الاخرى به، وألا يستحق كل هذا الحشد من الأسر ان يرتقي الاهتمام به عند الجهات المسؤولة إلى مستوى يليق بها ويحترم مشاعرها وحاجتها للارتباط بكل جميل في هذه المدينة؟!!