آخر تحديث :الأربعاء - 08 مايو 2024 - 03:48 ص

كتابات واقلام


الاعتراف بفشل الوحدة ليس نهاية العالم

الأربعاء - 11 سبتمبر 2019 - الساعة 10:42 م

سالم الفراص
بقلم: سالم الفراص - ارشيف الكاتب


الاعتراف بفشل الوحدة اليمنية وعدم قدرتها على الصمود في وجه المتربصين بها والملتفين على وجودها المحيّدين لدورها لا يعني نهاية العالم وتوقف دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس في آن واحد.
كما لا يمكن أن يستقيم الأمر أو يفضي إلى حقيقة ملموسة مغايرة لما آلت إليه الوحدة اليمنية من مآزق موحلة مظلمة.. مجرد محاولة تلميعها أو مقارنتها بسذاجة طفولية بغيرها من تجارب التوحيد التي تمت في بلدان عديدة منها الوحدة الألمانية كتجربة ناجحة، إلاَّ إذا رغبنا في مواصلة الدعوة إلى إلغاء العقل والمنطق وعدم القدرة على قراءة الأشياء وتصويبها.. كون الوحدة الألمانية بين شعبين لهما تاريخ طويل وباع ماكن في الايمان والاعتراف بحقوق الانسان وحرياته وضمان حقوقه وحمايته من خلال عقود اجتماعية ومؤسسات تسيّر أمورهم وتعنى بها وليس أفراد أو جماعات أو جهات لها باع طويل في الاستبداد والظلم ترى نفسها فوق الجميع والأنظمة والقوانين.
ـ لذا كان الاصرار والتباكي على ضياع الوحدة اليمنية والتداعي إلى محاولات فرضها بمنطق القوة والسلاح لا يمثل إلا مزيداً من عجزها، خصوصاً في ظل أوضاع الانهيارات المتراكمة لاركانها ومطالبها العادلة والأحلام المتعلقة بها.
ـ لذا وحتى لا تكتمل حماقات الاصرار على التمسك بالوحدة اليمنية وشطط المناداة بفرضها بالقوة لأغراض وأهداف في معظمها أو لنقل في جلها الغالب غير شريفة وغير نزيهة وخلوها من أي مشاعر بالمسؤولية مبتغاها الاتيان على بقايا ما تجذر في عقول وضمير ووجدان الانسان اليمني أكان في الجنوب أو الشمال من صدق ايمان وتطلع وحب في المطالبة بها وتحقيقها على أسس يكون العقل والمنطق والمساواة وسيادة العدالة والنظم والقوانين كفيصل وأساس في قيام دولة ووجود ادارة نزيهة تدير وتوجه دفة الحياة إلى مزيد من التطور والنمو والازدهار.
ـ وهنا يكون من الواجب المحتم على كل شريف ونزيه ان يبادر إلى كشف وتعرية مقاصد الأبواق الناعقة بالوحدة اليمنية ومواصلة البحث عنها فوق أرض هشة رخوة أدت وتؤدي إلى طمس كل جميل، وإحلال مزيد من القبح والدمامة محلّه.
ـ الأمر الذي يفرض على الجميع أفراداً أو مؤسسات أو تكوينات، وأقصد منها تحديداً المؤمنين بالوحدة وبأهميتها ومكانتها إذا ما كانت قد تحققت على أرض صلبة، ان لا يسمحوا بتطاول الدعوات المراهقة والمزيفة الداعية إلى استمرار الوحدة ومواصلة تقديمها كقربان على مذبح التسلط والفوضى والنهب والتعدي وضياع الحقوق والقيم الانسانية النبيلة، وأن لا يسمحوا بترك الحبل على الغارب أمام من يجدّ وينشط لدق آخر مسمار في نعش الوحدة كمفهوم وكقيمة ومواراتها التراب بعد اجتثاتها من حب وضمير وحلم وواقع الانسان اليمني من خلال مضيهم في محاولات فرضها على النحو المشوّه الذي ولدت وترعرعت عليه.
ـ فليس عيباً الاقرار بفشل الوحدة لكونها معطى جرى سلبه ومصادرته لصالح آلية حكم وسلطة امامية قبلية عسكرية جهوية ترى نفسها فوق الوحدة وصاحبة الحق في تفسيرها وتسيير وتوجيه دفتها وفق مصالحهم ومطامعهم البائسة.
وليس إلاَّ واجباً محتوماً تفويت الفرصة عليهم في استمرار عقليتهم التي تربت على الظلم والسلب والتسلط على حساب وفوق كل اعتبارات لجماهير الشعب المنادي بالوحدة كأمر مختلف تماماً عما جرى قودها إليه، لكونها كانت تمثل لهم الخلاص وليس لتكون وبالاً وقمعاً وتمدداً لسلطة انهزامية فاسدة مأجورة متعالية.
ومن هذا المنطلق، وعلى أساس ما تقدم من نقاط أوردناها كأساس لنقاش عقلاني لا أكثر، نؤكد ان ما خرجت تنادي به محافظات الجنوب من فك الارتباط والمناداة بحقها في استعادة دولتها وكيانها المستقل انها ليست سوى دعوة لإنقاذ الوحدة ووقف مواصلة استنزافها واتخاذها كحصان طراودة لمصادرة حقوق الآخرين العادلة وعدم السماح بمواصلة اتخاذها مطية لارتكاب ونصب شباك الاستمرار في تعميق الظلم والفساد والقهر والنهب وتكريس عوامل التخلف والانحطاط بشتى صوره.