آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 07:58 م

كتابات واقلام


لكي يكون العود أحمد!

الخميس - 21 نوفمبر 2019 - الساعة 09:30 ص

سالم الفراص
بقلم: سالم الفراص - ارشيف الكاتب


ما لحق بالمدن الجنوبية ومنها المحافظة عدن بعد أحداث اغسطس 2019م وحتى عودة الحكومة عقب التوقيع على اتفاقية الرياض، ليس هيناً ولا بسيطاً، فقد شهدت العاصمة عدن كونها كانت محور وهدف ومكان تركز المواجهات والصراعات وإثبات الوجود والحسم اصنافاً شتى من المظالم والمعاناة لحقت بالأرض والبشر والقيم والنظم والقوانين فاقت اضعاف ما كانت عليه الأوضاع قبلاً.

ارتفعت الاسعار .. توقف صرف الرواتب لقطاعات واسعة من المجتمع .. تراجعت نسب أداء المؤسسات الخدمية والأمنية والقضائية .. شاعت كثير من مظاهر الخروج عن القوانين والتعدي على مقدرات وحقوق الناس .. سادت واستفحلت نوازع التجرؤ على وجود الآخر وأمنه واستقراره لتضيق إلى حدود مخيفة فرص النأي بالنفس والفوز بالسكينة.

معانات ومكابدات وممارسات لم تكن من بنات ما بعد احداث أغسطس وحدها بل كانت امتداداً لتراكمات فشل وفساد مالي وسياسي واجتماعي واقتصادي وقيمي وثقافي وتربوي يعود عمرها إلى ما قبل 1994م، احدثت وعلى نحو متصل اختلالات وشروخاً وتصدعات عميقة في جسد وذاكرة ووعي الانسان اليمني جعلته يتخبط دون طائل طلبا للخلاص مما هو فيه ،الذي ظل مقتصرا على المباعدة بينه وبين تطلعاته تلك،ممهورة بتتايع الانتكاسات المتواصلة التي عكفت على إعادة انتاجها الحكومات المتعاقبة والأحزاب على مختلف مشاربها ونخبها السياسية.

ورغم ذاك فان المبشّر والمحزن في آن هو أن الشارع اليمني وبالذات منه الشارع الجنوبي، الذي ما انفك يشكل الحاضن لأية حلول مرجوة قادمة، مازال يحمل في جنباته ونبضه آمال المستقبل المفتوح على خيارات أجمل وأبقى وذلك من خلال ما اصبح ينتظره من نتائج اتفاق الرياض الذي اشتمل على اشتراك أطراف أخرى عربية واقليمية ودولية إلى جانب الطرف اليمني بشقيه الجنوبي والشمالي لاخراج اليمن من حالة الفوضى واللا دولة والانفلات غير المسبوق في مختلف مناحي الحياة.
ولهذا فإن أول بوادر هذه الحلول لمشكلاته قد أصبح يرها بعودة رئيس الوزراء بصحبة عدد من أعضاء الحكومة وما ستليها من اجراءات لتشكيل حكومة كفاءات وتعيين محافظين ومدراء أمن بهدف الولوج في مرحلة اخرى جديدة تلبي حاجة ومتطلبات الانسان في اليمن عموماً والجنوب خصوصاً للخروج من جملة آلامه وانتكاساته ومعاناته كأساس ومنطلق لاستقرار وضمان تماسك واستقرار المنطقة من حوله.
ومن هذا المنطلق فإنه مايجب ان تكون عليه عودة الحكومة هي عودة مغايرة مبشرة وأن تكون عوناً على استعادة الحياة إلى مجراها الطبيعي من خلال ضمان اسباب عودة النظام والقانون، وتفعيل وانجاح نشاط المؤسسات بمختلف جوانبها من خلال وضع أسس لرأب التصدعات والشروخ داخل المجتمع، وتعيد سُبل الالتفاف والتعاضد لتأصيل وتفعيل مرحلة جديدة تخرج المجتمع اليمني من جملة معاناته، وتلحقه بالمستقبل الذي غابت أو كادت ملامحه أن تغيب.
ولعل ما يزيد من تفاؤلنا هو اعتقادنا في ادراك أطراف الحل من دول عربية ودول الجوار أن مصيرهم ومصيرنا بات معقوداً على استقرارنا وضمان واستعادة حقوقنا في العيش الكريم والديمقراطية والبناء والتطور وتقرير المصير.