آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 10:32 م

كتابات واقلام


ماذا بعد التوقيع؟

الجمعة - 01 نوفمبر 2019 - الساعة 04:28 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


في الآية القرآنية يا ايها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم . . وفي الحديث .. املوا خيرا تجدوه .. نقول الحمد لله ان تم او سيتم التوقيع على اتفاقية جدة وسيشهد المجتمع الدولي عليها وستكون مفتاحا لحل المشاكل المتبقية وانهاءا لدورة الصراع الدامي القائم على الاستئصال والالغاء واستحواذ طرف على الآخر حقا وباطلا .. كل ذلك يفترض ان ينتهي ويؤسس لمرحلة جديدة قائمة على احقاق الحقوق لاصحابها والتعايش السلمي بين جميع الاطراف تحت قاعدة لاضرر ولا ضرار والتعامل بحسن النوايا والتقيد بالعهود والاتفاقيات والمضي بحسب ماجاء في بنود الاتفاق الذي سيسجل لمرحلة تشبه اتفاقية الطائف بين الامام والمملكة وسيكتب التاريخ الاتفاقية رقم … لضمان امن وسلامة الجيران للمملكة العربية السعودية الذين طالما ارقوا دول الجوار بالنزاع والصراع الدائم .

ماذا بعد اتفاقية جدة ٢٠١٩ م بشأن الازمة بين اطراف الصراع في عدن .. لو ندقق في اطراف الاتفاقية سنجد للمرة الاولى ينحسر بين اطراف جنوبية محضة اختلفت حول قضية الارتباط اليمني ففصيل الانتقالي يريد انهاء الارتباط والتوجه نحو الدولة المستقلة والطرف الآخر هو طرف الشرعية من الجنوبيين المتمسك بخيار اليمن والاتحاد اليمني واي شكل يضمن بقاء اليمن .. ولاستحالة الجمع بين الطرفين في مشروع واحد ولخطورة بقاء الوضع في حالة الشد والجذب واثر ذلك على المنطقة التي نجحت في افشال المشروع الايراني في تطويق المنطقة ومحاصرتها من الخليج والبحر الاحمر .

صار لزاما على العرب وممثلتهم المملكة العربية السعودية ومصر ومن خلفهم الحلف المناهض والمتضرر من المشروع الايراني صار لزاما عليهم التدخل الفورب والمباشر لاحكام السيطرة على المنطقة وسد الباب امام اسقاط النجاحات التي تحققت في باب المندب بيد المشروع الايراني من جديد عبر اشغال الجنوب بصراع داخلي بين الجنوبيين انفسهم وهذا مايهدد الامن والسلم الاقليمي وكان طوق النجاة للمرة الثانية هو التدخل السعودي المباشر المرة الاولى في عاصفة الحزم وتحرير عدن والمرة الثانية في اتفاق جدة والتسوية السياسية .

ليس في التسوية السياسية تحقيق لمشروع اي طرف من الاطراف فلا فك للارتباط اليمني يلبي مشروع الانتقالي بشكل مباشر ولا توثيق الارتباط اليمني مجددا يشبع رغبة الشرعية فكان الوسط المتاح هو في مسك العصا من الوسط وهذه عملية حسابية ليست بالسهلة فلن يتخلى الانتقالي اطلاقا عن طموحه وتطلعه الآني والمستقبلي في استعادة الدولة وفك الارتباط وان قبوله بالتمكين على الارض وادارة الدولة بدون اشهارها والاعلان عنها والتعامل الداخلي والخارجي من خلالها لن يدوم طويلا وتدريجيا سيسعى لتحقيق ذلك كما ان الشرعية حبل الوريد الرابط بين الشمال اليمني وحلمه ببقاء الجنوب والذي لولا تيار الشرعية من الجنوبيين المتبقي حتى اللحظة متمسكا باليمننة لانتهى امر الدولة اليمنية الواحدة او الاتحادية او اي شكل من اشكالها فظلت شعرة معاوية واقفة للربط بين الجنوب الطموح بفك الارتباط واليمن المتمسك بالوحدة والاتحاد ولهذا كان اتفاق جدة للمحافظة على توازن المرحلة القادمة التي ستتجه ملامحها الى خيار واحد هوالحرب من اجل استعادة الجنوب بالقوة عبر الوريد الجنوبي من الجنوبيين او فك الارتباط بالقوة عن طريق قطع الوريد الرابط بين الجنوب واليمن ولكن للاسف الشديد هذا الوريد هو في جسد الجنوب ومن ابنائه الجنوبيين … فاتفاق جدة لابد منه وضرورة ملحة ولو للمرحلة الحالية هذه على الاقل وحتى تتشكل النخبة الواعية لدراسة المرحلة القادمة وامكانية ايجاد الحل الدائم والمناسب لاستقرار الاوضاع بين حق الجنوبيين وشهوة البسط التوسعي عند اليمنيين ولوضع مداميك الحل الدائم والمستقبلي للاجيال لابد من جولة طويلة من الحوار الثقافي والديني والاجتماعي بين الشعبين الجارين والنخب السياسبة لمناقشة جادة وعقلانية بعيدة عن الاصل والفرع والثورة الام والبنت وغيرها ويقتنع اليمنيين بحق الجار الجنوبي باختيار سبل العيش الكريم والامن التي تناسبه خارج الهيمنة والاستبداد والتعالي ومراعاة الجوار والاخوة الاسلامية غير ذلك فلن تكون اتفاقية جدة بابعد من اتفاقية معاهدة الاردن ووثيقة العهد والاتفاق التي مزقها مشروع اعادة الفرع للاصل والثورة الام ١٩٩٤ م ومابينها حتى ٢٠١٩ م