آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 05:17 م

كتابات واقلام


نحن والإسكان.. أين نذهب ولمن نشكو؟!

الأربعاء - 03 أبريل 2019 - الساعة 05:01 م

عبدالجبار ثابت الشهابي
بقلم: عبدالجبار ثابت الشهابي - ارشيف الكاتب


بعد أن توقفت مشاريع الإسكان العامة، التي كان يحظى المواطن فيها بمنزله الخاص بثمن رمزي، مقسط، أو بالانتفاع، وبعد أن تقاسم المتنفذون في كل مرحلة عيون الأرض في محافظة عدن، وجلهم من خارج عدن، ولاصلة لهم بها؛ أصبح أبناء عدن، وساكنوها في حيرة من أمرهم، إذ لم يترك لهم حمران العيون خرم إبرة إلا واستولوا عليه، وسدوه، وبنوا عليه العمارات الفخمة، والفنادق، والمشاريع السكنية، التجارية، المغشوشة في بنيانها، بل لم يتركوا حتى أراضي الجمعيات السكنية، بل ولا حتى ماكان يعتبر متنفسا لحياة الناس، وللمدن، فحولوا تلك المساحات المتواضعة (البجيشات) إلى عمارات إسمنتية كاتمة للأنفاس، والحياة، بعد أن تعرضت الأشجار في تلك المساحات للإهمال لفترة طويلة خلال مرحلة من المراحل.
وفي هذه المعمعة؛ تاهت خطى الناس، إذ لابد من مسكن لكل أسرة، وبمن فيها الأسر الجديدة، ولأن حمران العيون قد التهموا الأخضر واليابس، بالقانون، وبالرضى، وبالصميل، وبالفوضى و(البلطجة)؛ فلم يك ممكنا غير تضييق الطرقات، والبناء على مواقع الخدمات، ثم صعود الجبال، وتضييق المحال بضيق الحال؛ حتى انحشرت المنازل في المنازل، ومسحت الطرقات من الواقع، باستثناء دهاليز ضيقة، لا تسمح حتى بمرور جنازة، فما بالكم بمرور سيارة الإسعاف، أو سيارة الحرائق، فصارت كل البيوت مهددة بالأخطار، وصار أهل الجنازة مضطرين للاستئذان من كل بيت أقيم في الطريق؛ حتى تمر الجنازة على سقوفهم، ومن سقف إلى سقف، ومن زنجة، إلى زنجة، ومن جدار إلى جدار!!
هذه صورة، والأسوأ منها أن يتحول البعض من صعود الجبال، واقتحام المحال؛ إلى صعود أسطح الطابق، والطابقين، مما أكل الدهر عليها وشرب، وأسطح العمارات المتهالكة، والبناء عليها، وبعضهم يبني طابقا، وبعضهم طابقين، وبعضهم دون أدنى أدنى مقاييس التقوية والترميم، في مبنى، أو عمارة بالكاد تحمل نفسها، وهي ترتعش، من شدة معاناتها من الدوار، وياصنبوق جر الزعيمة، ويازعيمة جري الصنبوق، وقالوا: الساسات قوية، وهي إنما بنيت بحجر، وطين، وأخشاب، قد جاءتها الأمطار فسحبت الطين، والأرضة (النمل الأبيض) فأكلت الخشب، وبقي المبنى منتفخا، بأحجاره المتآكلة، وغير المتجانسة، وكقول صاحب المثل: من برع الله الله!! ومن داخل يعلم الله!! ولاسيما أن السكان يبخلون على شققهم بقليل من التلبيس، والتلييس الخارجي مما يزيد الطين بلة، والبناء ذلة، والخوف كل الخوف: أن تأتي هزة أرضية بسيطة، لا أقول قوية، فستحيلها فحوسا، وعندها سنندب الحظوظ، ونطلب من العالم القروض، وماذا سيفعل القرض، إذا صار اناس، ربما بالعشرات معاقين، وأسرى في باطن الأرض.
المشكلة العظمى في هذه المسألة؛ أن الآدمي ظل، ومازال غير قادر على الحصول على قطعة أرض، ولا حتى خارج عدن، ولا حتى في الصحراء، لأن حمران العيون يملكون المال لرشوة المرتشين، ويملكون القدرة على استئجار الأطقم والعسكر، ويملكون أطقم التصفية الجسدية لمن تسول له نفسه البناء داخل وطنه، أو عدم تمكينهم من شفط مافي جيبه من تعب السنين.
لذلك يجد المرء نفسه يتساءل: وبعد، أين يذهب المواطن؟ وكيف يتصرف، وقد كبر الأولاد؟ ألا يحق للمواطن في عدن أن يبني مسكنا داخل بلاده، وبين أهله؟! لقد غلبنا حمران العيون، وأقصونا على مدى السنين.. فأين نذهب؟! ولمن نشكو؟!