آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 10:32 م

كتابات واقلام


الحكومة ستمنح المعلم حقوقه مكرما ام ستدفعه لانتزاعها مرغما

الثلاثاء - 02 أبريل 2019 - الساعة 02:21 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


لم ولن يبادر المعلمون يوما بمضايقة الحكومات في ظل الازمات والاختناقات وهم مشاعل النور فلا حدود لمكان أو زمان يؤدي المعلم فيهما واجبه الانساني والاخلاقي فحيثما توجهه الحاجة والمصلحة الحكومية يتجه فقد يترك محل اقامته وينتقل منفردا او مع اسرته ملبيا الواجب في اي مكان دون كلل او ملل وبحب وتقدير للرسالة العظيمة التي يحملها على عاتقه وتتكفل الدولة بتجهيزه ماديا ومعنويا وتوفر له الاحتياجات اللازمة للنقل والاستقرار المعيشي حتى يتفرغ لتأدية الرسالة في اي مكان
لكن المعلم الانسان مهما صبر وتحمل فلن يتمكن من تأدية الرسالة النبيلة إذا تخلى عنه المجتمع وتخلت الحكومة عن واجبها تجاهه وتركته يكابد ضنك العيش ليل نهار ، لذا كان وجوبا على الحكومة ان تجتهد في توفير سبل العيش المناسب للمعلم وفق امكانياتها لا ان تتركه يدير شؤونه بنفسه وهي تعلم ان ماتمنحه كراتب لايكفيه وافراد اسرته مما قد يدفعه للخروج من المدرسة خلسة بحثا عن مصادر دخل اخرى مضطرا وليس راغبا فاطعام وتربية اولاده مقدم عنده على تربية وتعليم اولادكم
فكيف يصنع المعلم عندما تتجاهل الحكومات حقوقه المادية والمعنوية في ملف المهملات سنة بعد سنة .. وتتعامل معه كموظف من الدرجة العاشرة حتى ان الهيكل الوظيفي في قطاع التعليم يجعل المعلم المؤدي للحصة الدراسية في ذيل القائمة فالوزير والوكلاء ومدراء العموم ورؤساء الاقسام ومدراء الادارات ومدراء المدارس والوكلاء والمشرفين والموجهين واخيرا المعلمين في الحصة الدراسية في ذيل القائمة . فالراتب المناسب والحافز والاضافي والعلاوة والترقية والاكرامية تمنح للآخرين ولاتمنح للمعلم .. فلاتشجيع ولاتقدير وليس للمعلم سوى راتب جامد بدون محسنات ولايتحرك امام زحف الغلاء وتدهور العملة
كيف ترون معدو الموازنات المالية العامة للدولة والمعلم يناشدهم باعادة النظر في وضعه المالي ورفعه الى مستوى الآدمية وحقوق الانسان قبل ان يكون معلما وصاحب وضعا وتقديرا خاصا أوعندما تتأفف الحكومة وتشمئز من مطالب المعلمين المتواضعة وتجدولها في قائمة الاولويات بحسب التصنيف الوظيفي الظالم للمعلم في ادنى درجه .. ليس امام المعلم الا ان يحتج على المجتمع بأكمله ويرفض للاحتقار والانتقاص من مهنة التعليم ومساواتها بالفئات الوظيفية العامة بينما هناك مسميات وظيفية تحضى بوضع خاص وتقدير عالي

إن المعلم ليس ملاما عندما يصطدم بحكومات تطالبه فقط بالصبر والتحمل وتأجيل مطالبه الى حين ميسرة بينما تستمر الفئات الوظيفية العليا بامتيازاتها المبالغ فيها ، فكما يقولون مكره اخاك لابطل ، اذ يستطيع المعلم ان يقدم دروسا عظيمة في انتزاع الحقوق وتصويب الاخطاء في المفاهيم وتصحيح نظرة المجتمع والحكومة للتعليم ، فقد يلجأ المعلم الى استخدام مالا يستطيع غيره من الموظفين ان يقدم عليه فمن كل بيت سيصرخ طالب مدرسة يدافع عن حقوق ابيه المعلم وامه المعلمة وفي كل شارع وحي ومسجد ومرفق عمل وموقع عسكري سيخرج ولي امر طالب محتجا يطالب بانصاف معلمي ابنائه سيتحدث خطباء المساجد ووسائل الاعلام والمنظمات وغيرهم وستتحول جلسات المقاهي والمتنزهات الى مظاهر ومظاهرات تطالب باعتبار المعلمين معلمين والتربويين تربويين لافضل اعلى من فضلهم ولا تقدير مقدم على تقديرهم ولا اكرام لاحد افضل من اكرامهم فقد يتوقف المعلم عن عمله حتى يعترف المجتمع به كمعلم له حق لابد ان يحصل عليه قبل غيره ، فلن يجبره احد على الوقوف امام السبورة بين ابنائكم يعلمهم ست ساعات يوميا في المدرسة وجهد اضافي ذهنيا وعصبيا وجسديا في المنزل ، فالمعلم لايعمل بوظيفة يتقاضى عليها راتب بل هو صاحب رسالة ويجب على الحكومة ان تتكفل بتوفير كل احتياجاته من المأكل والمشرب والملبس والمسكن والخدمة والدواء ووسيلة النقل والحماية والتأمين والتقدير مالم فستخلو المدارس من قيمتها وقيمها وسيترك ابناؤكم مقاعد الدراسة وسيلزمون منازلكم وسيطالبونكم بحقهم في التعليم مستنكرين اهمالكم لحقوق المعلمين ولو ان تتخلوا عن بعض امتيازاتكم لصالحهم فهم اهل الاكرام والتقدير . ولن يقبل ابناؤكم حصة دراسية جوفاء لاروح فيها من معلم مهموم متكدر المزاج ومنشغل بتوفير الغذاء والدواء وايجار السكن ونفقات الدراسة والمواصلات والمظهر المناسب ورسوم الخدمات التي احنت ظهره وكشفت حالته بالديون والفقر والعوز وانتم تنظرون.