آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 07:36 ص

كتابات واقلام


تاريخ عيال الجبهة القومية

الإثنين - 10 ديسمبر 2018 - الساعة 11:33 ص

محمد الموس
بقلم: محمد الموس - ارشيف الكاتب


عيال الجبهة القومية ليست تسمية بقصد الاساءة ولكنه نوع من التدليل المحبب لا اكثر، فقد كان والدي (رحمة الله تغشاه) ينتمي لحركة القوميين العرب، وانا كنت عضوا في الحزب الاشتراكي اليمني قبل ان تتخذ بحقي عقوبة الطرد من الحزب في 1986م (وهي اقوى عقوبة في النظام الداخلي للحزب) كما اتخذت نفس العقوبة بحقق عدد اخر من زملائي، لكن مع ذلك بقيت علاقتي بكل زملائي في الحزب مستمرة حتى اليوم، نلتقي ونتزاور في المناسبات الخاصة، ونتشارك بعض الفعاليات والندوات وغيرها.

ما دعاني لهذا التناول كان مقال للسياسي الرصين د ياسين سعيد نعمان عن (التاريخ وحياتنا الملتبسة) تطرق فيه الى المدح والذم الذي يتناول الرئيس صالح (كشخص وحقبة حكم) وتطرق الى تزوير التاريخ (تلميحا لا تصريحا) بالاساءة الى شركاء الوحدة من الجنوبيين وما حملته حتى المناهج الدراسية من الاساءة وغير ذلك من انواع التعسف على التاريخ الذي يكتبه المنتصر لا المؤرخ.

ذكرني ذلك بندوة عقدت في الاردن كان نقل تلفزيون عدن تسجيل لوقائعها في مطلع ثمانينيات القرن الماضي بعنوان (التاريخ العربي بين الاصالة والمعاصرة) وطرحت احدى المداخلات في تلكم الندوة سؤالا لم يجب عليه احد حتى اليوم وهو (اذا كنا نلمس تزويرا في تاريخنا المعاصر الذي يكتبه المنتصر، فمن يؤكد لنا ان ما نقرأه في كتب التاريخ ليس مزورا؟).

في تاريخنا الجنوبي المعاصر من التزوير ما يصعب على الحصر، ويكاد يكون كله مشوّه ومجتزئ ومقزم ومفصّل على قياس المنتصر، شمل هذا التزوير شيطنة قوى جنوبية رائدة وسباقة في العمل الوطني الجنوبي كالرابطة والتحرير والتنظيم الشعبي وغيرها من القوى وصولا الى شيطنة الاطراف المنهزمة في الصراعات السياسية التي عصفت بالجنوب وما بينهما من تزوير كثير من الوقائع، على ان أسوأ تزوير كان (يمننة الجنوب العربي) من قبل عيال الجبهة القومية في 1967م.

اليمننة السياسية، ذاتها، طارئة على التاريخ والجغرافيا فلم يكن هناك كيان سياسي وجغرافي حمل اسم اليمن الا في عام 1918، وفي كل موضع ذكر فيه اليمن قبل ذلك فأن المقصود هو اليمن الجهة وليس الكيان الطارئ الذي اعلن في 1918م (المملكة المتوكلية اليمنية) بدلا من المملكة المتوكلية الهاشمية، وغني عن القول ان ما كان شمال مكة المكرمة يسمى شاما ولم تدعي اي من دول الشام انها صاحبة الارث التاريخي لدول الشام.

ان اعادة الاعتبار لتاريخنا من قبل رجال عاصروه وشاركوا في تزويره يتطلب قدر من الشجاعة ونكران ذات، ولا اظن ان رجالات الجنوب يفتقرون للشجاعة والامانة تجاه حق الاجيال في معرفة حقيقة ما جرى.

لقد آن الاوان لعيال الجبهة القومية ان يصححوا اكبر تعسف تعرض له تاريخ الجنوب العربي وان يحذون حذو الرئيس البيض والرئيس ناصر اللذان تبرأى من اليمننة واعلنا ان يمننة الجنوب كانت قرارا سياسيا لعيال الجبهة القومية ولم يستند الى اي حجة او سند من اي نوع.

ان تصحيح هذا الخطأ الكارثي الذي منح اليمن صك ملكية الجنوب العربي سيظل يلاحقكم الى قبوركم وهو الخطوة الاولى لإعادة الاعتبار لتاريخ الجنوبي العربي كوطن وكهوية وحركة وطنية لم تنقطع منذ 1839.

عدن
5 ديسمبر 2018م