آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 04:40 ص

كتابات واقلام


الانتقالي.. علاقات الخارج وتحالفات الداخل

الأحد - 07 أبريل 2019 - الساعة 12:15 ص

ماجد الشعيبي
بقلم: ماجد الشعيبي - ارشيف الكاتب


من لندن إلى تعز.. ومن موسكو إلى مريس

الانتقالي.. علاقات الخارج وتحالفات الداخل


للمرة الأولى يستمع العالم الى الجنوب باعتباره فاعلا مستقلا، لا باعتباره ضحية مهمشة.. صحيح ان الزبيدي لم ينتزع من مضيفيه اعترافا صريحا بكيانه السياسي كممثل حصري عن الجنوب.. وصحيح ان موسكو ولندن -رغم حفاوة استقبالهما- لم تغيرا خطابهما الرسمي المتمسك بوحدة اليمن.. الا ان المجلس الانتقالي بات يحظى بدائرة واسعة من العلاقات الديبلوماسية التي تتجاوز الاقليم الى عموم العالم.. وما يبدأ اليوم بالتعارف ينتهي غدا بالاعتراف.

هكذا يراكم الانتقالي رأس ماله السياسي للمستقبل الحافل بالغموض والتقلب، وما يظهر اليوم كحملة علاقات عامة ينتهي بالغد كخارطة تحالفات جديدة.

جولة الزبيدي الديبلوماسية لا تكتسب اهميتها السياسية من نتائجها المباشرة او دلالاتها الرمزية، فالعالم لا يرجح احدا على احد وانما يقيس ويختبر البدائل الجاهزة لملء الفراغ داخل اي ازمة.

وبرأيي فإن ما يهم في طواف الزبيدي هو المنطق السياسي الذي انطلق منه الرجل، وبات ينتهجه كمسار استراتيجي؛ اذ لا تتناقض اهداف الاستقلال الدولتي مع مقتضيات الانفتاح السياسي.

وبالمثل تحاول نخبة الانتقالي ممارسة السياسة بعيدا عن الانعزالية او الانانية المفرطة، بعد ان تيقنت من التجارب الحية عقب التحرير، ان الشمال لا يمكن ان يظل عدوا ايديولوجيا ابديا. وهو اليوم بحكم التغير الجذري في موازين القوى قد اصبح مجالا حيويا مكشوفا يمكن للحركة الجنوبية التفاعل معه استباقيا بغية تشكيله على غرار تجربة "الاشتراكي-الجبهة الوطنية".

خلال الاعوام الاخيرة تقاربت بشكل عفوي مسارات المقاومة الشعبية جنوبا وشمالا؛ في ٢٠١٧ جاهر الزبيدي الجميع باننا ذاهبون الى الحديدة كي ننصر اخوتنا في تهامة ونؤدي واجبنا القومي.
وفي ٢٠١٨ قالت المقاومة الجنوبية انها ستدعم وتسلح المقاومة الشعبية في الشمال، متجاوزة خصومة الامس السياسية اذ يبدو الخطر الوجودي مشتركا في اقصى الشمال.
وفي ٢٠١٩ اكتشف الانتقالي ان التدخل شمالا لا يمكن ان يظل انتقائيا بحسب ملاءمة الجبهات والحلفاء، وان مناطق الوسط (اب، تعز، البيضاء) التي كانت تاريخيا الامتداد الجيوسياسي لاي سلطة جنوبية -وحدوية كانت أم انفصالية- تحتاج هي الاخرى الى تدخل استباقي لحماية مجالها الحيوي.

بحكم قواعد السياسة فإن من يمتلك فائض القوة يكون مؤهلا لتوسيع نفوذه الجيوسياسي، واستدامة هذا النفوذ يتطلب مزيجا من القوى الناعمة والخشنة؛ بحيث يترافق مسار التحرير العسكري مع بناء مشروعية اخلاقية تصنع بدورها توازنا مرضيا للمصالح الى جانب توازن القوى.

وحتى الان نجح الانتقالي بتصدير ادواته الناعمة الى عواصم اوروبا الغربية والشرقية، لكنه لم يفعل ذلك مع المحافظات اليمنية الشمالية.

وهذا هو الامتحان الابرز في وجه المجلس الانتقالي، وهو امتحان يبدو الزبيدي مؤهلا لانجازه بجدارة، فكل ما يحتاجه هو تحويل استراتيجية الانفتاح الجيوسياسي الى خطاب سياسي تصالحي؛ يسحب البساط شمالا من تحت اقدام الحوثي والاصلاح، ويزخم حلفاءنا السياسيين الرسميين او الضمنيين، لاسيما في تعز التي تشهد حراكا سياسيا وشعبيا غير مسبوق.

يستطيع الانتقالي تغيير القناعات الدولية تجاه الازمة اليمنية، ويستطيع صياغة التحالفات اليمنية بشكل غير مسبوق، يضغط من خلاله على مراكز القوى الشمالية المعادية للاستحقاقات الجنوبية (حزب الاصلاح وحركة الحوثي)، ويساند القوى المدنية الديمقراطية التي تعترف بحقنا كجنوبيين في تقرير المصير بمسالة الوحدة، مقابل ان نساعدها بتقرير مصيرها السياسي شمالا ضد ذات القوى المتغلبة.

بعبارة اخرى يحتاج الانتقالي الى ان يفتح قنوات حوار نشطة في اربعة مستويات متزامنة:

- حوار جنوبي جنوبي، بين مكونات الحركة الجنوبية.

- حوار بين الشرعية والانتقالي، او جنوبيي السلطة وجنوبيي المعارضة.

- وحوار بين الانتقالي والقوى السياسية الحليفة في الشمال (اشتراكي، ناصري، مؤتمر)، ويمكن للاشتراكي ان يكون همزة الوصل بحكم نفوذه في الجهتين.

- وحوار بين الانتقالي وعواصم الاقليم والعالم، وقد نجح في ذلك الى حد كبير، ويبقى ان يحضر في واشنطن والرياض.
*رئيس تحرير موقع البعدالرابع