آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 12:23 ص

كتابات واقلام


رز أم كلثوم و رز الرفاق

الخميس - 04 أبريل 2019 - الساعة 09:14 م

د.علي محمد جارالله
بقلم: د.علي محمد جارالله - ارشيف الكاتب


كثير من الشعوب يعتبر التراث جزء مهم من تاريخ الأمة و أعتقد البعض أن باستطاعتهم محو تراث الشعوب و كان هذا من المستحيل.

عدن بلادنا الجميلة، جوهرة الإمبراطورية البريطانية تمتلك سفر الأسفار في التاريخ، و قد إستبشرت أعظم ملكة و إمبراطورة في تاريخ الإمبراطورية البريطانية الملكة فيكتوريا - تفاءلت بالخير في بداية عهدها بدخول عدن ، و قالت سيرفرف العلم البريطاني في سماء الدنيا كلها، ستكون هناك إمبراطورية لا تغيب عن أرضها الشمس. كان موقع عدن الإستراتيجي هو بوابة الإمبراطورية الذهبية ، و قال تشرشل إن عدن عرين الأسد البريطاني.

من عظمة التراث الإنساني هو إن تتمازج العادات و الأخذ من الجيد في تراث البشر الذين أستوطنوا عدن و أحبوها ، و ذلك قمة الحضارة الإنسانية، إذا وجدت حضارة و تراث محصور و محدد في تاريخ شعب سوف يتلاشى و لن يتجدد ، و من عظمة الحضارة الفرعونية إنها كانت مزيج من الشعوب و الألوان و الأجناس و الثقافات و الديانات.

عدن بلادنا الجميلة لها مكانتها في التاريخ القديم ، و في العصر الجاهلي القديم عرف العرب العطور العدنية ، كانت عدن مصنع العطور في الجزيرة العربية.

اما في الأكل، فكانت أشهر وجبة في المطبخ العدني و الطبق العدني اليومي " رز و صانونه" و سنتكلم عن الرز.

الرز نوعان حبة طويلة و رفيعة و لها رائحة مميزة – تدعى Long Grain وهذا الرز يأتي من الهند و الباكستان و أمريكا و تايلاند و الصنف الثاني حبة قصيرة بيضاء و ناعمة Short Grain و معظم هذا النوع من الرز يأتي من استراليا و مصر و العراق و بعض بلدان جنوب شرقي آسيا، و يستعمل كثيرا في مكة المكرمة في وجبة إسمها "السليق"، و من هذا النوع من الرز يُعمل الحلوى.

في عدن و حتى 1950 كان أهلنا يستعملون الرز حبة قصيرة و يسمى رز مصري ، كانت شركة بازرعة تستورد هذا الرز من مصر و هو رز جيد و ناعم و مشهور أسمه "رز أم كلثوم"، و بقت عدن سنين طويلة تستعمل هذا الرز، و رز أم كلثوم كانت له رائحة جميلة تشبه الورد - رز يشرب من ماء النيل الحالي - زي صوت أم كلثوم .

بعد عام 1950 تقريبا عرفت عدن الرز حبة طويلة البسمتي الهندي و الباكستاني و الأمريكي " أبو بنت" و يطبخ طباخة الرز العادي ، الزربيان و الصيادية و هو رز جيد.
ثم جاءنا رز لا نعلم من أي بلاد، رز حبة قصيرة و صفراء ممصوصة و لونها أسمر و رائحتها تشبه رائحة سليط شعر موهنيلال بن كاليداس.

وقفت مطابخ بيوت عدن في حيرة من هذا الرز الغريب . و لكن عبقرية الأم العدنية التي قاست المحن أبتكرت طريقة خاصة في طباخة هذا الرز الغريب ، و هي المحافظة على دقة و كمية الماء في الدست و بعد تجارب مريرة و صراع في المختبرات و المطابخ العدنية، ظهر الرز، رز غريب الأطوار !! رز بين البينين .. و المنزلة بين المنزلتين . فلا هو رز ، و لا هو عصيد.
منقول بتصرف
الخلاصة:
ـــــــــــــ
رز الرفاق