آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 11:25 ص

كتابات واقلام


المركزي اليمني .. وتجاهل القطاع المصرفي عنوة!

الخميس - 27 ديسمبر 2018 - الساعة 10:50 م

محمد نجيب
بقلم: محمد نجيب - ارشيف الكاتب


<تقوم البنوك المركزية في كل دول العالم ،شرقه وغربه ب5- 6 بوظائف اساسية هي واحدة في تسمياتها ومحتوياتها واهدافها بغض النظر عن مستويات هذه الدول الإقتصادية(متقدمة ، ناشئة ،نامية او متاخرة).المهام هي واحدة برغم اختلاف حجم وجغرافيا هذه الأقطار .مثلا، المركزي يعتبر"بنك الدولة" في زيمبابوي وهو كذلك في إيران وكندا إلخ.

< ولا تتوقف القواسم المشتركة بين البنوك المركزية في الوظائف والمهام فحسب،بل تستمر في تصنيف وترتيب أولويات هذه المسؤوليات. ولعل اهم وظيفة للمركزي،في اي دولة، هي في "الحفاظ ودعم ومتابعة ومراقبة وتوجيه القطاع المصرفي كونه الشريان للحركة الإقتصادية". واهم متطلب لنجاح وبقاء واستمرارية عمل هذا القطاع الإقتصادي الإستراتيجي هو توفر السيولة الكافية والمناسبة تمكنه من تشغيل عملياته المختلفة والتي على راسها تحفيز النمو الاقتصادي بشكل عام والمساهمة والنهوض بمشاريع إستثمار القطاع الخاص وتقديم خدماته المتعددة لعملائه بشكل خاص.

< ولكن واقع البنوك الوطنية هو عكس ذلك الى درجة كبيرة. فهي تعاني من حالة جفاف حاد ومزمن في السيولة اضعفت وافقدتها ثقة زبائنها وعملائها المودعين. أعراض وتشخيص هذه الحالة لها إرتباط مباشر بالبنك المركزي وتوجز في الآتي:
- دين حكومي(آذون الخزانة) ضخم ومستفحل بالعملة المحلية قائم ومستمر "يشفط" بشراهة بربرية اي وفرة للسيولة تتجمع/تتكون في القطاع البنكي.
- قرار حكر وحصر عمليات "الإستيراد" للمواد الأساسية(الالية- The Modus Operandi ) عن طريق المركزي فقط،وذلك بإستخدام الوديعة السعودية. وقد نتج عن ذلك توقف هذا النشاط الحيوي في البنوك والذي كان يضمن مستوى "تدفق" مستدام ومقبول من السيولة "تغذيها" معاملات التجار وأنشطتهم المتعددة. كما ادى هذا "الإحتكار السياسي" الى خسارة البنوك لإيرادتها التقليدية الاخرى (عمولات ورسوم وفوائد إلخ ) .
- تم تحديد"الريال اليمني" كعملة ترفق مع طلبات فتح "الإستيراد" للمواد الاساسية بموجب "الآلية" (برغم ان عملة هذه الاعتمادات هي بالدولار الأمريكي ) .كما ولابد لكل طلب إستيراد،صغيرا كان ام كبيرا، ان تورد كامل قيمته، بالريال،الى البنك المركزي توجه لشراء وتمويل إعتمادات الإستيراد بسعر صرف مدعوم للريال مقابل الدولار الأمريكي هو اقل من سعر صرف السوق الموازية ؛ وهذا يعني سحب الريالات من الجهاز المصرفي بصفة مستمرة ودورية (لأجل الإلتزام بشروط آلية الإستيراد) من قبل التجار(حساباتهم بالبنوك) وإيداعها بالمركزي.وفي حال استمر هذا النمط لفترة فإنه سياتي على الرمق الاخير في "موقف ومستوى السيولة" في الجهاز المصرفي عامة.كما ربما تصل الى الامور الى لا يحمد عقباها تضر بحقوق ومصالح اصحاب ومساهمي حقوق الملكية في هذه المؤسسات المالية،ناهيك عن التاثير المباشر الذي سينعكس على مستوى العاملين كون القطاع المصرفي يوظف نسبة لا يستهان بها من القوى البشرية الوطنية.

< المركزي للاسف يتبجح بما وصل اليه من نجاحات وخاصة فيما يخص "طبع تريلونات النقود !!" وبنائه وخزنه إحتياطيات ضخمة من الريالات. وكذا النجاح في التحكم بالدورة النقدية ،وتشغيل نظام السويفت إلخ...مواضيع سئمنا من كثرة قرائتها او سماعها... ناهيك عن الإدعاء عن نجاح المركزي في موضوع إستقرار سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار..
ولكن هل قرائنا او سمعنا في اي من تعاميم المركزي الاعلامية والدورية واللقاءات الصحفية اي إشارة/تصويب بحال القطاع المصرفي و المعالجات والسياسات التي وضعت وأعدت،من قبل المركزي، لاعادة دوره في الإقتصاد الوطني!!؟؟؟

< لماذا لا يستخدم المركزي عمليات السوق المفتوح ب" إعادة شراء" بعض من أصول البنوك (آذون الخزانة) وحقن/ضخ السيولة الناتجة عنها في القطاع المصرفي. كما يمكن ان يسمح للبنوك بان تحتفظ بكامل أرصدة السيولة المرتبطة بطلبات زبائنها تحت "آلية" الاستيراد، و/او بمستوى من السيولة تكون نسبة عملية من إجمالي الطلبات .وبهذا لا تتباطأ الحركة البنكيةوتكون الوسيلة الامثل التي تساعد هذا القطاع على الوقوف على ارضية صلبة وإحياء دوره الإقتصادي والخدماتي والحيوي، وبدون زعزعة اهداف المركزي المتعلقة ب"إحتواء والتحكم" بالدورة النقدية والعرض النقدي".
< بدون بنوك لن تتطبع الامور المالية والتجارية....