آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 05:47 م

كتابات واقلام


لقد طالت فترة تعطيل هذا المسجد ..افتحوه ولا تصنفوه فكريا

الأربعاء - 23 أكتوبر 2019 - الساعة 08:52 ص

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


لن يستطيع احد ان ينكر تصنيف المساجد على اساس فكري ومنهجي .

ففي الوقت الذي كانت السلطات الحكومية في عدن وعبر سياسة الاوقاف والارشاد الديني لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قد فرضت خطابا دينيا موحدا على جميع المساجد والمنابر والدروس الدينية في كل المحافظات وتمكنت بذلك من ترسيخ منهج واحدية الخطاب الذي زرع السكينة والوقار والهيبة في المساجد ونزع عنها بؤر الفتنة والشقاق والتمزق والشحناء بين المصلين ، وارسال لجان الرقابة والمتابعة المكلفة من الاوقاف تتابع عن قرب الانشطة الدعوية في جميع المساجد دون استثناء وهي تراقب المظاهر الفكرية وترصد حركتها وتقيدها تقييدا تاما وفق سياسة الحظر للانشطة الفكرية والتوجهات ذات الطابع العقائدي الممنهج خارج اطار الدولة ، وتلاحق رواد هذا الفكر وتحد من انشطتهم السرية والعلنية .. فنتج عن تلك السياسة خطابا دينيا مرشدا فعلى الرغم من الانتقاد الشديد لهذا السلوك وتضييقه على الدعوة والدعاة والمنابر ومنهج الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الا ان وحدة ذلك الخطاب فرضت سلوكا عاما ينطبق على كل المساجد والمنابر في الريف والحضر كل المساجد والمنابر تحت الاشراف العام من قبل السلطات عبر ادارة الاوقاف والارشاد فلا توجد مناهج ولا افكار ولا طوائف ولا جماعات ولا هيئات او مؤسسات ذات طابع ديني متنازع فاستراحت المساجد وحضرت فيها السكينة والتآخي والانسجام والامن والامان ثم اختلطت على بعضها فيما بعد وادخلت عليها مدخلات جديدة فكرية وعقائدية مابين الافراط والتفريط فتخصصت المساجد والمنابر وانقسمت بين الفرق والمناهج الدينية فصارت مساجد تتبع جماعات سلفية ومساجد تتبع جماعات صوفية واخرى تتبع جماعات اخوانية واقتحمت الافكار المتطرفة أو الحزبية المساجد فصارت تستقطب المناصرين لها عبر انشطة متنوعة شبابية وانسانية فانغرست مظاهر العداء والبغضاء بين الجماعات وتحولت المساجد الى ساحات للصراع والنزاع حتى وصل العجز عند مكاتب الاوقاف والارشاد في تعيين امام مسجد او تغيير آخر بسبب التكتلات ذات التصنيف الفكري فلا يستطيع مكتب الاوقاف ان ينصب خطيبا لجامع في مسجد طابعه الفكري غير متوافق مع الخطيب او الامام . ولن ننسى تداعيات تقسيم المساجد والمنابر الدعوية بين الفئات والجماعات وكيف ظهرت بسببها افكارا متطرفة واخرى اوصلت جماعة انصار الله الحوثيين في صنعاء الى مساحة واسعة من الحرية في ترسيخ منهج عقائدي لا صلة له بتراث وتاريخ اليمن المذهبي او الطائفي فصارت المساجد التابعة للحوثيين نموذج للطائفة الاثنا عشرية.

في موضوع آخر سنوات عديدة ومسجد جامع الخير في مديرية المعلا معطل عن اداء دوره في اقامة الصلاة وخطب الجمعة وتقديم الدروس الدينية وتعليم الاطفال فلقد مر بمرحلة عصيبة عجزت فيها كل الجهات عن حلحلة المشاكل التي واجهته بدءا بالهدم وازالة المخلفات والتفاهم مع المنتفعين بالدكاكين والوصول اخيرا الى توافق مع الجميع باخلائها لصالح المسجد مقابل التعويض والتي استغرقت وقتا خياليا يكاد يشبه التفاوض المعقد بين الاطراف السياسية وبالكاد بدأت عملية البناء والتي استغرقت ايضا وقتا طويلا مالبث رواد المسجد من اهل الحي يتابعون احجار البناء ترتص ببطئ شديد حجرة حجرة حتى ارتقت منارة المسجد عاليا ولبست جدرانه الخارجية حلة جديدة تسر الناظرين ويطوف المتشوقون لمسجدهم من الاهالي وجيران المسجد في اروقته كالسياح في متحف بديع الجمال بكامل زينته وفرشه المبهرة في نعومتها ووفرة وبرها والنجف المدلاة من على الاسقف المزخرفة بابهى زينتها واجهزة التكييف عالية الجودة والفخامة .. مسجد من اجمل المساجد التي تم بناؤها في عدن ومنذ استكمال البناء والتجهيزات الفخمة وفرش السجاد ونصب المنارات عالية وتركيب المكيفات لم يبقى الا ان يرتقى بلال المعلا في جامع الخير اعلى المنارة يهتف الله اكبر بعد انقطاعه لسنوات طويلة لم يمر مسجد في العالم في فترة بناء كمثله على الاطلاق حتى عمليات الترميم للحرمين المكي والمدني على سعتهما فلم يستغرق ترميمهما ما استغرقه جامع الخير في عدن بمدينة المعلا كل تلك الفترة التي استغرقت سنوات وسنوات لايفهم الناس سبب طول الفترة وتاخير افتتاح المسجد .. تساؤلات كثيرة عن استمرار اغلاق ابواب جامع الخير في وجوه الرواد من ابناء الحي والمصلين المارين من امامه واول ما يتوجه بهم المقام هو النزول والتوجه الى ساحة المسجد لغرض الدخول للصلاة في المسجد الخلاب بمنظره الخارجي ثم لايجدون اجابة من احد عن سبب اغلاقه وهو في كامل جهوزيته تمر الصلاة بعد الصلاة والجمعة بعد الجمعة ومسجد جامع الخير في المعلا مغلق في وجوه المصلين بمنارته الاعلى من عمارات الشارع الرئيسي دون ان يهتف ببنت شفة وباي صوت واي لحن لم يرفع الاذان ولم تقم الصلاة ولم يجتمع المصلون للجمعة … لماذا ولماذا ولماذا يستعجل المصلون دوما فتح المساجد ويشاركون باستكمال التجهيزات والمسارعة فيها حتى لايحرم الناس من صلاة تقام في المسجد اليوم قبل الغد .
اسباب مجهولة في اغلاق المسجد وهو جاهز … فهل يتعلق الامر بالتصنيف الفكري والمنهجي للمسجد والبحث عن جهة تتبناه فكريا ومنهجيا بديلا عن السابقة .. افتحوا جامع الخير فلقد طالت فترة التعطيل والمنع.