آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 01:12 م

كتابات واقلام


اياكم وتغيير وجه عدن وطابعها المدني

السبت - 27 يوليه 2019 - الساعة 03:38 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


قضاء الله وقدره لا يرده احد وما فات لا يعود كما كان والذكريات الجميلة تسترجع بلذة عند تذكرها والمآسي والآلام غصة تصيب القلب عند تجرعها ، والحمد لله الذي من علينا في عدن ومحافظات الجنوب بالتحرير وصد العدوان وبالتدريج تجاوزنا الازمة وعاد الأمن والاستقرار وان ظهرت بين الفينة والأخرى بعض القلاقل هنا او هناك وهي لاتذكر لكنها مؤلمة تعكر صفو المدينة وسكينتها .. قد نكون تأخرنا كثيرا وحركتنا بطيئة جدا في النهوض والعودة الى سابق عهدنا بالمدينة والمدنية ، ذاك لان الاثر الذي تركته سنوات الالغاء والتعطيل للحياة المدنية في عدن لاكثر من ٢٥ سنة بحاجة الى فترة التعافي والاستجمام حتى تزول آثارها لكنها ما برحت تبدأ حتى اصابتها الصاعقة مرة أخرى عبر الايادي الغادرة المستضعفين بالامس الوحوش الكاسرة اليوم والتي داست بجنازيرها فوق اشلاء المدينة لتخلف وراءها اعباء اضافية وتعطيل جديد للحياة وما خرجت منكسرة الا بعد ان اوغلت في جراح المدينة عبر المخلفات الفئوية المعادية للمدينة والمدنية في عدن ومحافظات الجنوب .. ومرة اخرى الحمد لله الذي أعاد لنا الشعور بالأمن والامان والراحة والاطمئنان وعادت تدريجيا نبضات الحياة الجميلة تتدفق في المدينة الجميلة رغم المحاولات الدنيئة لتنغيص حياة عدن واهلها .. سنوات طويلة اصيبت فيها المدينة بمرض الانسلاخ الروحي وحلت اعراض هذا المرض في ترجمة معاني الحياة الجميلة فيها حين ظهرت فئة منسلخة تماما عن المنطق العدني والجنوبي لفهم طريقة الحياة المدنية فاستخدمت وسائل مبتدعة غير مألوفة لدى المدينة وناسها وللأسف الشديد حاولت تلك الفئة فرض المسخ السلوكي في المدينة واظهارها بصورة مقززة ومرعبة

عدن تمضي مشتتة بين عوامل الشد والجذب للمشاريع المتناقضة والمتنافرة ففي حين ينشد شبابها الحياة المدنية الحضارية بتعبيرات غاية في الرقة والرقي وينجذب نحوهم المجتمع العدني والجنوبي التواق للتعايش مع الذكريات الجميلة والحنين للماضي الجميل وحينا آخر ينتزع المتشنجون احلام عدن الرومانسية ببهررة في العيون وبحة في الصوت وهنجمة باللسان وتعنيف بالالفاظ وترويع بالسلاح فيخرسوا الاصوات الجميلة والترانيم الصباحية الفواحة بعطر المحبة والصفاء
عدن تستعد للعودة الى حقيقة اسمها ومعناها العتيق وتبحث حاليا عن جيل متفهم للمرحلة ومستوعب لصعوبة الرحلة ومتزود برصيد من المخزون الكبير لإرثها وتراثها فلن تقبل من احد ان يعود بها الى المسخ والتغيير الطبعي والتطبعي ويلغي خصوصيتها والتميز بالامتياز فهي مدينة متعثرة نعم ، لكنها ستنهض بسواعد المخلصين من ابنائها المتفاعلين معها والمتجاوبين مع نبضاتها بنسق متزن ليس فيه بهررة العيون ولا بحة الصوت ولا هنجمة اللسان وتعنيف الالفاظ ولاترويع بالسلاح فهذه سلوكيات نشاز لاتصلح للمدينة والمدنية ، فالميزان القويم فيها هو الاخلاق والطبائع الموروثة من الآباء والاجداد والمتأصلة باصالة المدينة المدنية فليحافظ اهلها على خصوصيتها وليستقيموا سدا منيعا امام كل المظاهر المروعة المخيفة التي تحاول انتزاع المسمى والحقيقة لتفرض علينا واقعا مسخا لانقبله نحن ولا مدينتنا المدنية فكما هي عادتها دائما لاتقبل الخبث وتلفظه كما يلفظ بحرها في شطآنه كل المخلفات ليبقى محيطا بعدن واهلها وحاضنا مع جبالها ارثها وتراثها الاصيل العبق عبر التاريخ فعدن كما هي لن تكون الا عدن ولو حاولتم لن تنزعوا عنها مدنيتها وخصوصيتها يذهب النشاز ويبقى الذوق الرفيع العدني الذي يتفهم معناه كل من حل بعدن وحلت به فتعدن منها.