آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 07:16 م

كتابات واقلام


عَصْرَنَة "ولاية عَدَن"

الثلاثاء - 10 مايو 2016 - الساعة 01:04 م

فؤاد ابوبكر حيمد
بقلم: فؤاد ابوبكر حيمد - ارشيف الكاتب


قال المُؤرِّخ الفِرَنسي "فَرانسْوا ألَارْدْ": (تألـَّفت الثورة الفِرنسية عام 1789م، لِقَمْعِ ما يُعْرَف بالنِظام الإقطاعي، وتَحْرير الفَرْد، والتوزيع العادِل لِمِلكية الأرض، وإلغاء امتيازات النـُبَلاء، وإنشاءِ المُساواة وتبسيطِ الحياة، وتطبيقِ مَبدأ العدالة، والحُرية، والإخاء، وأحدثَ ذلك إزدِهارا حَضاريا رائعا للإنسانية لم يشْهد لهُ التاريخ مَثيلا). أدْخَل البَريطانيون خِلال حُكمِهم لِولاية عَدَن (1839م – 1967م)، وكذا ولاياتِ هونج كونج، وسَنْغفورا، وجَبَل طارق، وجُزُر الفولكلاند، وغيرها، أدخلوا القوانين العَصْرية التي جاؤا بِها من (أوروبا التي نَفَضَت غُبار التخلف والإستعباد إبان الثورة الفرنسية عام 1789م). فَبِفَضل تلك القوانين العَصْرية، صارَت تلك الولايات التي كانت تَحْكُمُها بريطانيا في اسيا وجنوب اوروبا وجنب امريكا، وولاية عَدن، مُزدَهِرة ومَنابِر ِعِلْمٍ وحَضارةٍ يَشعُّ نورُها على جميع المناطق المُحيطة بها والتي كانت لاتزال تـَقبَعُ تحت أنظِمة مُتخلِّفة آنذاك. حين صَارَت ولاية عدن مَيْناءً عالمياً حُرا مزدَهِرا بِحُكم مَوقِعِها الجُغْرافي الفَريد والقوانين العَصْرية المُنْفَتِحة، تَطَلَّب ذلك الإزدهار أن تسْتجلِب بريطانيا الكثير من الأيدي العامِلة الماهِرة من مناطق مُختـَلِفة من آسيا وشرق إفريقيا واوروبا، والتي كانت تَحمِلُ ثقافات وحضارات مُتنوعة. عزَّز قدوم أولئك الأجانب (وكان مُعظمهم من المسلمين) ذلك الإزدِهار بِثقافاتهم وخِبراتهم، واندَمَج مُعظمهم أو تزاوجَ مع سُكانِ عدن العَرب الأصليين وشكَّلوا بَوْتـَقـَة استنْبَطَت القوانين والتقاليد العَصْرية، وصارت عدن مِنارَة يَشعُّ مِنها العِلم والعَدْل والمُساواة على المنطقة كُلِّها. بعد الإستقلال، حافـَظَت النُخَب التي تربَّت تحت مِظلَّة بريطانيا المُتحَضِّرة في هونج كونج، وسنغفورا، وجبل طارق، وجُزر الفولكلاند، على ذلك الإرث الحَضاري، وواكبوا العصر. إبَّان إستقلال عدن عام 1967م، كانت تـُديْر مَرافقها، النُخَب العَدَنية التي تـَشَرَّبت الحَضارة البريطانية العَصْرية (كون أن مُعظم النُخَب "الأجنبية" كانت قد خَرجَت من ولاية عدن مع خروج البريطانيين)، فحَدَثَ أن قَـَفَز إلى السُلطة مَجاميع جاءَت من مَناطق الرِّيف المُحيطةِ بِحدود عدن البرّية، من الشرق والشمال والغرب والتي لم تمسُّها حضارة بريطانيا. كانت المجاميع التي قَفَزت إلى السُلطة، تَعـْتـَبِرُ تلك الإدارة العدنية والقوانين العصرية السارية، مُخالِفة للإرث القديم الذي كان يَسُودُ مناطِقَها، فشَعُرَت النُخب العدنية بِوجودِ رَفَضٍ لها ونُفورٍ ومُضايقات من تلك المجاميع، فأضْطُرَّت مُعظَم تلك النُخَب تَرك وطَنَها الأُم عَدن، لِتَتغرَّب في مناطِق الخليج وأوْروبا وأمريكا، وتوقفت بالتالي مَسِيرة التقدُّم والتنْمية في ولاية عَدن ألتي كان يَجِب أن تكون الآن بِمُستوى رَخَاء ولايات هونج كونج، وسنغفورا، وجبل طارق وغيرها. كَتَبَ الكثير من الكُتـَّابِ، مُنادِيِيْن بِضَرورةِ مَنْحِ عَدن "حُكم وإدارة خاصةبها" إسْوَة بِالولايات المُزدهرة الأخرى التي تركتها بريطانيا، وذلك من خِلالِ التعاقدِ مع جِهات أجنبية "مُتخصِّصَة" لإعادة تأهيل عَدن وإستِعادةِ مَجْدِها الغابِر (بِحُكم موقِعها الجغرافي الفريد)، والذي بالتالي سَيُؤثر إيجابا على المحافظاتِ المُحيطةِ بعدن ... فهل من مُجيب؟.